أخبار وزارة التربية والتعليم .. تتجدد الأصوات المطالبة بأن تصبح مادة التربية الدينية بالمدارس مادة أساسية، يتم إضافتها للمجموع الكلي، وليست مادة نجاح ورسوب، من أجل اكتساب الطلاب القيم والأخلاق، التي تواجه الإنحلال الأخلاقي والجرائم المنتشرة، لترسيخ المفهوم الصحيح للطلاب، في ظل جهود الدولة لتجديد الخطاب الديني، وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
جهود تبذل من قبل وزارة التربية والتعليم
وعلى الجانب الآخر، هناك جهود تبذل من قبل وزارة التربية والتعليم، ودراسات يتم إجرائها لتحضير منهج ديني شامل يطور من القيم الأساسية المشتركة بين جميع الأديان السماوية، ويكون الإمتحان موحد لكافة الطلاب المسلمين والمسيحيين، بعد لقاءات مع شيخ الأزهر والبابا تواضروس، من أجل الوقوف على الدراسات الخاصة بالأخلاق المشتركة في مادة التربية الدينية.
و كان من بين هذه الأصوات أعضاء من مجلس النواب تنادي بإضافة مادة التربية الدينية إلى المجموع الكلي بالمراحل التعليمية، حيث قال النائب حسام المندوه عضو لجنة التعليم في تصريحات خاصة لـ "بلدنا اليوم"، إننا نعيش أوقات صعبة هذه الأيام، بسبب كثرة إنتشار الجرائم التي تتعلق بالقيم والأخلاق، والتي تتطلب زيادة التوعية الدينية، والأخلاقية بين الشباب، وخاصة في سن المراهقة.
بناء شخصية متوازنة دينيًا ونفسيًا للطلاب
ويعبر النائب عن قلقه بشأن تربية الجيل الجديد في مصر، مشيرا إلى أن هناك حاجة ماسة لدراسة التربية الدينية بطريقة معتدلة وسليمة، الهدف منها بناء شخصية متوازنة دينيًا ونفسيًا للطلاب، في ظل ما يعانيه المجتمع المصري من خلل في هذا المجال، لتعزيز القيم الإيجابية والاستقرار الاجتماعي لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمع.
طالب المندوه وسائل الإعلام بالتركيز على قرار وزير التربية والتعليم، مؤكدا على ضرورة تحفيز المواطنين والطلاب على الالتزام بتعاليم الدين، لافتًا إلى أن هناك قضايا اجتماعية خطيرة مثل الجرائم الأسرية وحالات الطلاق التي شهدت زيادة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، والتي يمكن أن تعزي إلى الإبتعاد عن القيم الدينية والإجتماعية.
تستهدف تربية سليمة قائمة علي التسامح والرفق
وأكد عضو لجنة التعليم، أن إدراج مادة الدين الإسلامي والمسيحي في مادة تدعو إلى الأخلاق، يمكن أن يساهم بشكل كبير في تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية لدى الطلاب، وتتضمن هذه المادة مكونات تعليمية تُعزز التفاهم والاحترام المتبادل بين الأديان، وتُبرز القيم المشتركة، مثل الاستفادة من القيم الأخلاقية التي تتقاسمها الأديان.
واضاف النائب أن تلك القيم تتمثل في الصدق، الأمانة، التعاون، والتسامح، وتاريخ الأديان، و تقديم نظرة تاريخية عن كيفية تطور كل دين، وتأثيره على المجتمعات والأخلاق، وقصص من التراث الديني، واستخدام القصص والمواقف من التراث الإسلامي والمسيحي، لتعليم الدروس الأخلاقية، وتشجيع النقاش، والحوار البناء بين الطلاب.
واعتبر النائب أن مادة التربية الدينية مادة أساسية في التعليم ما قبل الجامعي، وإضافتها إلى المجموع الكلي للدرجات يعدّ خطوة مهمة، لتعزيز مكانتها في المنهج التعليمي، فعندما يشعر الطلاب بأن هذه المادة تؤثر على درجاتهم التي تحدد مساراتهم التعليمية المستقبلية، فإن ذلك سوف يزيد من اهتمامهم ورغبتهم في التعلم والفهم العميق للمحتوى الذي تقدمه.
الفكرة تحمل الكثير من القيم والأخلاقيات
وفي نفس السياق، قال الشيخ عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، تعد مادة التربية الدينية من المواد التي تحمل الكثير من القيم والأخلاقيات، التي تساهم في تشكيل شخصية الطالب وتوجيهه نحو مبادئ الحياة السليمة، وعندما يتم إعطاؤها الأهمية اللازمة من خلال إدراجها في المجموع الكلي، سيكون هناك تحفيز أكبر للطلاب للمشاركة بفاعلية في الدروس والنشاطات المرتبطة بها.
وأوضح "النجار" أن إضافة مادة التربية الدينية للمجموع الكلي في المرحلة التعليمية، تعتبر خطوة مهمة تهدف إلى بناء شخصية النشء بشكل متكامل، فالتربية الدينية لا تقتصر على تعزيز القيم الروحية فقط، بل تشمل أيضًا غرس المبادئ الأخلاقية مثل التسامح، والرفق، والتعاون، والعدالة، مضيفا أن تجديد الخطاب الديني يبدأ من المدرسة، من خلال الاهتمام بحصة الدين، والمقررات التي أصبحت عبارة عن معلومات عامة.
وأشار عضو مجمع البحوث، إلى أن هذه المبادئ تلعب دورًا حيويًا في تشكيل سلوكيات الأفراد وتعاملاتهم مع الآخرين، وعندما تغيب القيم والمبادئ الأخلاقية، يواجه الفرد صعوبة في اتخاذ القرارات الصائبة ويميل إلى التخبط في مواقفه وتصرفاته، ولذلك فإن التربية الدينية تساهم في إعداد نشء واعٍ وقادر على التمييز بين الصواب والخطأ، مما ينعكس إيجابيا على المجتمع ككل، ومن خلال تعزيز هذه القيم بالمناهج الدراسية، يمكن أن نتوقع نشوء جيل يتحلى بالمسؤولية.
وشدد "النجار"، على أهمية مادة التربية الدينية في تشكيل جيل متوازن نفسيا، يتماشى ذلك مع الجهود المبذولة لمواجهة التشدد والتطرف، مضيفا أن التعليم الديني يمكن أن يساهم في تعزيز قيم التسامح والاعتدال، مما يساعد في الحد من السلوكيات المنحرفة والعنف، مستشهدا بجريمة قتل الطالبة في جامعة المنصورة، التي تبرز الحاجة الملحة لتفعيل دور التربية الدينية بالمدارس، في سياق مواجهة ظواهر العنف والتطرف، وتعليم الشباب كيفية التعامل مع الاختلافات بطريقة إيجابية وبناءة.
يتطلب دراسة متعمقة للأبعاد التعليمية والاجتماعية والدينية
وأكد بولا فؤاد رياض، كاهن كنيسة مار جرجس بالمطرية، ان إضافة الدين إلى المجموع النهائي للطلاب يغرس لديهم القيم الأخلاقية والإنسانية، ويعزز الهوية الوطنية، لذلك مادة الدين ذات أهمية كبيرة في تشكيل شخصية الطلاب.
وأضاف أن مقترح الوزير في غاية الأهمية خصوصا خلال الوقت الحالي، لكنه يتطلب دراسة متعمقة للأبعاد التعليمية والاجتماعية والدينية، موضحا أنه من الأفضل أن يدرس كل طالب ديانته، لان جميع الأديان السماوية تدعو إلى الفضائل، ومكارم الأخلاق، والتعامل الإنساني مع الآخر.
لم يثبت أن هناك علاقة موجبة بين المادة وبين القيم والسلوكيات
يؤكد القس دوماديوس حبيب، على أهمية التعليم كأحد الركائز الأساسية لتعزيز الهوية الدينية والثقافية لدى الشباب، مضيفا أن التعليم يمثل درعًا واقيًا لحماية الأبناء من مخاطر الفكر المتطرف والغزو الثقافي، الذي يهدف إلى تشويه القيم والأخلاق، مؤكدا أنه ضد إضافة مادة التربية الدينية للمجموع الكلي للدرجات، لانة لم يثبت حتى الأن بالدليل القاطع، ولا بأي وسيلة بحثية أن هناك علاقة موجبة بين المادة وبين القيم والسلوكيات التي يؤمن بها الإنسان.
كما يرى دوماديوس أن التعليم يجب أن يواجه التحديات المجتمعية، مع ضرورة أن يتسم التعليم في العالم العربي بخصوصية تعكس تطلعات الأمة، وهذا ما يسهم في بناء كفاءات قادرة على قيادة المستقبل وتتحمل المسؤوليات الكبيرة بالإجمال، مضيفا أن فكرة اضافة مادة الدين إلى المجموع تتناقض مع أهمية بناء نظام تعليمي يتماشى مع القيم الثقافية، لضمان تربية جيل واعٍ وقادر على مواجهة التحديات المعاصرة.
خبراء التعليم: ستفتح بابا للعديد من المشكلات
فيما جاءت الآراء حول هذا الموضوع متباينة، حيث يقلق أولياء الأمور بشأن تداعيات هذا الأمر، مشيرين إلى أنه قد يؤدي إلى تفتيت المجتمع وزيادة الانقسامات بين فئات الطلاب، كما يرى خبراء التعليم أن التعليم يجب أن يُعزز من قيم التفاهم والتسامح، بدلاً من أن يُستخدم كأداة لخلق النزاعات.
من جانبه قال الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس الأسبق، لابد التعامل المتساوي مع المواد الدراسية في النظام التعليمي، موضحا أن التفرقة بين المواد قد تؤدي إلى تشويه مفهوم الطلبة حول أهمية كل مادة، مما يجعل بعضهم يعتبرون بعض المواد غير هامة، وهو يبرز دور المدرسة كبيئة مناسبة لتدريس العلوم الدينية الوسطية التي تتسم بالاعتدال والموضوعية.
وأوضح "شحاتة"، أن إضافة الدين إلى المجموع النهائي يساهم بشكل كبير في تعزيز الفهم الصحيح للقيم الدينية، ويعزز الوعي الثقافي والديني لدى الطلاب، وتبرز هذه الرؤية أهمية دمج التعليم الديني بشكل متوازن ضمن المنظومة التعليمية، مما يؤدي إلى تكوين جيل يمتلك معرفة متكاملة وفهم حقيقي لقيمه ومعتقداته.
تابع أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، أن عدم إضافة درجات مادة الدين، سواء الإسلامي أو المسيحي، لا ينبغي أن يُعتبر بمثابة حرية للطلاب، بل هو إهدار لفرصة هامة في تشكيل معارفهم الدينية، لافتا إلى أن التعليم الديني تحت إشراف خبراء تربويين يعد ضرورة لتطوير القيم الدينية لدى الطلاب على أسس سليمة، حيث يساهم هذا النوع من التعليم في بناء شخصية متوازنة تعزز من فهمهم للثقافات والأديان.
تعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات
وشدد "شحاتة"، أن إغفال أهمية المواد الدينية في المقررات الدراسية، يؤدي إلى تفويت فرصة قيمة لتعميق الفهم الديني وتعزيز التفاهم، والاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات والمعتقدات، لذا فإنه يعتبر من الضروري إعادة النظر في كيفية تضمين هذه المواد ضمن النظام التعليمي لتعزيز المعرفة والقيم الإيجابية.
وذكر استاذ المناهج، أن مقترح وزير التربية والتعليم بخصوص إعداد منهج ديني شامل يركز على تطوير القيم الأساسية المشتركة بين جميع الأديان السماوية، يعتبر خطوة مهمة جدًا في الوقت الحالي، مشددا على أن التركيز على القيم الإيجابية التي تتقاسمها الأديان يعزز من روح التفاهم والتسامح بين الطلاب.
ونوة "شحاتة"، على أهمية وجود امتحانات موحدة للطلاب المسلمين والمسيحيين، حيث يساهم ذلك في خلق بيئة تعليمية تشجع على التعاون والتفاعل بين الطلاب، مما يساعد على تنمية الوعي الديني والثقافي المشترك، مضيفا أن هذا النوع من التعليم يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على تعزيز الوحدة الوطنية والتنوع الثقافي، ويساعد في بناء جيل أكثر وعيًا واحترامًا للاختلافات بين الأديان.
اختلاف بين أولياء الأمور
وقالت "منى أحمد" إحدى أولياء الأمور أن موضوع إضافة مادة الدين إلى المجموع النهائي تعتبر إيجابية، مضيفة أن تدريس الدين يمكن أن يساهم في تعزيز القيم الأخلاقية لدى الطلاب، وهذا الرأي يعكس انطباعًا بأن التعليم الديني يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تشكيل شخصية الطالب، وغرس روح القيم والأخلاق الحميدة فيهم.
لكن من الممكن أن تكون هناك آراء أخرى تعارض هذا الطرح، حيث يرى بعضهم أن التركيز على المواد الدراسية الأساسية مهم أكثر من إضافة مواد دينية، أو أن التعليم الديني يجب أن يكون اختياريًا وليس إجباريًا.
بينما هناك رؤية من أحدى أولياء الأمور "هند إبراهيم" تعكس وجهة نظر مهمة في النقاش حول إضافة مادة الدين إلى المجموع الدراسي، إذ تبرز قلقها من الضغط الذي يتعرض له الطلاب بسبب كثرة المواد الدراسية، وتؤكد على أن التعليم الأكاديمي وحده لا يضمن الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية.
ويرى أحد أولياء الأمور أن التعليم الحقيقي يتطلب منهجية تربوية ترتكز على التعامل والمعاملة، وأن التربية الأخلاقية لا تأتي فقط من خلال المواد الدراسية، بل تحتاج إلى بيئة تعليمية تحفز على السلوك الإيجابي والنمو الشخصي.