أثار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب موجة من الجدل بتصريحاته حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مجاورة، في خطوة تعكس توجهًا نحو فرض سياسة الأمر الواقع دون اعتبار للقانون الدولي أو حقوق الإنسان.
هذه الفكرة، التي تستدعي إلى الأذهان تجارب تاريخية فاشلة في التهجير القسري، تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول تداعياتها المحتملة على القضية الفلسطينية والمنطقة بأكملها.
في ظل هذه المعطيات، يواجه العالم اختبارًا حقيقيًا لمبادئ الشرعية الدولية، فهل يمكن تمرير مثل هذا المخطط في ظل المتغيرات الجيوسياسية الراهنة؟ وما هي الأدوات التي يمتلكها الفلسطينيون والمجتمع الدولي لمواجهة هذه التحديات؟ هذا ما سنناقشه في السطور القادمة، عبر تحليل أبعاد هذه الخطة المثيرة للجدل وتداعياتها القانونية والسياسية.
وفي هذا الإطار يتحدث الدكتور محمود الافندي لبلدنا اليوم الباحث السياسي
قال الدكتور محمود الأفندي، الباحث المتخصص، إن القانون الدولي لا يمكن أن يقبل بأي شكل من أشكال التهجير القسري أو التغيير الديمغرافي لأي أرض، مشيرًا إلى أن القضية الفلسطينية معترف بها في قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، مما يجعل تصريحات ترامب في هذا الشأن خارجة تمامًا عن إطار القانون الدولي.وأكد الأفندي أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لطالما تعاملت مع القانون الدولي وكأنه "قائمة طعام" تختار منه ما يناسب مصالحها، مستشهدًا بحروب العراق وأفغانستان، التي تم تبريرها إعلاميًا بذريعة أسلحة الدمار الشامل، رغم افتقارها للشرعية القانونية.
وأوضح أن ترامب، بخلاف من سبقوه، يتعامل مع القانون الدولي بجرأة غير مسبوقة، معتمدًا على سياسة فرض القوة دون مواربة، مما يعكس النهج الحقيقي للولايات المتحدة. ولفت إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة حول تهجير الفلسطينيين لا تعدو كونها محاولة لاستفزاز المجتمع الدولي، في ظل التغيرات التي يشهدها العالم خاصة في سياق الحرب الأوكرانية-الروسية، والصراعات الإقليمية الأخرى.
وأشار الباحث إلى أن ترامب يبدو وكأنه يسعى لإرساء "قانون دولي جديد"، حيث تتشكل العلاقات الدولية بناءً على موازين القوة بين الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، دون اعتبار لأوروبا أو القارات الأخرى.
واعتبر أن ما يفعله ترامب هو نوع من الدعاية السياسية، تهدف إلى إعادة فرض الهيمنة الأمريكية، في وقت بدأت فيه الولايات المتحدة تفقد قوتها الناعمة.
وأضاف الأفندي أن الحل الأمثل للقضية الفلسطينية يكمن في حل الدولتين، إلا أن ترامب يسعى لإنهاء هذا التصور نهائيًا، من خلال فرض نموذج "دولة واحدة"، تكون إسرائيل هي المسيطرة فيها، بينما يتم تهجير الفلسطينيين.
وأشار إلى أن هذا النهج يعكس سياسة فرض القوة التي يتبناها ترامب ونتنياهو، والتي امتدت لتشمل ليس فقط فلسطين، بل حتى دولًا مثل كولومبيا والمكسيك وكندا وأوروبا.
وشدد على أن الدول العربية والإسلامية لن تقبل بهذه السياسات، وأن المجتمع الدولي لا يمكنه تجاهل هذه التحركات، التي تشكل انتهاكًا صارخًا لكل الأعراف الدولية.