وسط تصاعد التوترات بشأن القضية الفلسطينية، أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول مستقبل قطاع غزة موجة من الغضب والرفض العربي والدولي، حيث تحدث ترامب عن إمكانية تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، وتحويل غزة إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، وهو ما اعتبرته الدول العربية انتهاكًا صارخًا للحقوق الفلسطينية وتهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة، وجاءت هذه التصريحات كاشفة لنوايا الأمم المتحدة المناصرة للاحتـــلال، والتي تشكل تصعيدًا خطيرًا ضد الفلسطينيين، ما دفع الدول العربية إلى تكثيف تحركاتها لعقد قمة طارئة في القاهرة لمواجهة هذه المخططات وإعادة التأكيد على الثوابت العربية تجاه القضية الفلسطينية.
رفض عربي قاطع لخطط التهجير
واجهت تصريحات ترامب رفضًا حاسمًا من الدول العربية، التي أكدت تمسكها بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني ورفضها لأي محاولات تهدف إلى تهجيره من أرضه وقمع حريته، فقد شددت مصر والأردن على أن الحل العادل يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الموقف الذي يحظى بدعم وتأييد أغلبية دول العالم، كما أكدت المملكة العربية السعودية، والإمارات، وقطر، والكويت دعمها لهذا التوجه، مشيرة إلى خطورة أي إجراءات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي بالفترة الأخيرة، سلسلة من الاتصالات المكثفة مع نظرائه في الدول العربية، شملت السعودية، الإمارات، الكويت، سلطنة عمان، البحرين، الأردن، العراق، الجزائر، تونس، موريتانيا، والسودان، بهدف تنسيق المواقف العربية وتعزيز الجهود الدبلوماسية لمواجهة أي محاولات لفرض حلول غير عادلة على الفلسطينيين، مشددًا خلال اتصالاته على أن التهجير القسري يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتهديدًا للاستقرار الإقليمي وتصفية القضية، مما يستدعي تحركًا عربيًا موحدًا لمواجهته.
موقف الأزهر والرفض الشعبي
ولم يقتصر الرفض على المستويات السياسية والدبلوماسية فحسب، بل امتد ليشمل المؤسسات الدينية والمجتمعات العربية والإسلامية,وأصدر الأزهر الشريف بيانًا شديد اللهجة، عبر منصة "إكس" X، أكد فيه رفضه القاطع لأي مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم، مشددًا على أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بمثل هذه السيناريوهات، التي أصبحت مكشوفة ولن تنطلي على أحد، واصفًا إيها بــ"خدعة لن تتكرر"، وأكد البيان أن فلسطين ستظل جزءً لا يتجزأ من العالم العربي والإسلامي، وأن أي محاولات لطمس هويتها ستسجل في صفحات التاريخ كجرائم ضد الإنسانية.
القمة العربية الطارئة في القاهرة
استجاب الوطن العربي لهذه التطورات، وتقرر عقد قمة عربية طارئة في القاهرة يوم 27 فبراير 2025، لبحث تداعيات التصريحات الأمريكية الأخيرة، ووضع استراتيجية موحدة لمواجهة أي تحركات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من وطنهم، ومن المتوقع أن تركز القمة على:
تأكيد الموقف العربي الرافض للتهجير القسري، والدعوة إلى التمسك بحل الدولتين كخيار وحيد يضمن حقوق الفلسطينيين.
تعزيز التنسيق الدبلوماسي العربي، من خلال تفعيل دور الجامعة العربية وممارسة ضغوط دولية لمنع أي محاولات لفرض حلول غير عادلة على الفلسطينيين.
إطلاق مبادرات سياسية ودبلوماسية دولية، لحشد الدعم العالمي لصالح القضية الفلسطينية، وإعادة التأكيد على الالتزام بالقرارات الدولية ذات الصلة.
موقف المجتمع الدولي
لم تقتصر المعارضة على الدول العربية، بل لاقت تصريحات ترامب رفضًا دوليًا واسعًا، حيث اعتبرت العديد من الدول أن مثل هذه الطروحات تعيق جهود السلام وتهدد الأمن في الشرق الأوسط، كما أدانت منظمات حقوق الإنسان الدولية هذه الأفكار، مؤكدة أنها تتعارض مع القانون الدولي وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
تعتزم الدول العربية على التصدي لأي محاولات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، مستندة إلى إجماع عربي ودولي رافض للتهجير القسري، ومع اقتراب موعد القمة الطارئة في القاهرة، يبقى السؤال: كيف ستتمكن الدول العربية من ترجمة مواقفها إلى خطوات عملية على أرض الواقع من شأنها اجبار المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة؟