وجد نفسه بين أحضان عائلة "السعدنية" وانغمس في مجتمع المثقفين إذ كان يجلس بجوار "الولد الشقي" الكاتب الساخر محمود السعدني على مقهى محمد عبد الله المطل على ميدان الساعة بالجيزة بين عمالقة الصحافة والأدب والشعر أبرزهم عبد الرحمن الخميسي ويوسف إدريس ونعمان عاشور، عشق التمثيل وبات واحد من أبرز وأهم أبناء جيله، هو "حسن أرابيسك" ابن البلد و"علواني" صعلوك القرية المدافع عن "الأرض" و"نصر وهدان القط" أستاذ التاريخ الذي يقف بالمرصاد لتجار الآثار في "حلم الجنوبي" و "سليمان غانم" الذي يدخل في صراع مع عدوه اللدود "ابن البدري" في "ليالي الحلمية" هو "العمدة" الفنان صلاح السعدني.
وتمر اليوم ذكرى ميلاد صلاح السعدني إذ ولد في 23 أكتوبر 1943 بـ"حارة سمكة" في الجيزة، بعد وفاة والده عكف شقيقه الكاتب الصحفي والساخر محمود السعدني، على تربيته وكان يصطحبه معه عندما يلتقى الشعراء والأدباء حتى ينهل من بحر ثقافة كلا منهم، تلقى تعليمه الثانوي بمدرسة "السعيدية"، ثم التحق بكلية الزراعة جامعة القاهرة.
تقابل مع رفيق دربه عادل إمام في كلية الزراعة ومن فريق التمثيل بالكلية كانت البداية وقدما مسرحية "ثورة الموتى"، انتقل بعدها إلي مسرح التلفزيون ومنه بدأ مشواره الفني، في مطلع الستينيات كانت البداية من ثلاثية الأديب عبد المنعم الصاوي من خلال "الضحية" ثم شارك في "الرحيل" و"الساقية" وخطف الأنظار بتعبيرات وجهه عندما قدم دور "أبو المكارم" وهو الشاب الأبكم، ثم شارك بأدوار صغيرة في مسرحية "لوكاندة الفردوس" و"معروف الاسكافي" وتألق في مسلسل "لا تطفئ الشمس".
بدايته في السينما كانت من فيلم "شياطين الليل" مع فريد شوقي، وجاءت الانطلاقة الحقيقة في فيلم "الأرض" مع يوسف شاهين، وتوالت أفلامه أبرزها "أغنية على الممر، الرصاصة لا تزال في جيبي، طائر الليل الحزين، قلوب في بحر الدموع، الاعتراف الأخير" وتألق في دور "عاطف" في مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرا" مع عبد المنعم مدبولي.
قدم عدد كبير من الأفلام في فترة الثمانينيات، أبرزها "الغول، فتوة الناس الغلابة، مقص عم قنديل، قضية عم أحمد، أولاد الأصول، الموظفون في الأرض، الزمار، زمن حاتم زهران" وقدم واحد من أجمل أدواره في "فوزية البرجوازية"، كان "السعدني" لا يعنيه حجم الدور أو مساحته بقدر أن يجد الدور المناسب الذي يخرج فيه كل طاقته التمثيلية.
دخل التلفزيون بدور العمدة "سليمان غانم" في "ليالي الحلمية" وحقق نجاح مدوي على مدار الأجزاء الخمسة وارتبط أسمه بـ"العمدة" ولاحقه النجاح في دور "حسن النعماني" في "أرابيسك" وتألق في "حلم الجنوبي" وفي المسرح أبدع في مسرحية "باللو".
توالت أعماله للسينما وقدم لها عدد كبير من الأفلام أبرزها "شحاذون ونبلاء، كونشرتو في درب سعادة" والفيلم التليفزيوني "المراكبي"، ثم هجر السينما وقدم في فترة الألفية للدراما عدد كبير من المسلسلات أبرزها "الأصدقاء، وجع البعاد، رجل في زمن العولمة، أوراق مصرية، للثروة حسابات آخرى، عدى النهار، الباطنية" وصنع نجاح يليق بموهبته في "الناس في كفر عسكر" في دور الفلاح "عبد القادر عوف"، وكانت المحطة الأخيرة في مسلسل "القاصرات".
مشوار فني طويل قضاه "السعدني" قدم من خلاله أدوار لا تنسى وتعيش بينا، ولكنه فضل الابتعاد والعيش في هدوء بين نجله الفنان أحمد صلاح السعدني وأحفاده، ويحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ80 وتبقى ابتسامته لا تفارق وجهه.