يتناول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار مفهوم المدن الذكية المستدامة والأدوات التي تستخدمها المؤسسات ذات الصلة لتقييم مستوى الذكاء الحضري والاستدامة، والأطر والمقاييس العالمية المعتمدة دولياً فيما يتعلق بالمدن الذكية المستدامة، تقرير "مدن المستقبل"، الذي يحاول تسليط الضوء على التطبيق والممارسة على أرض الواقع لهذه المعايير والمؤشرات، وفهم عملية بناء المرونة والاستدامة الحضرية من خلال تطبيق تكنولوجيا المعلومات ودمج الشبكات في واقع الحياة اليومية، الإصدار الرابع من تقرير "المدن المطبوعة ثلاثية الأبعاد "المدينة المطبوعة ثلاثية الأبعاد".
ويوضح مركز المعلومات من خلال هذا الإصدار أن الطباعة ثلاثية الأبعاد حظيت باهتمام كبير في السنوات القليلة الماضية ووجدت تطبيقات في العديد من المجالات، مثل الزراعة والطب وصناعة السيارات والسكك الحديدية والطائرات، مما يساهم في بناء نماذج وهياكل معقدة بكفاءة وفي أقصر وقت ممكن، وفي قطاع البناء والتشييد تتطور تطبيقات الطباعة ثلاثية الأبعاد بشكل سريع كوسيلة أكثر دقة وسرعة وأقل تكلفة لبناء وتشييد المنازل والمدن بأكملها، وأن الاستثمار في هذه التكنولوجيا يتزايد على مستوى العالم، حيث بلغت القيمة السوقية العالمية للبناء المطبوع ثلاثي الأبعاد
وتناول القسم الأول تعريف الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتطبيقاتها في قطاع الإنشاءات وسوق الإنشاءات العالمية للطباعة ثلاثية الأبعاد، ويشير مصطلح "الطباعة ثلاثية الأبعاد" إلى عدة تسميات، لا سيما "التشكيل الرقائقي" و"التصنيع الرقمي المباشر".
وتتضمن هذه التقنية استخدام نماذج التصميم بمساعدة الحاسوب ثلاثية الأبعاد، أي التقنيات التي تحوّل شكلاً ثلاثي الأبعاد على الحاسوب إلى نموذج ثلاثي الأبعاد، ثم يتم وضع طبقات فوق طبقات لتشكيل النموذج أو الشكل النهائي الذي تتم طباعته من المنتج.
تُعد سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد سوقًا سريعة النمو، ومن المقدر أن تبلغ قيمتها 16.75 مليار دولار أمريكي في عام 2022، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 23.3% من عام 2023 إلى عام 2030.
كما استحوذت أمريكا الشمالية على أكثر من 33.34% من إيرادات سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد العالمية في عام 2022، مع بروز أوروبا كثاني أكبر سوق إقليمي في عام 2021.
في صناعة البناء والتشييد، بلغت قيمة سوق البناء بالطباعة ثلاثية الأبعاد 18.2 مليون دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن يسجل معدل نمو سنوي مركب بنسبة 101.9% من عام 2023 إلى عام 2030. تهيمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ على سوق الإنشاءات بالطباعة ثلاثية الأبعاد، ومن المتوقع أن تكتسب زخمًا حيث تبذل الصين واليابان جهودًا كبيرة لزيادة استخدام هذه التكنولوجيا.
وفيما يتعلق بالفرص والتحديات التي تواجه الطباعة ثلاثية الأبعاد في صناعة البناء والتشييد، فإن أبرز الفرص هي "زيادة الإنتاجية، وتقصير سلاسل التوريد، والإبداع الهندسي، وخفض التكاليف، وسرعة البناء، واستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد كوسيلة لمعالجة تغير هيكل أعمال البناء من حيث كيفية تنفيذ أعمال البناء والتحول نحو المزيد من والتأثيرات الاجتماعية للفرص الاجتماعية العديدة التي تنعكس على سبيل المثال في المساواة بين الجنسين في هذا القطاع، والتي تنعكس في التحول نحو سلاسل التوريد المحلية"، مع التحدي الأبرز المتمثل في "ارتفاع معدلات البطالة، لا سيما في قطاع الإنشاءات كثيفة العمالة".
على سبيل المثال، في مدينة سوجو الصينية، مكّن التمويل الحكومي في مدينة سوجو الصينية من تشييد مبنى سكني من خمسة طوابق باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد لأول مرة هذا العام، كما استخدمت مدينة هايدلبرغ أيضاً الطابعات ثلاثية الأبعاد لتشييد أكبر مبنى في أوروبا.
وعلى مستوى الدول العربية، تستثمر دولة الإمارات العربية المتحدة في مشاريع تطويرية على مستوى المدن باستخدام هذه التقنية الحديثة، حيث ستتم طباعة 25% من المباني في إمارة دبي باستخدامها بحلول عام 2030. بالإضافة إلى ذلك، سيتم بناء أول مسجد مطبوع بالكامل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم بحلول عام 2025.
وعلاوة على ذلك، تم الاعتراف بمبنى مؤسسة دبي للمستقبل من قبل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأول مبنى تجاري مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، في حين تم بناء مدينة مصدر بمواد معاد تدويرها باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، مما يجعل الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول العشر الأوائل من حيث الطباعة ثلاثية الأبعاد.
كما قامت المملكة العربية السعودية بطباعة فيلا بمساحة 345 مترًا مربعًا تقريبًا وبارتفاع 9.9 مترًا تم بناؤها باستخدام طابعة بناء ثلاثية الأبعاد، واستخدمت مواد محلية منخفضة التكلفة لصنع خرسانة مطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لجميع جدران المبنى الذي تبلغ مساحته 345 مترًا مربعًا.
وتجدر الإشارة إلى أن قطاع البناء والتشييد يمثل 38% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وفقاً لتقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة والوكالة الدولية للطاقة. ويمكن أن يساهم استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد في تشييد المباني في "توفير المساكن لذوي الدخل المنخفض والمشردين"، و"توفير هياكل مستدامة وصديقة للبيئة"، و"تعزيز حماية العمال وسلامتهم" و"الحد من النفايات".
يركز الفصل الثالث على استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد في قطاع الإنشاءات المصري. وفقًا للإحصاءات، تعد صناعة البناء والتشييد واحدة من أهم الصناعات نمواً على مستوى العالم، حيث بلغ حجم سوق البناء والتشييد حوالي 6.4 تريليون دولار أمريكي من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2020، ومن المتوقع أن يصل إلى 14.4 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030. وعلى الصعيد المحلي، نما قطاع التشييد والبناء في مصر بنسبة 11% في (2021-2022)، ليساهم بنسبة 18.7% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. وفقًا للتوقعات، سيصل التوسع المحتمل لصناعة التشييد والبناء المصرية إلى معدل نمو سنوي مركب بنسبة 6.8% و7.4% في (2024-2027)، حيث تمثل مصر حوالي 30% من قيمة صناعة التشييد والبناء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبالنظر إلى الأعمال التي سيتم تنفيذها في قطاع التشييد والبناء في عام 2020/2021، يمكن ملاحظة أن أنشطة التشييد والبناء تمثل حوالي 67.4% من إجمالي النشاط الاقتصادي للقطاع. بالإضافة إلى إمكانات هذه التقنية الحديثة في تحسين صناعة البناء والتشييد والحد من الأضرار البيئية المرتبطة بهذه الصناعة وترشيد استهلاك الطاقة، يمكن استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد على نطاق محدود في تشييد المباني كنموذج أولي لمشاريع البناء، وتحسين التصميم وتحديد المشاكل المحتملة قبل البدء في البناء, يمكن أن تكون مفيدة لإنشاء مكونات بناء مخصصة وتلبية الاحتياجات المحدودة للمشروع في السوق المحلية.