في الآونة الأخيرة، تزايدت ظاهرة المقاطعة كوسيلة للتعبير عن الرفض أو التنديد بسلوكيات أو منتجات معينة، نتيجة لما يحدث في غزة من انتهاكات غاشمه ضد الفلسطينيين، وتنوعت أسباب المقاطعة بين القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومع ذلك، فإن الآثار المحتملة لانتهاء المقاطعة على الصناعات المحلية تظل موضوعًا للنقاش والتحليل وخاصة مع ابداء أصحاب الشركات المحلية تخاوفهم من انتهاء المقاطعة وعودة شراء المنتجات الأجنبية مره أخري والذي سيتسبب في تكبدهم خسائر كبيرة بعد لجوء هذه الشركات الي الاقتراض من البنوك للتوسع وزيادة الإنتاج والتوزيع .
وأن نهاية المقاطعة يمكن أن تؤثر على الصناعات المحلية بشكل مباشر وغير مباشر،وفي هذا التقرير سنتعرف على بعض التأثيرات المحتملة التي يمكن أن تحدث في حالة انتهاء المقاطعة من قبل خبراء اقتصاديون.
في البداية يقول الدكتور السيد خضر، الباحث الاقتصادي، أن المقاطعة تعد سلاحًا ذو حدين في الترويج للمنتج المحلي، موضحاً أن الاستجابة الإيجابية للمستهلكين قد تؤدي إلى زيادة كبيرة في دعم المنتج المحلي، ومع ذلك، أبدى القلق إزاء استغلال بعض الشركات والتجار لهذا الطلب المتزايد من أجل رفع الأسعار، مما يشكل تحديًا كبيرًا يهدد المنتج المحلي.
وأضاف " خضر"، في تصريح خاص ل "بلدنا اليوم" ،أن الشركات المحلية تتنافس مع شركات عالمية تمتلك رؤوس أموال ضخمة وتتمتع بجودة عالية وقدرة إنتاجية كبيرة, ولكي تبقى في منافسة قوية، يجب أن يتوفر للمنتج المحلي عدة عوامل، بما في ذلك جودة منتج لا تقل عن 60% من جودة المنتجات العالمية الأخرى، وضمان توازن الأسعار.
وأوضح الباحث الاقتصادي، أن زيادة الأسعار المستمرة للمنتج المحلي واستغلال الطلب المتزايد قد يؤديان إلى تدميره وانهياره،وأعرب عن استياءه من غياب سياسة طويلة الأجل للمبيعات، حيث يهدف أصحاب الشركات المحلية إلى استغلال فترة المقاطعة لتحقيق أرباح قصيرة الأجل دون النظر إلى استمرارية المنافسة.
وفي سياق متصل: أن هذا التصرف سيدفع المستهلكين إلى العودة لشراء المنتجات العالمية بسبب انخفاض أسعارها، وهو ما سيشكل تحديًا كبيرًا أمام الشركات المحلية في الأسواق المصرية في الفترة المقبلة .
وأشار السيد خضر, إلى أن المنتج المحلي سيتعرض لخسائر مادية كبيرة في الفترة القادمة نتيجة لعدم استقرار الأسعار في مصر وتفضيل المستهلكين للمنتجات ذات الأسعار المنخفضة، مؤكداً أن فكرة المقاطعة لن تستمر طويلاً، حيث سيعود المستهلكون مرة أخرى لشراء المنتجات العالمية نتيجة للجشع الذي يسود بعض الشركات والتجار وعدم وجود سياسات لضبط الأسعار في الفترة الأخيرة.
ومن جانب آخر جاءت تصريحات الدكتور محمد البهواشي لتعزز أهمية التفكير بشكل استراتيجي وطويل المدى في ظل فترة المقاطعة، مشددا على ضرورة أن تكون الشركات المحلية لديها رؤية مستقبلية تهدف إلى تعزيز ودعم الصناعات والمنتجات المحلية بشكل دائم، كما يجب على الشركات أن تنظر إلى فترة المقاطعة كفرصة لتحقيق نجاح مستدام في الأسواق، وليس كفرصة استغلالية للمقاطعة لتحقيق مكاسب مالية خلالها فقط، وعليها أن تعمل على زيادة حجم المبيعات وتوسيع نطاق وجودها العالمي.
وأكد البهواشي، في تصريح خاص ل "بلدنا اليوم" ، على أهمية اتباع استراتيجيات تسويقية اقتصادية، مثل وضع هامش ربح معقول وتحسين جودة المنتجات، ويجب أن يكون المنتج المحلي بديلاً فعالًا للمنتجات العالمية، وليس مجرد منتج تم إنتاجه في فترة المقاطعة،كما يجب أن تستمر الشركات في التنافس وتعزيز مكانتها في الأسواق من خلال توسيع قاعدة العملاء وزيادة حجم المبيعات.
كما أكد على أهمية دور الصانع المصري في تحديد مصيره بنفسه في ظل فترة المقاطعة، يجب على الشركات المصرية أن تتخذ قرارًا بين التركيز على تحقيق المكاسب الفورية خلال فترة المقاطعة أو اتباع نظرة تسويقية طويلة المدى تضمن بقائها في المنافسة بشكل مستمر.
ويرى البهواشي، أن السلع والمنتجات المصرية قادرة على الانتشار والمنافسة والاستدامة بشكل عام.
وفيما يتعلق بالمنتجات المحلية التي تواجه صعوبة في الحصول على قبول واسع من المواطنين عند توسعها في الانتشار، يرجح الخبير الاقتصادي، أن هذا يعود إلى عدم تطوير تلك المنتجات بشكل مناسب، من المهم أن تكون المنتجات المحلية متطورة وملائمة لاحتياجات وتفضيلات السوق المستهدفة عند التوسع في الانتشار.
وبالنسبة لدور الحكومة في تشجيع ودعم الصناعة المحلية، يوضح الدكتور محمد البهواشي، أن الحكومة لا تفرق بين الصناعة المحلية والأجنبية فيما يتعلق بتحصيل الرسوم والضرائب وإصدار التراخيص. ومع ذلك، يشدد على أنه كاقتصاديين يهمنا أن يكون للمنتج العلامة المصرية وأن يتمكن من التوسع في الأسواق الخارجية. يمكن للحكومة أن تلعب دورًا هامًا في توفير بيئة داعمة وتشجيعية للشركات المحلية من خلال تقديم الدعم والتسهيلات اللازمة لتطوير وتحسين جودة المنتجات المحلية وتوسيع نطاق انتشارها.