في ضوء الحوادث الأخيرة التي أسفرت عن وفاة وإصابة 20 شخصًا، بينهم أجانب، في تصادم قطاري المنيا، يسلط الدكتور حمدي عرفه، أستاذ الإدارة المحلية، الضوء على ملف سائقي القطارات والكمسارية، مسلطًا الضوء على رواتبهم وظروفهم المعيشية، ومؤكدًا على دور المحافظين في تحسين سلامة السكك الحديدية.
ملف الحوادث
الأرقام والحقائق
تشير الإحصاءات إلى أن حوادث السكك الحديدية في مصر شهدت تزايدًا مقلقًا في السنوات الأخيرة، وفقًا للتقرير السنوي للهيئة القومية لسكك حديد مصر، بلغت إجمالي حوادث القطارات 2044 حادثة في عام 2018، مع تصاعد هذه الأرقام خلال الأعوام الماضية، وقد أظهرت التقارير الرسمية أن حوادث المزلقانات تشكل أكبر نسبة من هذه الحوادث، حيث تسببت في 1696 حادثة بنسبة تصل إلى 83% من إجمالي الحوادث.
حوادث مزلقانات السكك الحديدية
تعتبر المزلقانات غير الشرعية من أبرز أسباب الحوادث، حيث يبلغ عددها 3168 مزلقانًا في 27 محافظة، هذه المزلقانات تهدد حياة 1.4 مليون راكب يوميًا، حيث يتعرض العديد من المواطنين لمخاطر جسيمة أثناء عبورهم هذه المزلقانات، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من الحكومة لتحسين الوضع.
إحصاءات النقل وواقع الأرقام
يتراوح الحجم السنوي لنقل الركاب عبر السكك الحديدية حوالي 500 مليون راكب، بمتوسط 1.4 مليون راكب يوميًا. بالإضافة إلى ذلك، يتم نقل نحو 6 ملايين طن من البضائع سنويًا عبر شبكة سكك حديدية تمتد لأكثر من 1200 كيلومتر، لكن مع ذلك، فإن مستوى الخدمة لا يتماشى مع حجم العمل، حيث يشكو الكثيرون من تأخر القطارات وسوء حالتها.
واقع السائقين والكمسارية: رواتب وظروف عمل غير ملائمة
يعاني سائقي القطارات من ظروف عمل قاسية، حيث يكافحون لتحقيق لقمة العيش في ظل رواتب هزيلة. يبلغ متوسط راتب سائق القطار 2000 إلى 4000 جنيه شهريًا، ويُدفع لهم 40 قرشًا كحافز عن كل كيلومتر، مما يعني أن متوسط أجرهم في كل رحلة يصل إلى 34 جنيهًا فقط. بالمقارنة، يحصل قائد الطائرة على متوسط راتب يصل إلى 121 ألف جنيه شهريًا، مما يثير تساؤلات حول عدم المساواة في الرواتب.
الشهادات الحية:
تحدث عدد من السائقين والكمسارية عن تجاربهم، حيث أكد أحدهم أن "العمل في السكك الحديدية أصبح عبئًا، فنحن نعمل في ظروف صعبة ونعاني من قلة الرواتب".
في حين أضاف كمساري آخر: "نحتاج إلى دعم حقيقي لتحسين أوضاعنا، فالكل يتحدث عن الأمان، ولكن من يهتم بنا نحن العاملين في هذا المجال؟".
أسباب الإهمال: دور المحافظين
يرى الدكتور حمدي عرفه أن محافظي مصر الـ27 يتحملون مسؤولية مباشرة عن سلامة السكك الحديدية، ومع ذلك فإن الكثير منهم يتجاهل هذا الملف. يشدد على أن اللامركزية في الإدارة المحلية قد تكون حلاً لتحسين الوضع، حيث يمكن للمحافظين أخذ إجراءات أكثر فعالية على الأرض.
دعوات للتغيير والتحسين
يدعو عرفه إلى ضرورة وضع خطة شاملة لتطوير المزلقانات وتعزيز البنية التحتية للسكك الحديدية. يتضمن ذلك تنفيذ نظام إشارات كهربائية فعال، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 85% من شبكة السكك الحديدية تعتمد على نظام إشارات ميكانيكية قديم.
كما يجب أن تشمل الخطة أيضًا تحسين ظروف العمل للعاملين في السكك الحديدية، وزيادة رواتبهم لضمان استقرارهم المعيشي. ويدعو في ختام حديثه إلى إحداث تغييرات فورية، مشددًا على أهمية تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للعاملين في هذا المجال، وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية لهم.
وفي ختام التقرير، يطالبً الدكتور حمدي عرفه الحكومة بضرورة اتخاذ خطوات فعالة لمعالجة المشكلات القائمة وضمان سلامة المواطنين، حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث المؤلمة مرة أخرى.