قال أحمد عامر الخبير الأثرى والمتخصص فى علم المصريات، إن ظاهره تعامد الشمس على قدس الأقداس فى المعابد المصرية، لم يكن صدفة، لأن المصرى القديم كان دقيقا فى كل شئ، حيث إنه الظاهرة كانت تتعامد فى 14 معبدا وأثرا مصريا، وظلت ممتدة حتى العصور البطلمية والمسيحية، فالمصرى القديم كان بارعا فى علوم الفلك والرياضيات والهندسة، ف تعامد الشمس على قدس أقداس معبد الكرنك، دليل واضح على تقدم المصريين القدماء فى علم الفلك، فإتجاه الشمس كان عاملا رئيسيا فى تحديد اتجاهات المعابد المصرية، سواء كانت تلك المعابد مرتبطة بإله الشمس أو غير مرتبطة.
وأشار "عامر" إلى تعامد الشمس على قدس الأقداس نراه فى معبد الكرنك مع إنطلاق فصل الشتاء فى 21 ديسمبر من كل عام، كما نراها أيضا فى قدس الأقداس لـ "آمون_رع" بمعبد الدير البحرى فى يوم 8 ديسمبر من كل عام، هذا بالإضافة إلى معبد أبوسمبل الذى تتعامد الشمس على وجه تمثال الملك "رمسيس الثانى" مرتين خلال العام الواحد، فى 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام، بالإضافة إلى تمثال أبو الهول والذى جعله ممثلا للشمس التى تشرق وتغرب فى الأفق، ويمثله هنا هرما "خوفو" و"خفرع"، ويتأكد ذلك من مخصص اسم أبو الهول فى الدولة الحديثة "حور إم أخت" بمعنى "حورس فى الأفق"، كما نجد هذه الظاهره فى المعابد اليونانية مثل معبد قصر قارون المتواجد فى محافظة الفيوم وذلك يوم 21 ديسمبر، حيث تحدث ظاهره تعام الشمس فى قدس الأقداس بالمعبد سنويا، بالإضافة إلى تعامد الشمس على مذبح كنسية الملاك ميخائيل فى محافظة الشرقية سنويا.
وتابع "عامر" أن تلك تؤكد الظواهر الفلكية ريادة قدماء المصريين لعلوم الفلك والهندسة، وتظهر مدى تمكنهم من تشييد معابدهم، بإعجاز فلكى وهندسى، جعل الشمس تتعامد فوق قدس أقداس كثير من المعابد، وفى أيام محددة من السنة، حيث يتزامن ذلك التعامد، مع مناسبات دينية وأعياد شعبية، وأحداث تاريخية، بعينها، فى كل عام، مثل تعامد الشمس على قدس أقداس بعض المعابد، فى يوم عيد الإله "حورس"، ويوم عيد الربة "حتحور"، ويوم الانقلاب الصيفى، وعيد الإله "آمون"، وغير ذلك من الأحداث التى عرفتها مصر القديمة.
واستطرد الخبير الأثرى أن هذه الظاهرة السنوية تثبت عظمة المصريين القدماء لتشييدهم المعابد مواجهة للشمس، وفى هذا اليوم ستتعامد فى معبدى الكرنك والدير البحرى على وجه الإله "آمون"، مما يشير إلى مناسبة خاصة تخص هذا الإله، مما يؤكد أن تشييد المعابد مرتبطا بظواهر طبيعية وتغييرات الفصول وبالمواسم الزراعية، فكانت بمثابة رسائل يرسلها المعبد للمزراعين لتحديد أنواع المحاصيل.
وأكمل "عامر" أن تعامد الشمس على محور المعبد بمجرد شروقها وترتفع فى مركز البوابة الشرقية للمعبد والتى تقع على خط واحد مع البوابة الغربية، وتضيئ الشمس فى هذا اليوم تمثال الإله "آمون" وزوجته الإلهة "موت" اللذين يحتضن أحدهما الآخر فى وضع الجلوس والمصنوعان من حجر الألباستر والمتجهان بوجههما نحو الشرق، كما أن الشمس فى هذا اليوم تدخل إلى قدس الأقداس وتضيئ القاعدة الحجرية التى كان يقف فوقها فى الأصل تمثال الإله آمون "رع" رب الكرنك، وتضيئ الشمس أيضا موائد القرابين المقامة على خط واحد بطول محور المعبد والمصنوعة من حجر الألباستر والتى تنتمى إلى عصور فرعونية مختلفة.