شهدت الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في أزمة الهجرة غير الشرعية من بعض الدول العربية، بما في ذلك مصر، حيث يسعى الشباب إلى الهروب من الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة بحثًا عن فرص عمل أفضل في أوروبا.
واحدة من الأحداث المأساوية التي تسلط الضوء على خطورة هذه الظاهرة كانت مقتل مهاجرين مصريين غير شرعيين على الحدود المكسيكية بنيران السلطات المكسيكية.
في هذا السياق، أعد الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية وخبير استشاري البلديات الدولية، دراسة بحثية تسلط الضوء على هذه الظاهرة في مصر و22 دولة عربية، مشيرًا إلى دور المحافظين والمسؤولين الحكوميين في مكافحة الهجرة غير الشرعية وفقًا للقوانين المحلية.
تعليق الدكتور حمدي عرفة
_الهجرة من مصر عبر ليبيا: بوابة نحو أوروبا
أشار الدكتور عرفة إلى أن المصريين غالباً ما يتخذون ليبيا كنقطة انطلاق للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، في محاولة للبحث عن فرص عمل وحياة أفضل.
وأوضح أن محافظات مثل الشرقية، المنوفية، كفر الشيخ، والغربية تتصدر قائمة المحافظات المصرية التي تشهد أعلى معدلات للهجرة غير الشرعية.
_قوارب الموت: تكلفة باهظة ومخاطر جسيمة
بحسب الدراسة، فإن قوارب الموت تنطلق من خمس دول عربية، وتستغرق الرحلة حوالي 17 ساعة للوصول إلى الشواطئ الأوروبية.
هذه القوارب تحمل ما يصل إلى 350 شخصاً، يدفع كل منهم ما يتراوح بين 2600 و4000 دولار للتذكرة، وغالباً ما يتم إلقاء المهاجرين في البحر على بُعد 2 كم من الشواطئ الأوروبية بواسطة عوامات، بسبب خشية المهربين من القبض عليهم.
_أوضاع مأساوية للمهاجرات في ليبيا
كشف الدكتور عرفة في دراسته عن أوضاع مأساوية يتعرض لها المهاجرون، خصوصاً النساء من العرب والأفارقة، في سجون ليبيا. حيث يتعرضن للاغتصاب مقابل الطعام والماء، مما دفع عرفة إلى دعوة المجتمع الدولي للتدخل الفوري لإنقاذهن، كما شدد على أن هذه الانتهاكات تمثل جريمة إنسانية تستدعي تحركاً دولياً.
_تشريعات رادعة للهجرة غير الشرعية في مصر
أوضح عرفة أن مصر اتخذت خطوات جادة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث تم إقرار قانون يفرض عقوبات مشددة على العصابات المنظمة.
ووفقاً لهذا القانون، تصل العقوبات إلى السجن المؤبد وغرامة قدرها 2 مليون جنيه، كما أشار إلى أن هذه التشريعات ساهمت في تقليص أعداد المهاجرين غير الشرعيين من مصر بصورة ملحوظة.
_ارتفاع في عدد السفن المنطلقة من ليبيا
بحسب الدراسة، شهدت السواحل الليبية زيادة في عدد السفن التي تنقل المهاجرين غير الشرعيين بنسبة 290%.
ولم تعد الهجرة تقتصر على البحر فقط، بل أصبحت تتم عبر الجو والصحراء أيضاً، مما يزيد من تعقيد عملية مكافحتها.
وشدد عرفة على ضرورة وجود شرطة دولية، تحت إشراف الأمم المتحدة، لمراقبة المياه الإقليمية وضبط المهربين.
_مصر والمغرب والجزائر في صدارة مشهد الهجرة غير الشرعية
أكد عرفة أن مصر، المغرب، الجزائر، تونس، وليبيا تتصدر الدول العربية التي تنطلق منها موجات الهجرة غير الشرعية إلى 12 دولة أوروبية، من بينها إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، وكرواتيا.
وأوضح أن البحر المتوسط يضم 3300 جزيرة، ويبلغ طوله 46 ألف كم، مما يجعله منطقة حيوية لنشاط عصابات تهريب المهاجرين.
_ضرورة التنسيق الإقليمي لمكافحة الهجرة غير الشرعية
نوه عرفة إلى غياب التنسيق الكامل بين الدول العربية في مواجهة الهجرة غير الشرعية، مما يزيد من صعوبة التصدي لها.
وأشار إلى أن حوالي 3800 مهاجر يموتون سنوياً في البحر المتوسط، الذي يعد طريقاً رئيسياً للهجرة غير الشرعية من الدول العربية.
وأضاف أن هناك حاجة ماسة إلى وضع استراتيجيات إقليمية ودولية مشتركة، تتضمن إنشاء شرطة دولية للمياه الإقليمية لمواجهة هذا الخطر المتزايد.
_الحلول الممكنة لمواجهة الظاهرة
ختاماً، دعا الدكتور حمدي عرفة إلى ضرورة عقد مؤتمر دولي لمناقشة سبل الحد من الهجرة غير الشرعية، مؤكداً على أهمية تطبيق نظم إدارة شاملة تبدأ من التخطيط الاستراتيجي وصولاً إلى الرقابة الفعالة.
كما شدد على أن المسؤولية تقع على عاتق الحكومات المحلية، وخاصة المحافظين ورؤساء البلديات، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لضمان التصدي لهذه الظاهرة والحفاظ على أرواح الشباب العربي.