في ظل الجدل الذي أثاره تصريحات ترامب الأخيرة بشأن قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحديث عن الملف الإيراني، مشيراً إلى رغبته في رؤية إيران كدولة عظيمة ومزدهرة.
وأكد، عبر منشور على حسابه في "تروث سوشيال"، أنه يفضل التوصل إلى "اتفاق سلام نووي" بدلاً من أي تصعيد عسكري أو تفتيت للبلاد، نافياً بذلك التقارير التي زعمت نية واشنطن التعاون مع إسرائيل لإضعاف إيران.
وأشار ترامب إلى أن هذا الاتفاق سيضمن لإيران النمو والازدهار السلمي، داعياً إلى البدء الفوري في العمل عليه، ومؤكداً أن توقيعه سيُحتفل به في الشرق الأوسط بشكل كبير.
تأتي هذه التصريحات في وقت تحدث فيه مصدر سياسي إسرائيلي عن شروط أميركية صعبة تجاه طهران، مستبعدًا أي مفاوضات قريبة. ومع ذلك، بدت إيران أكثر مرونة.
حيث أعلن وزير الخارجية عباس عراقجي استعداد بلاده للحوار، مشيرًا إلى إمكانية إيجاد حلول للملف النووي الذي تعتبره واشنطن العقبة الرئيسية في علاقتها مع طهران.
قال الباحث في الشأن الإيراني وقضايا الشرق الأوسط، أسامة حمدي، لبلدنا اليوم
إن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن منع إيران من امتلاك سلاح نووي جاءت بالتزامن مع توقيعه مرسوماً يقضي بإعادة فرض العقوبات على طهران ضمن استراتيجية "الضغوط القصوى".
وشدد على أن هذه العقوبات استهدفت قطاع النفط والصادرات الإيرانية، بالإضافة إلى فرض قيود صارمة تمنع الدول والشركات من شراء النفط الإيراني، وذلك بهدف خنق الاقتصاد الإيراني ومنعها من تطوير برنامجها النووي.
ولفت حمدي إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتخذ فيها ترامب مثل هذه الخطوة، فقد سبق له خلال ولايته الأولى الانسحاب من الاتفاق النووي عام 2018، الذي كان قد وقعه سلفه باراك أوباما في 2015، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية شديدة على إيران حتى نهاية ولايته.
وأوضح أن الرئيس جو بايدن واصل سياسة العقوبات، لكنه خفف بعض قيودها في محاولة منه لتقديم بادرة حسن نية تجاه طهران.
وأضاف حمدي أن سياسة العقوبات لن تكون فعالة في مواجهة دولة باتت على العتبة النووية، حيث أصبحت إيران تمتلك خبرة واسعة في تجاوز القيود الاقتصادية من خلال تعزيز التصنيع المحلي، وفتح أسواق جديدة خاصة في العراق.
كما شدد على أن طهران طورت شبكات تهريب متقنة لتصدير النفط عبر وسطاء وسماسرة، مما يمكنها من الاستمرار في بيع النفط وتحويل الأموال بطرق معقدة عبر البنوك الأجنبية وحسابات مالية يتم فتحها وإغلاقها سريعاً بعد إتمام المعاملات.
وفيما يتعلق بالموارد الاقتصادية، أوضح حمدي أن إيران تعتمد على قطاعات اقتصادية متنوعة، حيث تملك موارد طبيعية كبيرة، كما تعتمد على الزراعة وصناعة السجاد والمنسوجات، مما يوفر لها اكتفاءً ذاتيًا في الغذاء، بل ويمكنها تصدير المنتجات الزراعية إلى دول الجوار عبر حدودها الواسعة.
أما بشأن الملف النووي، فقد أشار حمدي إلى أن إيران تمتلك الآن كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة جدًا من 90% المطلوبة لصنع قنبلة نووية. وأضاف أن إيران قادرة على رفع مستوى التخصيب إلى 90% بسهولة إذا قررت ذلك، مما يجعلها قريبة جدًا من امتلاك سلاح نووي.
وفي ختام تحليله، شدد حمدي على أن العقوبات الأميركية لم تحقق نتائج ملموسة في وقف التطور النووي الإيراني على مدار العشرين عامًا الماضية.
وأوضح أن الحل الأمثل هو تبني سياسة شاملة لنزع أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، بما في ذلك الترسانة النووية الإسرائيلية، بدلاً من تبني سياسة المعايير المزدوجة، التي ترفضها إيران داخليًا وعلى المستوى الإقليمي.