بدأ العام الدراسى الجديد فى جميع محافظات الجمهورية، لـ 25 مليون طالب وطالبة منذ الأيام القليلة الماضية، موزعين على 60 ألف مدرسة حكومية وخاصة، بعد أن انهت وزارة التربية والتعليم استعداداتها لاستقبال العام الدراسي، على أن يكون مختلفًا هذا العام، بعد وضع الوزارة خطة لمواجهة مشكله الكثافة الطلابية فى الفصول، وجذب الطلاب إلى المدارس.
وشهدت الأيام الماضية حالة من الجدل حول الكثافة الطلابية داخل الفصول المدرسية مع بداية العام الدراسي الجديد، بعد أن أصدرت وزارة التربية والتعليم عدة قرارات من شأنها التقليل من آثار الكثافة الطلابية في المدارس، ووضع حلول جذرية لها، وتعهدت الوزارة بإنهاء هذه الازمة.
وتعد مشكلة الكثافة الطلابية ليست وليدة اليوم، بل أن الحكومات السابقة فشلت منذ عقود في إيجاد حل واضح لهذه الأزمة، حيث تؤمن الدولة المصرية منذ عام 2014 بأن العلم هو صمام أمن المجتمع، والداعم الأول لاستقرارة، لذلك حرصت على تقديم اهتماما كبيرا بالتعليم الجامعي وقبل الجامعي على كافة المستويات.
وتعمل وزارة التربية والتعليم جاهدة على إيجاد حل لهذه الأزمة المتفاقمة منذ سنوات، والحد من تداعيات الكثافة الطلابية، ومعالجتها من خلال اتباع طرق استغلال الأماكن بالمدارس، وتوفير العديد من الفصول، ومد فترة العمل إلى فترتين، وتوظيف قاعات المعاهد الأزهرية ومراكز الشباب في العملية التعليمية لحل أزمة الكثافة في الفصول.
وتتزايد كثافة الطلاب في جميع المدارس كل عام بأغلب المحافظات أمر يؤرق المسؤولين، ويهدد استيعاب الطلاب، ويتسبب في ضياع يومهم الدراسي بلا فائدة، مما يؤدي لفشل منظومة التعليم برمتها، لذلك وضع وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبداللطيف خطة لحل هذه الازمة، وبعد مرور أسبوعين من بداية العام الدراسي الجديد، هل نجحت خطة عبداللطيف في تنفيذ أهدافها..؟
وفي هذا الشأن، قالت الدكتورة عبير أحمد مؤسس اتحاد أولياء أمور مصر وخبيرة التعليم، إن الكثافة الطلابية من أهم المشكلات التي تعوق العملية التعليمية، موضحة أنها تؤدي لنفور الطلاب من المدارس، وكثرة التغيب، ولجوءهم إلى السناتر والدروس الخصوصية.
واضافت أن كافة الوزراء الذين تعقبوا على تولي مسؤولية التربية والتعليم، عجزوا عن توفير حل عملي ناجح يعمل على تصحيح الأوضاع في العملية التعليمية، ومعالجة اسباب الكثافة الطلابية التي تعد مشكله قومية، وخصوصا في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة.
وأوضحت أن الكثافة الطلابية تداعياتها لا تتوقف عند هذا الحد، بل تمتد إلى عدم قدرة المعلم في متابعة الدروس بشكل جيد والسيطرة على الطلاب، مشيرًه إلى أن الكثافة الطلابية وصلت بالمدارس المصرية إلى 200 طالب في الفصل الواحد.
وأشارت إلى أن وزارة التربية التعليم وضعت أكثر من خطة لمعالجة مشكلة الكثافة الطلابية وتخفيضها الطلاب في الفصول إلى 50 طالب، بالإضافة إلي استغلال الأماكن التي بها فراغات مثل المخازن الغير مستخدمة، أو أماكن الكنترولات التي تعمل لمدة أسبوع وتبقى طوال فترة الدراسة مغلقة.
وتقول إن الوزارة تحاول توفير 100 ألف فصل جديد، واستغلال المدارس الثانوية وتقسيمها إلى فترة مسائية وصباحية، لأن المدارس الثانوية تشهد أقبالًا ضعيفا عليها، مشيرة إلى أن تقسيم الطلاب للفترة الصباحية والمسائية لها سلبيات وكذلك إيجابيات تنعكس على الطلاب والمعلمين.
وتقسيم الطلاب إلى فترتين يتيح للمعلمين تقديم الشرح بشكل فعال وكافٍ، ويساعد على عودة الطلاب إلى المدارس، لكن هناك سلبيات في توقيت خروج الطلاب في الفترة المسائية قد يكون غير مناسب لأولياء الأمور، فضلا عن زيادة الأعباء التدريسية والإدارية على المعلمين، كما سيقلل من فرص إجراء الصيانة الدورية بالفصول.
طالبت خبيره التعليم بالتفكير خارج الصندوق للعمل على وضع حلول طويلة الأمد، لتلك المشكلة مع وضع حلول أخرى قصيرة الأجل، وهي التي وضعها الوزير حاليا، وتم تطبيقها في الإدارات التعليمية بنسبة كبيرة تتعدى الـ 90 ٪ في جميع المديريات التعليمية.
وكان وزير التربية والتعليم أعلن عن تنفيذ عدة حلول لمواجهة الكثافة فى الفصول هذا العام، مثل استخدام الفراغات فى المدارس، وإعادة توزيع الطلبة، ودمج المراحل التعليمية، وإمكانية عمل المدارس أكثر من فترة، والاستفادة القصوى من جميع المدارس الواقعة بنطاق الخدمة أو بنطاقات الخدمة المجاورة، خاصة المدارس الفنية.
وكشف وزير التربية والتعليم عن أن المنظومة التعليمية تضم 550 ألف فصل، بينما هناك عجز فى 250 ألف فصل، وتبلغ قوة التدريس من المعلمين فى الفصول 850 ألف معلم، فى حين أن هناك عجزًا فى أعداد المعلمين يبلغ 460 ألف معلم.
وأضاف أن كثافات الفصول في بعض المدارس تعدت 200 و250 طالبًا، مثل الخصوص والخانكة في القليوبية، وبلغت كثافات الطلاب بمعظم مدارس إدارات الجيزة 150 و160 طالبًا في الفصل، فضلًا عن أن متوسط عدد الطلاب في الغالبية العظمى من المدارس يبلغ ما بين 80 و90 طالبًا، وذلك في التعليم الحكومى.
وتابع وزير التربية والتعليم أن حلول الكثافات الطلابية فى المدارس مختلفة بين كل إدارة وأخرى، وخلال هذا العام الدراسي سيكون 90٪ من المدارس بها 50 طالبًا فقط في الفصل الواحد، مضيفا أن لكل إدارة تعليمية متاح توفير خطة لحل أزمة الكثافة الطلابية، وفقًا لظروف كل إدارة.
وكان من ضمن الحلول وجود غرفة كنترول في كل مدرسة، تستخدم شهرين في السنة، يتم الاستعانة بها والاستفادة بها كفصول، بواقع فصلين فى 20 ألف مدرسة، ما يعني توفير 40 ألف فصل، ويتم الاستعانة بالمدارس الثانوية، نظرًا لجاهزيتها إلكترونيًا كنظيرتها الدولية، لينزل طلابها فترة مسائية، مع وجود طلاب إعدادي في الفترة الصباحية بهذه المدارس.
وعقبت خبيرة التعليم على قرارات الوزير قائلة لابد أن يكون هناك حلول طويلة الأمد، تتمثل في التعليم عن بعد، على ان يكون التعليم من خلال المنزل "أونلاين"، وكذلك بناء مدارس متحركه، في الأماكن التي تتوفر فيها مساحات شاسعة داخل المحافظات، ويتم تفكيكها بعد إنتهاء العام الدراسي، وكذلك وضع خطة واضحة يتم تنفيذها من 3 إلى 5 سنوات بميزانيات ضخمة للعملية التعليمية، وبناء الفصول اللازمة التي تستوعب الكثافة الطلابية الحالية.
وأكد الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بكلية التربية في جامعة عين شمس، ان العام الدراسي الجديد بدأ بزيارات متتالية من قبل وزير التربية والتعليم إلى مختلف المدارس في محافظات أسيوط وسوهاج وقنا والأقصر، وهذا يعطي رسالة بضرورة اقتداء المسؤولين في كل محافظات مصر بهذا السلوك من خلال إجراء زيارات ميدانية لمتابعة الحلول التي اقترحتها المديريات بالتعاون مع الوزارة، بهدف معالجة الكثافة أو العجز في أعداد المعلمين، فضلا عن السعي نحو تقييم أداء المدارس، واكتشاف المشكلات والعمل على حلها.
واوضح ان الوزارة أصبحت تتجه إلى عملية رصد حضور وغياب الطلاب بطريقة إلكترونية من خلال موقع الوزارة عبر الاستمارة الإلكترونية حرصاً على حضور الطلاب، مشيرة إلى إن هناك حلول لكل المشكلات التي تواجه المنظومة التعليمية سواء مواجهة الكثافة من خلال إضافة 100 ألف فصل جديد على مستوى المدارس المختلفة أو معالجة عجز أعداد المعلمين.
واضاف شحاته، أنه ليست هناك حلول جذرية لهذه المشكلة بل هي حلول مؤقتة، ولابد من التوسع في افتتاح المدارس والفصول الجديدة، وخاصة مع الزيادة السنوية في اعداد الطلاب التى تسبب أزمات متجددة سنويا، ولكل حل من الحلول المقترحة محاذير قد تعوق تنفيذها، فمثلا بالنسبة لاستغلال الفراغات بالمدارس قد لا تكون هذه الفراغات صالحة للتدريس بها نظرا لصغر حجمها أو كبر أحجام الطلاب أو في ضوء استخدامها في وظائف أخرى مرتبطة بالعملية التعليمية، وبالتالى من المحتمل ألا تصلح في الكثير من المدارس لاستغلالها.
واختتم الخبير التربوي، أن الحل المقترح بمد العمل في المدارس لفترتين فهو يشمل اشكاليات مثل تقليل زمن الحصة الذي لا يكفي للتدريس، والذي يمثل زيادة اعباء على المعلمين، ويزيد من معدل هلاك الأثاث المدرسي في ضوء استخدامه أكثر من مرة يوميا، بل إن تقليل زمن الحصص يتعارض مع ما تتطلبه منظومة المناهج المطورة من زمن أكبر للتدريس، وتعمل الإدارات التعليمية في كل محافظة على تنفيذ خطة الوزارة، ولاحظنا ذلك خلال الأسبوعين الماضيين، لاكن لابد من وضع حلول أكثر فاعلية.
وأكد وزير التربية والتعليم أن خطة الوزارة لخفض الكثافة الطلابية اضافت 100 ألف فصل جديد للمنظومة التعليمية مع بدء هذا العام الدراسي، الأمر الذي أدى إلى خفض الكثافة، ليصبح عدد الطلاب في كل مدرسة أقل من 50 طالباً، باستثناء 47 مدرسة، ويتم العمل على حل هذه المشكلة بها في أقرب وقت، ويذكر أن مصر احتلت المرتبة 79 عالميا عام 2023؛ لتقفز من المركز 83 عام 2020، وفقا لمؤشر المعرفة العالمي الذي يُنظمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم.