وجود وزارة مستقلة للتعليم الفني يثير الجدل.. خبراء ينقسمون حول جدواها

الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 | 02:48 مساءً
البرلمان
البرلمان
كتب : محمود الطحاوي

تولي الدولة أهمية كبيرة بالتعليم الفني، إيماناً منها بضرورة تطوير قدرات الشباب وتأهيلهم لمواجهة التحديات المتزايدة في سوق العمل، الذي يسهم بشكل مباشر في تنمية الإقتصاد الوطني، حيث يعمل على خلق جيل من العمالة المؤهلة التي تستطيع تلبية احتياجات القطاعين الصناعي والتجاري، كما أن التعاون بين الحكومات والمجتمع الصناعي يلعب دورا مهما في توجيه المناهج الدراسية وتطويرها، بحيث تتماشى مع المستجدات التكنولوجية ومتطلبات السوق.

يعد التعليم الفني عنصرا أساسيا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لأي دولة، وخصوصا فيما يتعلق بتعزيز القدرة التنافسية وتحسين مستوى الحياة، لذا فإن الإستثمار في التعليم الفني وتطويره يعكس رؤية مستقبلية واضحة، وقد تسبب مقترح ضرورة وجود وزارة مستقلة خاصة بالتعليم الفني جدل بين النواب ما بين مؤيد و معارض، مؤكدين على ضرورة تطوير التعليم الفني، بما يقلل فاتورة الاستيراد من الخارج وإزالة العراقيل، لدعم الاستثمار في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، بما ينعش قطاع التعليم الفني.

الدولة تنافش الخطة المستقبلية لتطوير التعليم الفني

ومن جانبه قال الدكتور أيمن بهاء الدين البصال في تصريحات خاصة، إن الدولة والقيادة السياسية تدعم التعليم الفني وتطويره، وتعمل على توفير فرص متساوية لكل المصريين، وتنمية الاقتصاد المصرى وخلق جيل قادر علي التنافس فى سوق العمل، مضيفا أن القوة البشرية تعد أهم مصادر الدخل للدولة المصرية، حيث تستكمل الوزارة الخطة الاستراتيجية للتعليم الفني والتي بدأت منذ فترة طويلة.

وأضاف البصال، أن الوزارة تعطي إهتمام كبيرا للتعليم الفني حيث تقوم بعمل ورشة عمل بعنوان "التخطيط الاستراتيجى للتعليم الفنى "2024"، لمناقشة الخطة المستقبلية وتطوير الاستراتيجية الخاصة بالتعليم الفني وفق رؤية مصر 2030، وذلك مع شركاء التنمية، حيث تتضمن الخطة خمسة محاور رئيسية، لتشمل 10 محاور أساسية وتعديل بعض الأهداف الفرعية، لتصبح محاور أساسية، بالإضافة لأهداف مجملة تم ترجمتها لمجموعة من المشروعات وصلت إلى 120 مشروع؛ مشيرا إلى أن الورشة تتضمن استعراض هذه المشروعات بالتفصيل وبمشاركة عدد كبير من الشركاء الصناعيين دور كل شريك، وذلك بهدف تضافر كافة الجهود لتحقيق التنمية المستدامة.

وأوضح الدكتور بهاء الدين، أن وزارة التربية والتعليم والتعليم تبذل جهوداً كبيرة لتحسين نظام التعليم الفني في البلاد، وذلك من خلال إعادة هيكلة المناهج التعليمية بحيث تُعتمد على منهجية الجدرات التي تركز على تطوير المهارات المستدامة والمهنية، وتدريب وتأهيل المعلمين لضمان جودة التعليم، وكذلك إشراك القطاع الخاص في تطوير التعليم الفني لتعزيز سبل التعاون بين التعليم وسوق العمل، مما يساعد الطلاب على التكيف بشكل أفضل مع احتياجات السوق، وإدخال تخصصات جديدة وغير مسبوقة مما يسهم في فتح آفاق جديدة للطلاب ويعزز من فرصهم الحصول على وظائف مناسبة.

إشراك القطاع الخاص في جميع مراحل التعليم الفني

وأشار الدكتور أيمن إلى أهمية التعاون وإشراك القطاع الخاص في جميع مراحل التعليم الفني في مصر، مُبرزًا الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه الشركات الكبرى في تطوير المناهج الدراسية، مؤكدا أن ورش العمل التي يتم تنظيمها بمشاركة هذه الشركات والاتحادات والغرف المختلفة، والتي تهدف إلى وضع مناهج تتناسب مع الجدارات المطلوبة في سوق العمل، مشيرا إلى أهمية مشاركة القطاع الخاص في إدارة مدارس التكنولوجيا التطبيقية، والمساهمة في إعداد المناهج وإجراء الاختبارات، مشددا على رفضه لأي مقترحات تتعلق بتعديل نظام التعليم الفني في مصر، وضرورة استقرار هذا النظام وتطويره بدلاً من تغييره.

وفي هذا الصدد قال النائب محمود قاسم عضو مجلس النواب، في تصريحات خاصة لبلدنا اليوم، إن تطوير التعليم الفني من أهم أولويات الدولة من أجل ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وكذلك تطوير المناهج لكي تتماشى مع احتياجات سوق العمل، وإقامة برامج تدريبية للمدربين المتخصصين وإعداد قائمة بيانات للخريجين لتسهيل فرص العمل، مؤكدا على ضرورة توفير ميزانية لتطوير البنية التحتية للمدارس، ودعم الصحة النفسية للطلاب من خلال منهج مخصص، وتقديم منح دراسية للطلاب المتفوقين لتشجيعهم على الاستمرار في التعليم الفني.

مجلس النواب يسعى لتحقيق تحسين شامل في التعليم الفني

واضاف النائب محمود قاسم، أن مجلس النواب يسعى إلى تحقيق تحسين شامل في التعليم الفني، وذلك من خلال التركيز على أهمية الإبتكار والشراكة مع القطاع الخاص، مشيرا إلى أهمية تقديم برامج تعليمية تتناسب مع احتياجات السوق، مما يسهم في خلق فرص للعمل وتمكين الطلاب من تطوير مهاراتهم، كما يُعتبر تغيير النظرة السلبية نحو التعليم الفني جزءًا أساسيًا من الجهود المبذولة لتعزيز قيمته في المجتمع، موضحا ضرورة تحديث التخصصات لتلبية متطلبات العصر الحديث، لكي يصبح التعليم الفني نقطة انطلاق نحو مستقبل مهني افضل للشباب، مما يعزز من ازدهار الإقتصاد المحلي.

وتابع النائب أن الصناعة هي قاطرة التنمية و بدونها تتراجع الدول إقتصاديا، مضيفا أن غياب العنصر البشري ينعكس على القطاع كاملا، وأنه يقلل من فاتورة الاستيراد من الخارج، وتطوير التعليم والعنصر البشري يحقق المصلحة العليا للمجتمع، مشددا على ضرورة تطوير النظرة المجتمعية للتعليم الفني وأن الشراكة مع القطاع الخاص تنهض بالمنظومة كاملة.

واختتم النائب محمود قاسم، أن التنسيق بين الحكومة والمجتمع المدني يعد خطوة هامة لضمان تلقي تعليم فني ذو جودة عالية، إذ يمكن أن يساهم المجتمع المدني في تقديم رؤى ومقترحات تسهم في تحسين وتطوير المناهج وطرق التدريس وتطوير التعليم الفني يعد جزء أساسي من منظومة التعليم في البلاد، إذ يصبح من الضروري تقديم تعليم يتناسب مع احتياجات سوق العمل ويعزز من كفاءة الأفراد، خاصةً ذوي الهمم، من خلال توفير برامج تدريبية مخصصة تدعم مهاراتهم وتساعدهم في الاندماج في المجتمع، وان المطالبة بإنشاء وزارة منفصلة للتعليم الفني تعكس الرغبة في تحقيق توجه خاص لهذا القطاع.

مطالب بوجود وزارة متخصصة في مجال التعليم الفني

وكشف النائب أحمد مهني عضو مجلس النواب، عن أهمية تسهيل الإجراءات وإزالة العراقيل التي تعوق الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، مضيفا أن ذلك يساعد بشكل كبير في إنعاش قطاع التعليم الفني، وأبراز ضرورة تطوير المناهج الدراسية، والاهتمام بالتخصصات المتعلقة بالزراعة والصناعة، مطالبا بوجود وزارة متخصصة في مجال التعليم الفني، لافتا إلى أن المجهودات التي بذلتها وزارة التربية والتعليم لتطوير التعليم الفني، مما ساهم في تأهيل عدد من خريجي هذا النوع من التعليم؛ ليتناسب مع احتياجات سوق العمل المصري وبعض الأسواق الخارجية، مما يعكس أهمية التعليم الفني في دعم الاقتصاد الوطني.

وذكر مهني أن الدولة قد حققت طفرة ملموسة في مسيرة إصلاح منظومة التعليم الفني خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لإصلاح وتطوير التعليم الفني والارتقاء به عالميًا، مشيرا إلى التحول نحو نظام تعليم فني جديد "TE 2.0" بهدف تلبية احتياجات سوق العمل وتحسين جودة التعليم الفني في مصر بما يتوافق مع المعايير العالمية.

التعليم الفني يلعب دورًا حيويًا في الارتقاء بالمجتمع

وفي هذا السياق، قال الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس الأسبق، إن الدولة المصرية حققت العديد من الإنجازات في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي في مجال النهوض بالتعليم الفني، لافتا إلى أن التعليم الفني يلعب دورًا حيويًا في الارتقاء بالمجتمع وتعزيز فرص العمل، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة.

وأكمل حسن شحاتة، أن وزارة التعليم تسعى إلى تعزيز التعليم الفني من خلال زيادة عدد المدارس الفنية وتحديث المناهج لتلبية احتياجات سوق العمل، وذلك سيشمل التركيز على التخصصات المطلوبة مثل الصناعة والبتروكيماويات والذكاء الإصطناعي، بالإضافة إلى المناهج المتعلقة بالتعليم الرقمي والتكنولوجي، كما سيتم توسيع نطاق مدارس التكنولوجيا التطبيقية، التي تهدف إلى تأهيل الطلاب وتجهيزهم لمتطلبات سوق العمل، موضحا أن هذا الاتجاه يعد خطوة هامة لتعزيز الروابط بين التعليم واحتياجات السوق، مما يسهم في تطوير مهارات الطلاب وزيادة فرصهم في الحصول على وظائف مناسبة.

تطوير مناهج التعليم الفني

وأردف استاذ المناهج بجامعة عين شمس أن وزارة التربية والتعليم تبذل جهودًا كبيرة في تطوير مناهج التعليم الفني؛ لتكون متناسبة مع احتياجات سوق العمل، كما تعمل على رفع كفاءات معلمي التعليم الفني عبر تخصصاتهم المختلفة، ليكونوا قادرين على تحقيق المخرجات المستهدفة، مؤكدا على أهمية التعليم الفني باعتباره عصب التنمية في المستقبل، بالإضافة إلى ضرورة تغيير النظرة المجتمعية تجاهه، وتكثيف البرامج التوعوية من خلال وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني؛ من أجل زيادة الإقبال على هذا النوع من التعليم، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 بالجمهورية الجديدة.

واستطرد شحاتة، أن الوزارة أولت اهتمامًا خاصًا بتدريب الطلاب في مدارس التعليم الفني وفقا لنظام الجدارات، الذي يمنح المتعلمين القدرة على إتقان مكونات الأداء المهني قبل تخرجهم، حيث يمتد هذا الاهتمام ليشمل معايير جودة الأداء الحرفي والتنمية المهنية، مما يسهم في إعدادهم بشكل فعّال لسوق العمل، بالإضافة إلى ذلك تعمل الوزارة على تنمية مكونات الخبرة المربية لدى المتعلمين، عبر إكسابهم جوانب النمو المعرفي والمهاري والثقافي، مما يعزز من قدراتهم ويجعلهم أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات العصر.

وأختتم شحاتة، أن الدولة تسعى إلى تحقيق أهداف مهمة في مجال التعليم الفني حتى عام 2030، حيث تهدف إلى زيادة نسبة الطلاب المتفوقين الملتحقين بالتعليم الفني، بما يتماشى مع احتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية المستدامة في مصر، حيث يتطلب التعليم الفني إعداد الطلاب معرفيا وعمليا، خاصة في ما يتعلق بالآلات والأجهزة المستخدمة في القطاعات الصناعية، مضيفا ان تعزيز مهارات الطلاب يكون من خلال تقديم تدريب عملي في المؤسسات الصناعية الكبرى، وذلك بهدف تجهيزهم بشكل أفضل لسوق العمل بعد تخرجهم، كما يؤكد أن وزارة التربية والتعليم يجب أن تظل الجهة المسؤولة عن التعليم الفني، لضمان تطويره وتحديثه بما يتناسب مع التطورات الحالية والمستقبلية في السوق.

اقرأ أيضا