للحد من الغش.. تطبيق نظام البوكليت في امتحانات الشهادة الإعدادية

تختلف طريقة التعامل معها ..

الاربعاء 11 ديسمبر 2024 | 03:31 مساءً
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
كتب : محمود الطحاوي

يعد الغش في امتحانات الشهادة الإعدادية من أكثر الظواهر السلبية المنتشرة في المدارس بجميع أنحاء العالم. 

وتختلف طريقة التعامل معها من مكان لآخر، حيث يُعد الغش من أخطر المشاكل التي يواجهها التعليم، وأكثرها تأثيرًا على المجتمع والطالب. 

الأمر الذي يتطلب تضافر جهود متعددة للتقليل من هذه الظاهرة والقضاء عليها. ومع استعدادات وزارة التربية والتعليم لامتحانات الفصل الدراسي الأول للشهادة الإعدادية، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن القضاء على الغش وتسريب بعض الامتحانات؟

التطور التكنولوجي وزيادة الغش

تشهد ظاهرة الغش تطورًا متزايدًا في ظل التقدم التكنولوجي، الذي أفرز أنواعًا جديدة من الغش. حيث يسمح بعضها للطالب بالاتصال مع أشخاص خارج اللجنة. 

وتتصدى وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني لهذه الآفة، وكذلك لعمليات تسريب بعض الامتحانات عبر مجموعة من الإجراءات لمكافحتها.

إجراءات وزارة التربية والتعليم لمكافحة الغش

وخلال هذا التقرير، نفتح الحوار مع وزارة التربية والتعليم وخبراء التربية وأولياء أمور طلبة الشهادة الإعدادية، 

ونستعرض آرائهم حول خطة وزير التربية والتعليم هذا العام في تقليل ظاهرة الغش في الامتحانات، من خلال وضع "باركود" على ورقة الامتحان. هل تنجح هذه الخطة في القضاء على هذه الأزمة؟ وهل ستساعد في تحقيق العدالة بين طلاب الشهادة الإعدادية في تأمين اللجان وتوفير بيئة عادلة للطلاب، بحيث يحصلون على الدرجات المستحقة بناءً على تقييم عادل؟

نظام البوكلت لامتحانات الشهادة الإعدادية

وفي هذا السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم، شادي زلطة، في تصريحات خاصة لـ "بلدنا اليوم" ، أن الوزارة قررت تطبيق نظام امتحانات الشهادة الإعدادية هذا العام بنظام "البوكلت"، حيث يتم دمج ورقة الأسئلة مع كراسة الإجابة. 

ويتم وضع باركود على أوراق الأسئلة الخاصة بكل لجنة، مع تظريف كل (20) ورقة "كراسة بوكلت" في كيس محكم لا يُفتح إلا داخل لجنة السير بمعرفة الملاحظين، ويوقع على محضر الفتح الذي يتضمن موعد الفتح وتاريخ اليوم واسم المادة.

وأضاف زلطة أن الوزارة تكثف من جهودها للقضاء على أساليب الغش، حيث تُؤمّن اللجان جيدًا تحت إشراف ورقابة مديريات التربية والتعليم. لافتًا إلى أن كافة المديريات على مستوى الجمهورية تضم غرف عمليات مركزية تقوم بمراقبة سير الامتحانات لضمان انتظامها. 

وأكد أن كل محافظة مسؤولة عن الإشراف على المديريات التعليمية التابعة لها، بما يتعلق بالإجراءات التأمينية وأوراق الامتحانات.

وتابع زلطة، أن هناك إجراءات تأمينية مشددة لصناديق أوراق الامتحانات، بدءًا من خروجها من المطابع وصولًا إلى اللجان الفرعية، تمهيدًا لتوزيعها على الطلبة. 

مشيرًا إلى التنسيق الكامل بين المديريات والمحافظات فيما يخص الإجراءات التأمينية لمكافحة الغش في الامتحانات.

الغش وتأثيره على العملية التعليمية

من جانبه، أكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، أن الغش في الامتحانات يمثل تحديًا كبيرًا لقيم التربية والتعليم. 

لافتًا إلى أن الامتحانات تعتبر وسيلة رئيسية لتقييم تحصيل الطلاب، وضمان تحقيق مبدأ التساوي والعدالة. لذا، يعد الغش تصرفًا يخل بكل هذه القيم. وأشار إلى أن مسؤولية مكافحة الغش تقع على عاتق الأساتذة والمؤسسات التعليمية.

وأشار مغيث إلى أن الامتحانات هي عنصر أساسي في عملية التعليم، فهي تقيم فهم الطلاب وقدراتهم، وتسهم في بناء مهارات التفكير والتحليل.

 ومع ذلك، يعد الغش تهديدًا للعملية التعليمية بشكل عام، حيث يمكن أن يسيء إلى مبادئ التفوق الأكاديمي، ويؤدي إلى فقدان الطلاب فرص التعلم الحقيقية. ويظهر سلوكًا سلبيًا يعكس قلة الاعتماد على النفس وعدم الالتزام بالقيم التربوية. 

وقال إن الطلاب الذين يميلون إلى الغش يفتقرون إلى الرغبة في بذل الجهد والاعتماد على جهودهم الشخصية.

وشدد الخبير التربوي على أهمية تعزيز قيم النزاهة والاعتماد على النفس، من خلال تنظيم فعاليات توعية وورش عمل حول أهمية النجاح الشخصي والتعلم الحقيقي، بالإضافة إلى تحفيز الطلاب على تحقيق النجاح بالاعتماد على النفس.

الغش وتأثيره على القيم الأخلاقية

وأوضح مغيث أن ظاهرة الغش تؤدي أيضًا إلى ضعف القيم الأخلاقية لدى الطلاب، حيث يصبح الغش وسيلة للتفوق على الآخرين بدلاً من الاعتماد على الجهد الشخصي والمثابرة. 

وأكد أن هذا يمكن أن ينعكس لاحقًا في سلوكهم في الحياة المهنية، حيث يلجأ البعض منهم إلى التهرب من المسؤوليات أو استخدام أساليب غير مشروعة لتحقيق الأهداف.

وأشاد مغيث بقرار وزير التربية والتعليم بتفعيل نظام وضع "باركود" على ورقة الامتحان للحد من الغش. وركز على أهمية تفعيل الأنظمة واللوائح التي تمنع وتواجه هذه الظاهرة، مثل تطبيق عقوبات صارمة على الغشاشين، وتعزيز ثقافة النزاهة والشفافية في جميع المراحل التعليمية.

 وشدد على ضرورة توعية الطلاب وأولياء الأمور بخطورة الغش وأثره السلبي على مستقبلهم، مشيرًا إلى أن الحلول تتطلب تعاونًا من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الإدارات التعليمية والمعلمين والمجتمع بشكل عام.

التصدي للغش الإلكتروني

من جانبه، أكد الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، أن ظاهرة الغش تعتبر أحد التحديات الكبيرة التي تمثل خطرًا على العملية التعليمية. وأشار إلى أن الغش يحمل آثارًا سلبية واسعة، ويقلل من قيمة التعلم الحقيقي والتقييم الفعّال. وأضاف أن الغش يضر بجهود الحكومة المصرية لتحسين مستوى التعليم، ويشوه النظام التعليمي.

وأوضح حجازي أن ظاهرة الغش باتت تتنوع من الغش التقليدي إلى الغش الإلكتروني عبر الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية. وأكد أن الوزارة يجب أن تشدد الرقابة على هذه الوسائل، وأن تستخدم أجهزة التشويش على الهواتف المحمولة أثناء الامتحانات، وهي أجهزة متوفرة في مصر ودول أخرى، التي يمكن أن تحد من استخدام الهواتف وتقلل من الغش الإلكتروني.

دور الأسرة والمجتمع في مكافحة الغش

وأشار حجازي إلى أن مكافحة الغش تتطلب جهودًا مشتركة من المؤسسات التعليمية والحكومة والمجتمع. وأكد أن الأسرة تلعب دورًا مهمًا في مواجهة الغش، من خلال غرس القيم الأخلاقية في نفوس الأبناء منذ الصغر، وتوضيح الآثار السلبية التي يسببها الغش على الفرد والمجتمع.

آراء أولياء الأمور حول تقنية الباركود

أعرب أولياء الأمور عن سعادتهم بتطبيق تقنية "الباركود" على امتحانات الشهادة الإعدادية، مؤكدين أن ذلك في مصلحة الطلاب ويحقق العدالة بينهم في الحصول على الدرجات عن استحقاق. وأشاروا إلى أن هذه التقنية مهمة وتحد من فرص تسريب وتداول الامتحانات، وإن كانت لن تمنعها تمامًا.

وقالت إحدى أولياء الأمور، "ع . ف": "وضع الباركود على ورقة الطلاب سيردع الطلبة من تصوير الورقة خوفًا من التعرف على هوية من يقوم بالتسريب. لكن الإجراء ليس كافيًا، لابد من التنويع في نماذج الأسئلة داخل اللجان".

وأضافت "ط . ر": "نتضامن مع وزير التربية والتعليم في أي قرار يحول دون انتشار الغش بين الطلبة، وأتفق مع وضع الامتحان بنظام "البوكلت". لكن يجب تعميم القرار على جميع المديريات التعليمية على مستوى المحافظات، حتى يكون هناك عدالة بين الطلاب في كافة المحافظات. كما يجب تشديد الرقابة على اللجان ومنع دخول أي طالب بحوزته أجهزة الموبايل".

اقرأ أيضا