في خطوة تاريخية نحو الاستقلال والسيادة الوطنية، ألغت الحكومة المصرية في عام 1951 اتفاقية الحكم الثنائي التي كانت قد أبرمتها مع بريطانيا عام 1899، والتي فرضت على السودان نظامًا مشتركًا للحكم.
مثل هذا القرار تطورًا كبيرًا في مسار العلاقات المصرية-البريطانية، حيث كانت مصر ترى أن الحكم الثنائي لا يعكس الإرادة الحقيقية للشعب السوداني ويقوض سيادتها على السودان.
خلفية الاتفاقية وأهدافها
عُقدت اتفاقية الحكم الثنائي بين مصر وبريطانيا في بداية عام 1899، بعد نجاح الحملة البريطانية-المصرية المشتركة في القضاء على الثورة المهدية في السودان.
هدفت الاتفاقية إلى إدارة السودان تحت إدارة مشتركة بين الطرفين، حيث نصت على تقسيم السلطات بين مصر وبريطانيا، ما جعل السودان فعليًا تحت هيمنة بريطانية رغم وجود مصر كطرف رسمي في الحكم.
دوافع إلغاء الاتفاقية
كانت هناك عدة عوامل دفعت مصر لاتخاذ هذا القرار الجريء:
1. التحرر من النفوذ الاستعماري
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بدأ الوعي القومي بالتصاعد في مصر والعالم العربي، ما زاد من الضغط على الحكومة المصرية لتحرير البلاد من النفوذ البريطاني الذي كان يسيطر على الكثير من القرارات السياسية.
2. تعزيز السيادة المصرية
كانت مصر تسعى لتأكيد سيادتها على السودان باعتباره جزءًا من أراضيها، ورفضت أن تستمر في تقاسم السلطة مع بريطانيا، خاصة في ظل تزايد المطالب السودانية بالاستقلال وتقرير المصير.
3. الضغط الشعبي والسياسي
تزايدت الأصوات المطالبة بإنهاء أي ارتباطات مع بريطانيا، وبلغت أوجها مع حكومة الوفد بقيادة مصطفى النحاس الذي رفع شعار "السودان للسودانيين"، وقرر إلغاء الاتفاقية كخطوة نحو تحقيق الاستقلال.
آثار إلغاء الاتفاقية على السودان
مع إلغاء اتفاقية الحكم الثنائي، أصبحت الطريق مفتوحة أمام السودانيين للمطالبة بالاستقلال الكامل، وبالفعل، شجع القرار المصري الحركة الوطنية في السودان، وأدى إلى تصاعد المطالبات السودانية بتحقيق الحكم الذاتي وتقرير المصير، مما أسهم في استقلال السودان رسميًا عام 1956، بعد سنوات قليلة من هذا القرار.
ردود الفعل الدولية
لاقى القرار المصري بإلغاء الاتفاقية ردود فعل متباينة على الساحة الدولية، ففي حين رأت بريطانيا أن القرار يمثل تحديًا مباشرًا لمصالحها في المنطقة، لاقى القرار ترحيبًا واسعًا من الدول العربية التي كانت تدعم جهود مصر في التخلص من الاستعمار وتعزيز الوحدة العربية.