أصدر مجلس أمناء الحوار الوطني بيان صباح اليوم أشار خلاله إلى أن الإجراءات الدستورية لانتخابات رئاسة الجمهورية توشك على البدء، ولما كانت هذه الانتخابات بطبيعة الحال ودائمًا هي أرفع وأهم الاستحقاقات السياسية والدستورية في النظام السياسي المصري وفي تاريخنا الحديث، وإذ ينظر المجلس إلى هذا الاستحقاق بوصفه فرصة إضافية لخلق المساحات المشتركة بين جميع مكونات المجتمع المصري في نخبه وجماهيره، تأسيسًا للجمهورية الجديدة وفقًا للدعوة الرئاسية لهذا الحوار.
وأضاف مجلس أمناء الحوار الوطني في البيان أنه يقدر تجاوب القوى السياسية الشرعية وسائر منظمات المجتمع ومن الرأي العام مع المبادرة الرئاسية بالدعوة إلى هذا الحوار ومساهماتها الواسعة والبناءة في فعالياته.
وأوصى المجلس كافة القوى الفاعلة في الحياة السياسية المصرية، المؤيدة والمعارضة والمستقلين، بالنظر إلى انتخابات الرئاسة المقبلة على أنها استحقاق مهم لتدعيم مسار دولة القانون المدنية الديمقراطية الحديثة، وليست مجرد حدث سياسي كبير له أهميته المعهودة.
وتابع: لأن ذلك كله لا يتأتى إلا بالإيجابية والعلانية والثقة المتبادلة، وكان مسار التحول الديمقراطي هو بطبيعته مسار طويل متعدد المراحل والمحطات، فإن مجلس أمناء الحوار الوطني يضع أمام الرأي العام والقوى السياسية، عدداً من المبادئ الضرورية لإدارة انتخابات رئاسية تعددية وتنافسية، تمهيدًا لما سيأتي بعدها من مراحل استكمالاً لمسار التحول الديمقراطي في مصر، منها:
أولًا: دعم الحياة السياسية المصرية:
وهو ما أصبح مطلوبًا بقوة وممكنًا بلا مخاطرة بعد نجاح الدولة والمجتمع في القضاء التام على خطر الإرهاب وغيره من أشكال التطرف والعنف والتحريض عليه. ويأتي في مقدمة ضرورات هذا الدعم، *استكمال الجهود الذي بذلتها الدولة في سبيل مراجعة أوضاع المسجونين والمحبوسين احتياطيًا والممنوعين من السفر من غير المُدانين أو المتهمين باستخدام العنف أو التحريض عليه، تعديل أحكام الحبس الاحتياطي بالشكل الذي لا يسمح بأن يتحول هذا الإجراء الاحترازي في أصله وهدفه إلى نوع من أنواع العقوبات التي توقع بدون أحكام قضائية.
ومن هذه الضرورات أيضًا دعم حرية عمل الأحزاب السياسية وحرية حركتها، بما يسمح لها بالاحتكاك بالجماهير وعرض برامجها، وبما يشجع المواطنين على الانضمام إلى عضويتها حسب اختيارهم الحر، كما يتطلب دعم الحياة السياسية في البلاد مزيدًا من دعم حرية الصحف ووسائل الإعلام والانطلاق بها إلى آفاق أوسع مع احترام الدستور والقانون والممارسة المهنية، وبذل كل الجهود الممكنة والمتاحة لسلامة إجراءات كافة الانتخابات العامة والمحلية والنقابية ونزاهتها، وتعديل قوانين الانتخابات لضمان التمثيل العادل والمتوازن لكافة القوى المجتمعية، وذلك من خلال ما تم رفعه للسيد رئيس الجمهورية من مقترحات من الحوار الوطني بخصوص الانتخابات البرلمانية والمحلية.
ثانيًا: إدارة الانتخابات الرئاسية المقبلة:
إذا كان مطلوبًا من أجهزة ومؤسسات الدولة الوقوف على مسافة واحدة من جميع المترشحين لمنصب رئيس الجمهورية بشكل يضمن الحقوق الدستورية والقانونية لهم والفرص المتكافئة، فإنه يلزم التأكيد على الحق لمن يريد الترشح لهذا المنصب في حرية الحركة والسعي لجمع التأييدات والاتصال بالناخبين والتغطية الإعلامية بشكل متكافئ، كل علي قدر طاقته وثقة الجمهور فيه وفي حدود القانون.
كما يلزم تشجيع المواطنين على المشاركة الإيجابية في الانتخابات باعتبارهم الهدف الأسمى لأي عملية سياسية في البلاد، وبما يتلاءم مع الاهتمام المحلي والدولي بهذه الانتخابات باعتبارها الاستحقاق الانتخابي الأهم.
بالإضافة إلى أهمية توعية الناخبين بجوانب العملية الانتخابية، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية والعمالية ووسائل وأجهزة الإعلام المختلفة، حسب رؤية الهيئة الوطنية للانتخابات بالتعاون مع الأجهزة المعنية والجداول الزمنية الخاصة بالعملية الانتخابية.
ولا يقل أهمية عن ذلك تسهيل الإجراءات اللازمة لمشاركة المصريين في الخارج في هذا الاستحقاق الدستوري المهم، بوضع القواعد المنظمة لذلك، بما يتوافق والأوضاع الخاصة للمصريين المقيمين بالخارج، وبما يتضمنه ذلك من تحديد مقار هذه اللجان وأعدادها، في الوقت المناسب وبالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية.
وأيضًا، توسيع مشاركة الأشخاص ذوي الهمم في الحياة العامة، وتيسير إجراءات ممارستهم لهذا الحق.
ثالثًا: بناء الثقة فيما بعد الانتخابات الرئاسية:
ويعني هذا: الالتزام الكامل والمعلن من كافة الأطراف السياسية والمجتمعية بالاستمرار في رفض ونبذ ومكافحة قوى الإرهاب والتطرف، والذين تلوثت أيديهم بدماء المصرين، وأولئك الذين مارسوا العنف وحاولوا توظيف الدين في العمل السياسي.
أيضًا، الاهتمام بالتربية السياسية للمواطنين ودعم الحق في حرية العمل الأهلي والنقابي من خلال ترسيخ الحق في تأسيس وإشهار التنظيمات النقابية العمالية وغيرها من أشكال التجمعات الأهلية والمدنية اتساقًا مع ما ورد بالدستور.
ثم، وهذا هو واجب حال وعاجل على الجميع، أن يتم التوافق علي أن أي إصلاح اقتصادي أو جهد تنموي، إنما يهدفان إلى تحسين مستوي معيشة المصريين يومًا وراء يوم وعامًا وراء عام، مع اتخاذ القرارات الاقتصادية الكفيلة بتحسين المعيشة ويضمن الحياة الكريمة ويحقق العدالة الاجتماعية.
كذلك تطبيق إجراءات الترشيد اللازم للإنفاق العام دون تعطيل لخطط ومشروعات الدولة، وتشجيع الإنتاج والتصدير لدعم عملتنا الوطنية، ومن ثم دعم مستوي معيشة المواطنين كافة. وعلى رأس هذه الإجراءات، *مزيدًا من حوكمة الموازنة العامة، وتوفير مزيد من حرية العمل للقطاع الخاص وفتح مجالات جديدة له، وضمان الحياد التنافسي، وحماية الفئات الاولى بالرعاية.
إن مجلس أمناء الحوار الوطني إذ يحدوه الأمل في مستقبل أكثر أمنًا ورخاًء وأرفع مكانة لمصر ومواطنيها جميعًا، فإنه يتوقع من كافة القوي السياسية في البلاد، المؤيدة والمعارضة والمستقلين وعموم المواطنين، الالتزام بهذه المبادئ نصًا وروحًا.