عقدت دار الإفتاء المصرية جلسةً حوارية موسعة برئاسة فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، تناولت الأحكام الشرعية المتعلقة بمرضى ألزهايمر وتأثير المرض على الإدراك والتكليف الشرعي.
الجلسة جمعت بين علماء الشريعة وأساتذة الطب النفسي من جامعة الأزهر، بهدف تحقيق تكامل علمي بين الجوانب الطبية والشرعية في معالجة هذه القضايا.
أهداف الجلسة وتوجيهات المفتي
افتتح الدكتور نظير عيَّاد الجلسة بالتأكيد على أن منهجية دار الإفتاء تعتمد على التكامل بين التخصصات العلمية لضمان صياغة فتاوى تحقق العدالة والرحمة.
وقال: "إن الرجوع إلى أهل التخصص من العلماء والأطباء يمثل ركيزة أساسية في بناء الفتوى، خاصةً في القضايا المستجدة التي تمس حياة الإنسان وصحته".
وأضاف فضيلته أن فهم تأثير مرض ألزهايمر على الإدراك والسلوك يساعد على صياغة أحكام شرعية تتماشى مع الواقع وتلبي احتياجات المرضى وأسرهم.
أثر ألزهايمر على الإدراك
من جانبه، قدَّم الدكتور محمود عبد الرحمن حمودة، رئيس قسم الطب النفسي الأسبق بجامعة الأزهر، عرضًا تفصيليًا حول تأثير ألزهايمر على وظائف الإدراك.
وأوضح أن المرض يؤثر على الذاكرة القريبة، اللغة، والانتباه، مما يؤدي إلى صعوبة التفاعل الاجتماعي واتخاذ القرارات.
وشدد على أهمية التقييم الطبي لتحديد درجة الإدراك لدى المريض ومدى تأثره بالمرض.
الدكتور محمد رمضان، أستاذ الطب النفسي، أشار بدوره إلى أهمية تقييم الجوانب الأربعة للإدراك:
وعي المريض بنفسه.
إدراكه للمكان والزمان.
معرفته بالأشخاص المحيطين به.
قدرته على اتخاذ قرارات سليمة.
وأكد أن غياب أي من هذه الجوانب يؤثر مباشرة على التكليف الشرعي.
التأثير الشرعي
ناقش علماء دار الإفتاء الأبعاد الشرعية لتأثير ألزهايمر، مشيرين إلى أن فقدان الإدراك السليم يرفع عن المريض التكليف في كثير من الحالات.
وأكدوا أهمية التفريق بين مراحل المرض المختلفة لتحديد الأحكام المناسبة لكل حالة.
الأستاذة الدكتورة رضا إسماعيل، أستاذة الطب النفسي، تناولت تأثير المرض على التفكير التجريدي وقدرة المريض على اتخاذ القرارات، مشددةً على دور الوقاية في الحد من الإصابة، مثل ممارسة الرياضة، التغذية السليمة، والمداومة على الأنشطة الذهنية.
اختتمت الجلسة بتوصيات تضمنت:
1. ضرورة التعاون المستمر بين علماء الشريعة وأطباء النفس لتحديث الأحكام المتعلقة بالأمراض العقلية.
2. أهمية تعزيز التوعية المجتمعية حول مرض ألزهايمر وطرق الوقاية منه.
3. صياغة دليل إرشادي للفتوى المتعلقة بمرضى ألزهايمر، يُراعي الحالة الصحية والإدراكية لكل مريض.
في ختام اللقاء، أعرب الدكتور علي عمر، رئيس القطاع الشرعي بدار الإفتاء، عن شكره لجميع المشاركين، مشيدًا بدورهم في تحقيق التكامل العلمي لخدمة قضايا المجتمع.
وأضاف أن هذه الجلسة تمثل نموذجًا رائدًا يُبرز أهمية التكامل بين الدين والعلم في مواجهة التحديات المعاصرة.