قال الدكتور أحمد عامر، الخبير الآثري والمتخصص في علم المصريات، إن المصريين القدماء فسروا سقوط الأمطار في عهدهم أنه ناتج عن رضا الإله "حابي" عنهم، حيث كان فيضان النيل بوابتهم للعالم الآخر، كما اعتقد المصريون القدماء، أيضا أن سبب فيضان النيل كل عام هو دموع "إيزيس" "ربة القمر والأمومة"، حزنًا على وفاة زوجها "أوزوريس" إله الموتى والقاضي الأول في محكمة العدل بالعالم الآخر، فيما يعرف باسم أسطورة "إيزيس" و"أوزوريس"، والتي تدور قصتها حول قصة الملك الطيب الخير "أوزوريس" الذي قتل على يد أخيه الشرير ست، نتيجة للغيرة والضغينة، وألقى بجسد "أوزوريس" في النيل، غير أن زوجته المخلصة "إيزيس" ظلت تبحث حتى عثرت عليه في أحراش الدلتا.
وأشار "عامر" أنه عن طريق السحر الذي كانت تمارسه "إيزيس" اصبحت حاملًا، وأنجبت ابنها "حورس" الذي أصبح وريثًا لعرش والده، وإنتقم لأبيه "أوزوريس" الذي أصبح ملكًا على أرباب العالم الآخر، وخلال كل موسم لسقوط الأمطار يحتفل المصريون كعيد سنوي لمدة أسبوعين بدءًا من 15 أغسطس، فيما يعرف بعيد "وفاء النيل"، ومن الأغاني التي ابتدعها المصريين فرحة بسقوط الأمطار "يا مطرة رخي رخي" وهي من كلمة "رخ" الفرعونية، ومعناها "ينزل"، فبنى المصريون قديمًا السد الحجري أمام المعبد لصد اندفاع المياه في وجع المعبد، ويعد هذا السد من أكبر السدود في مصر الفرعونية، فيما عثرت الاكتشافات التاريخية على 400 متر منه فقط حتى الآن.
وتابع "عامر" أن المصريين القدماء سبقوا من عاصروهم، فبرعوا في استغلال هذه المياه في الزراعة، ومع تجميع الأمطار بالسدود والحواجز التي أقاموها، اتجهوا إلى استغلالها في الزراعة وري الأراضي، أو حتى في الشرب، براعة المصريين القدماء في مجالات الهندسة، فتحت لهم آفاقًا كثيرة لمواجهة السيول وموسم الفيضان، حرصًا منهم على حماية المنازل والمعابد من الغرق والهدم، كما ابتكر المصري مقياسًا لمياه النيل "النيلومتر" منذ أكثر من 7 آلاف سنة، وهو عبارة عن علامات محددة على مياه النيل تطورت إلى أعمدة وآبار لمراقبة نسب المياه بشكل يومي وتحدد موسم الفيضان وموسم الجفاف، ما مكن الكهنة في مصر القديمة من التنبؤ بموسم الأمطار، وتحديد المزارعين لمواعيد زراعة المحاصيل حسب فصول السنة.