أحد أهم المجددين في الموسيقى، ومتعدد المواهب، هو ممثل ومطرب وملحن، خطف الكاميرا بخفة ظله وصنع البهجة بأغاني كتب لها الخلود، هو سابق عصره في الموسيقى والأنجح في الغناء والتلحين بين أبناء جيله محمد فوزي.
وتمر اليوم ذكرى وفاة محمد فوزي، حيث ولد في 15 أغسطس 1918 في قرية كفر الجندي، هو الأكبر بين أشقائه الخمسة من بينهم هدى سلطان والمطربة هند علام، لم يكمل تعليمه بعد المرحلة الابتدائية وخطفته نداهة، وبات يتردد علي موالد طنطا، تعلم أصول الموسيقى من جندي كان يعمل بالمطافي يدعى محمد الخربتلي، ويتردد معه على الأفراح ومولد السيد البدوي، سافر إلي القاهرة ليحجز لنفسه مكانا بين الفنانين وسط معارضة من والده الفلاح الذي رفض أن يعمل أحد أبناءه الفن.
سافر "فـوزي" إلى القاهرة في 1938، والتحق بفرقة بديعة مصابني، وهناك تعرف على فريد الأطرش ومحمد عبد المطلب والملحن محمود الشريف وشجعه الأخير على دخول امتحان الإذاعة ونجح في التلحين ورسب كمطرب، تمسك بحلم الغناء، حتى جاءت الفرصة مع الفرقة المثرية للتمثيل وشارك في مسرحية "شهرزاد" ولكنها لم يكتب له النجاح في العرض الأول.
انتقل إلى فرقة فاطمة رشدي واكتشف موهبته زوجها المخرج عزيز عيد، وبالتزامن مع عمله بالفرقة كان يدرس بمعهد الموسيقى العربية، حتى وقع اختيار يوسف وهبي له ومنحه دور صغير في فيلم "سيف الجلاد" وأطلق عليه اسم محمد فوزي.
كان نجاح "فوزي" طاغيا، وهو ما دفعه لينال أول بطولة مطلقة في فيلم "أصحاب السعادة" للمخرج محمد كريم وتوالت أفلامه وقدم فيلم "قبلة في لبنان"، وفتحت له السينما ذراعيها وقدم العديد من الأفلام الغنائية والاستعراضية، أبرزها "حب وجنون، فاطمة وماريكا وراشيل، ورد الغرام، دايما معاك، ليلى بنت الشاطئ، بنات حواء، العقل في أجازة، كل دقة في قلبي" وبلغ رصيده 36 فيلما.
بات "فـوزي" أكثر المطربين مشاركة في السينما، واعترفت به الإذاعة كملحن ومطرب بعد أن غنى "كلمني " وهي الأغنية التي رفضتها في البداية، وأسس شركة إنتاج سينمائية في نهاية الأربعينيات، وكان أول من أنتج أفلام ملونة من خلال فيلمي "نهاية قصة" و"الحب في خطر" وعانى في الفيلمين من خسارة مادية، وشارك في تأليف فيلم "من أين لك هذا" مع السيناريست وهي التجربة الوحيدة له في التأليف.
أسس بكل ما يملكه من مال شركة لإنتاج الأسطوانات الفنية وهي "مصر فون" أول شركة للأسطوانات فى الشرق الأوسط، وافتتح الشركة الدكتورعزيز صدقي وزير الصناعة في 30 يوليو 1958، وأنتجت الشركة أغاني أم كلثوم ونجاة، بينما "فوزي" قدم عدد من الإغاني التي مازالت تعيش بينا حتى الآن أبرزها "حبيبي وعنيا، شحات الغرام، ماله القمر ماله، اللي يهواك أهواه، يا جميل ياللي هنا، ليا عشم وياك يا جميل، تعب الهوى قلبي، طير بينا يا قلبي".
وقدم للأطفال عدة أغاني أشهرها "ماما زمانها جاية" ضمن أحداث فيلم "معجزة من السماء" وأغنية "ذهب الليل" ونالت نفس الشهرة وهي من أول الأغانى المصورة في التلفزيون المصري، وبلغ رصيده من الأغاني 400 أغنية، وقام بتلحين النشيد الوطني للجزائر بجانب تلحينه لعدد من المطربين منهم محمد عبد المطلب وليلى مراد ونجاح سلام، وشقيقته هدى سلطان وأنتج لها فيلم "فتوات الحسينية".
تزوج محمد فوزي 3 مرات، الأولى من جارته السيدة هداية يوسف، وأنجب منها "منير ومحمد وسمير" وانفصلا بعد 6 سنوات، والزيجة الثانية من الفنانة مديحة يسري وقدمت معه 7 أفلام، وأنجب منها "وفاء" وتوفيت وهي طفلة و"عمرو" وهو بطل مصر في الكاراتيه وتوفي في حادث سيارة ، والزيجة الثالثة من الممثلة كريمة واستمرت معه حتى وفاته ولم ينجب منها.
أصيب بمرض نادر حتى أن الأطباء أطلقوا عليه "مرض فوزي" لعدم وجدود معرفته أو تحديد اسم له، وسافر للعلاج إلى لندن، ثم ألمانيا ووصل وزنه إلى 36 كيلو فقط، وصدر له قرار بعلاجه على نفقة الدولة، ولكنه توفى في 20 أكوبر 1966، رحل "فـوزي" وبقيت ألحانه تعيش طوال الأمد.