آثار موافقة الحكومة على مشروع قانون إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية من قبل القطاع الخاص جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والمجتمعية، يعتبر هذا القانون خطوة هامة في تطوير قطاع الصحة، ولكنه أيضاً أثار تخوفات واحتجاجات من قبل المواطنين وبعض الجهات الرسمية.
تتنوع الآراء بين مؤيد ومعارض لهذا القانون، حيث يرى بعضهم أنه سيسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية وتوفير فرص عمل جديدة، بينما يرون آخرون أنه قد يفتح الباب أمام التجارة بالصحة وتفاقم الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
سنقوم في هذا التقرير باستعراض الرأيين المختلفين حول موافقة الحكومة على هذا القانون، ونوضح الآثار المحتملة له على القطاع الصحي وعلى المواطنين بشكل خاص.
قالت النائبة أيرين سعيد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن تخوف بعض النواب من مشروع قانون إدارة وتشغيل المنشآت الصحية يمثل قلقًا مشروعًا، وفي الوقت نفسه، تؤكد أن تنفيذ القانون بشكل صحيح سيحقق تصريحات وزير الصحة بخدمة المواطن دون دفع رسوم، مشيرة إلى أن أي قانون بدون رقابة وضوابط سيتسبب في آثار سلبية، ووفقًا لأحكام القانون الموافق عليه من قبل مجلس النواب، لن يتحمل المريض أي تكاليف.
وأضافت سعيد، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن هناك بعض القطاعات التي تم استثناؤها من القانون وتظل تخضع لسيطرة الحكومة، مثل وحدات طب الأسرة، والوحدة الإنجابية، والخدمات الإسعافية، والخدمات الوقائية، وبنوك الدم، موضحة أن القانون يمنع تدخل المستثمرين في هذه القطاعات، وأن الجزء الذي سيكون تحت إدارة المستثمرين هو الجزء العلاجي بالمستشفيات فقط، ولا يشمل جميع المرافق الصحية، مؤكدةً أن المواطن لن يتعامل مباشرة مع المستثمرين.
وتابعت: المستثمر يقدم الخدمات العلاجية ويحاسب الدولة على هذه التكاليف، ولكن وجود المستثمر داخل المستشفيات الحكومية لإدارتها هو أمر جيد للغاية، لأننا نواجه كميات كبيرة من الفساد والإهدار في الملايين من الجنيهات بسبب إدارة غير فعّالة، سواء في استخدام الأدوية أو المستلزمات أو التعامل مع الأجهزة.
وأشارت عضو لجنة الصحة، إلى أن القانون قبل التعديل كان يتضمن عدة بنود غير جيدة ونقص في الضوابط، ولكن تمكنا من إجراء تعديلات على تلك البنود، مثل إضافة بنود تتيح للدولة استرداد المنشآت الصحية من المستثمر في حالة الإخلال بالعقد أو التقصير في تقديم الخدمات للمواطنين.
وأوضحت أن القانون كان يواجه معارضة في البداية من الأغلبية والمعارضة على حد سواء، ولكن بعد إجراء التعديلات والمصادقة عليها من قبل لجنة الصحة، تم الموافقة عليه ، ونوهت في لحظات النهاية من إنجاز مشروع القانون، قمت بتقديم تعديلات تمت الموافقة عليها، مثل تعديل نسبة العمالة الأجنبية من 50% إلى 25% من قبل لجنة الصحة، وفي الجلسة الأخيرة، طلبت تعديلها إلى 15% بناءً على تخوف المواطنين من النسبة الأولية العالية، وتمت الموافقة عليها.
وأكدت النائبة ايرين سعيد، أن لجنة الصحة بمجلس النواب قد قدمت العديد من التعديلات والضوابط التي منحت القانون معنى وحفظت حقوق المواطن، وفي الوقت نفسه، سمحت للدولة بالمشاركة مع المستثمرين في إدارة وتطوير المنشآت الصحية، مشيرة إلى أنها ترى أن إدارة المستثمرين تعتبر أفضل بكثير من إدارة الدولة في حالة الأصول.
وفي المقابل أبدى النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، رفضه لمشروع قانون منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية.
قال منصور,في تصريح خاص ل «بلدنا اليوم»، إن قانون إدارة وتشغيل المنشآت الصحية يُعتبر دليلاً على فشل الحكومة، مشيراً إلى أن هناك مشروعات ومجالات يمكن السماح بتشغيلها من قبل المستثمرين، لكن عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان، يظل هذا الأمر مرفوضًا.
كما انتقد منصور، أداء الحكومة في تنفيذ قانون التأمين الصحي الشامل، الذي لم يحقق سوى 3% من أهدافه بعد مرور خمسة سنوات، ما يعني أنه قد يستغرق 160 سنة لاستكماله في غياب برنامج زمني محدد، مشيراً إلى أنه سبق وحذر من فشل مشروع التأمين الصحي الشامل وطالب بوضع برنامج وللأسف الشديد لم يستمع أو يستجيب لهذا الموضوع.
وأضاف منصور، أن الدستور يكفل حق الصحة لكل مواطن في المادة 18، وينص على الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الدولة. وفي نفس المادة، يعتبر الامتناع عن تقديم العلاج في حالات الطوارئ أو الحالات الخطرة جريمة.
وأشار إلى أنه إذا كانت الحكومة قد فشلت في تطبيق هذا الحق، فهل من المنطق أن يقتنع المواطن بأن المستثمر سينجح في تحقيق ذلك وهو جاء ليسعى إلى تحقيق المكاسب؟ الإجابة بالطبع لا.
واستطرد منصور بالقول: والقانون اتاح للمستثمر ببقاء 25% من العمالة في حالة موافقته، فأين سيذهب الـ 75% الأخرين؟ وعلى الرغم من أن القانون في شرحه تضمن للحكومة التزامها بتسكين هذه النسبة في أماكن أخرى بنفس درجاتهم الوظيفية، إلا أن بنود القانون الداخلية لم تذكر هذا الأمر. ولقد علقت على هذا الأمر، وطالبت بضرورة وضع ضمانات تحفظ حقوق الـ 75% المتبقين من العمالة.
أعرب منصور عن دعمه لإنشاء وإدارة وتشغيل المنشآت الصحية الجديدة، لكنه رفض إدارة وتشغيل المنشآت الصحية القائمة، محذراً من أن تخصيص جزء منها للقطاع الخاص سيزيد من العجز في تقديم الخدمات الصحية.
ويتوقع رئيس برلمانية حزب المصري الديمقراطي أن يفشل القانون في تطبيقه، وسيواجه إشكاليات كثيرة، بما في ذلك نسبة الـ 75% من العمالة التي قد يتم توزيعها في محافظات أخرى، مما سيؤدي إلى مشاكل كبيرة للعاملين ورفضهم لهذا القرار.
ومن المتوقع أيضًا أن يواجه القانون صعوبات في جمع البيانات والإحصاءات، حيث لم يتم تحديد عدد المستشفيات التي ينطبق عليها القانون وكم عدد المواطنين الذين يمكن أن يتلقوا العلاج داخل هذه المستشفيات، مما يعكس ضياعًا للبيانات والإحصاءات في هذا الصدد.