- وزير البترول السابق: الحكومة تتكبد 65 مليار جنيه سنويًا في دعم السولار
- خبيرة اقتصاد وطاقة: المجمع الجديد سيحقق عائدات تزيد عن 10 مليارات جنيه سنويًا
تعتبر المشتقات البترولية من أهم السلع الاستراتيجية في مصر، كونها تمثل مصدر الطاقة الرئيسي لمختلف القطاعات الحيوية، وتحديدًا السولار الذي يمثل الوقود الأساسي لمعظم وسائل النقل.
وشهد هذا القطاع تطورات ملحوظة في السنوات الأخيرة، حيث تم تقليل نسبة استيراد السولار إلى 25% فقط من خلال تطوير المصافي وزيادة الطاقة الإنتاجية، إلا أن إنتاج السولار لا يزال يواجه تحديات كبيرة نظرًا لتعقيد تركيبته واعتماده على مصادر متعددة، كما أن دعم سعر السولار يكلف الحكومة مبالغ ضخمة سنويًا، لذلك تبرز الحاجة إلى إعادة توجيه جانب من الدعم نحو قطاعات أكثر أهمية كالتعليم والصحة، والعمل على زيادة الإنتاج المحلي من البترول لتقليل الاعتماد على الواردات.
وفي هذا الإطار، تأتي أهمية مشروع التفحيم الجديد لإنتاج السولار في خليج السويس بجودة عالية والذي تقدر استثماراته بحوالي مليار و770 مليون دولار، فضلًا عن الإعلان عن زيادة إنتاج حقول جديدة للبترول لسد العجز في الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والاستغناء تدريجيًا عن استيراد المشتقات البترولية.
البداية كانت مع وزير البترول السابق، المهندس أسامة كمال، الذي أشار إلى أن مصر كانت تستورد السولار من الخارج بنسبة 50%، في حين كان الإنتاج المحلي يبلغ 50% فقط، وأنه تم تحقيق تقدم كبير خلال الخمس سنوات الماضية في زيادة نسبة الإنتاج المحلي، حيث تم تقليل حجم الاستيراد الخارجي إلى 25% فقط.
ويعزى "كمال"، هذا التحسن إلى التطورات والتحديثات التي تمت في الشركة المصرية لتكرير البترول، بما في ذلك زيادة الإنتاج في الإسكندرية للبترول ،وكذلك رفع الطاقة الإنتاجية في شركة أسيوط للبترول، ولكن مازلنا نستورد 25% من السولار من الخارج.
وأوضح الوزير السابق، أن مشكلة السولار تتمثل في تكوينه المُعقد، حيث يتم ضخ كميات كبيرة منه في السوق المصرية، والتي تصل إلى 40,000 طن يوميًا، أي ما يعادل حوالي 45 مليون لتر، مشيرًا إلى أن إنتاج السولار يتم من خلال عدة مصادر، حيث يتم إنتاج جزء منه في مصافي التكرير العامة، وجزء آخر في المصافي الاستثمارية، وجزء ثالث يتم استيراده من الخارج على شكل خام ويتم تكريره، وأخيرًا يتم استيراد جزء رابع من الخارج على شكل سولار جاهز للاستخدام.
وعندما يتم جمع هذه الأجزاء الأربعة، يظهر أن سعر السولار الواحد يتراوح بين 12.5 إلى 15 جنيه للتر الواحد، ومع ذلك، يتم تعديل سعر اللتر الواحد من السولار المدعوم وفقًا للدعم الحكومي، حيث يصل سعر اللتر الواحد المدعوم إلى 8 جنيهات، وبالتالي يوجد دعم لسعر السولار بمقدار 4 إلى 5 جنيهات في اللتر الواحد من السولار المدعوم.
وتابع أسامة كمال تصريحاته قائلًا: "تتكبد الحكومة تكلفة كبيرة في دعم السولار بمبلغ يبلغ حوالي 65 مليار جنيه سنويًا، والذي يترجم إلى 180 مليون جنيه يوميًا وحوالي 5.5 مليار جنيه شهريًا، وأشار إلى أن تقليل كمية الاستيراد سيسهم في تقليل تكلفة الدعم".
وأضاف: "على سبيل المثال، إذا تم تخفيض جنيه واحد في لتر السولار، فإن ذلك سيؤدي إلى توفير حوالي 45 مليون جنيه يوميًا في تكلفة الدعم. وبالتالي، أي توفير في الأرقام سيكون له تأثير إيجابي كبير على تكلفة دعم الوقود. ومن هذا المنطلق، يأتي أهمية مجمع التفحيم أو مصفاة التكرير وإنتاج السولار في السويس، حيث يهدف ذلك إلى التحكم في أسعار المنتجات البترولية بشكل عام وتقليل تكلفة الدعم".
واستطرد، مشددًا على ضرورة إعادة توجيه الدعم المخصص للسولار لصالح بنود أخرى ذات أهمية أكبر، مثل التعليم والرعاية الصحية والنقل العام، وذلك بدلًا من أن يكون مستهدفًا للأفراد والقطاعات التي لا تستفيد منه بشكل كبير, وبالإضافة إلى ذلك، تشير إلى أن تغيرات في سعر السولار وسعر الصرف يؤثران على تكلفة الدعم.
وفي هذا السياق، تعمل الجهات المعنية على إزالة هذين العاملين من الحسابات، بهدف إعادة توجيه الدعم المخصص للسولار لصالح مجالات وبنود أخرى تعود بالفائدة على الجماهير بشكل أكبر، مثل التعليم والرعاية الصحية والنقل الجماعي ،ويعتبر ذلك أكثر عدالة وتوجيهًا للدعم إلى الأشخاص المستحقين له، بالمقابل، يتم تحديد تأثير الدعم على الأنشطة الفاخرة وغير الضرورية، مثل اليخوت والسيارات الفاخرة ووسائل النقل السياحية وسيارات النقل الكبيرة والصغيرة وبالإضافة إلي الميكروباصات، بهدف تقليص هذا النوع من الاستفادة من الدعم وتوجيهه نحو الاحتياجات العامة للجماهير.
واختتم كلامه بالنسبة للهدف العام الذي ذكرناه، فإنه يهدف إلى توسيع الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال البترول، من خلال تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وعلق المهندس أسامة كمال على إعلان شركة كايرون بشأن اكتشاف حقل جديد للزيت الخام في خليج السويس، موضحًا أنه ليس اكتشافًا جديدًا، بل هو زيادة في إنتاج الحقل الحالي إلى 2500 برميل من الزيت الخام يوميًا، وأشار إلى أن هذا الإنتاج الإضافي يأتي في إطار جهود وزارة البترول لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتغطية احتياجات البلاد من النفط المستورد.
ومن جانبها توكد النائبة نشوي الديب، عضو لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، علي أن أي اكتشافات جديدة تعتبر نعمة لمصر وتعزّز الجهود والاستثمارات التي تقوم بها الدولة لزيادة إنتاج النفط لتلبية الاحتياجات المحلية، وأشارت إلى أن الحكومة قامت بضخ استثمارات كبيرة في مشروع تفخيم أو تكرير البترول في خليج السويس، بهدف إنتاج وقود سولار عالي الجودة يتوافق مع المعايير العالمية.
وأوضحت البرلمانية، أن الدولة منحت امتيازات لشركات عالمية لاستكشاف النفط، سواء في خليج السويس أو البحر الأحمر والبحر المتوسط، بالإضافة إلى المناطق الصحراوية الشرقية والغربية، وعند حدوث اكتشافات جديدة، يتم زيادة الاستثمارات والعائدات للمواطنين، مما يسهم في تعزيز ميزانية الدولة، وشددت على ضرورة أن تحرص الحكومة على أهمية التعاقدات مع شركات النفط العالمية، بحيث تكون هذه التعاقدات عادلة وتحمل فوائد إيجابية للبلاد، من خلال تقليص الفترات الطويلة للتعاقد وتحديد نسب الاستحقاقات بشكل عادل.
وأضافت "الديب", أن أي أخبار تتعلق بالاستثمارات أو المشروعات أو الاكتشافات الجديدة، تساهم في تقليل التوتر في الشارع نتيجة لارتفاع الأسعار والظروف الاقتصادية الصعبة، وتعطي الأمل للمصريين في تحسن الأوضاع في المستقبل ،وعبرت عن تفاؤلها بتحقيق تغيير إيجابي في المستقبل، مؤكدة أن مصر قوية وقادرة على التغلب على أي أزمة أو تحدي، وتمنت أن تساهم هذه المشروعات والاكتشافات في تقليل الاعتماد على الاستيراد وحل المشاكل الداخلية، وزيادة الصادرات إلى الخارج، مما ينعكس إيجابًا على الميزانية العامة وحياة المواطنين والخدمات المقدمة لهم في مجالات التعليم والصحة وتلبية احتياجاتهم، ولكنها أشارت إلى أنه لا يمكن التأكيد على تحقيق ذلك أم لا.
وأكدت عضو لجنة الطاقة والبيئة ، أن مشكلتنا الأخيرة في قطاع الكهرباء تتعلق بنقص إمدادات المازوت، وأنه على الرغم من ذلك، تم تعليق تصدير الغاز الطبيعي إلى الخارج حتى شهر أكتوبر، ولكن المشكلة تكمن في نقص إمدادات المازوت ،والتحمل الكبير الذي تتحمله الدولة من أجل تلبية هذه الاحتياجات في الميزانية.
ومن جهتها قالت الدكتورة وفاء علي خبيرة الاقتصاد والطاقة، أن الدولة قفزت في السنوات الأخيرة بملف الطاقة وتحاول إحداث علامة فارقة بموقعها الجيو سياسي وحرصها على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية، ولذلك وضعت استراتيجية قائمة على تأمين الإمدادات وإدارة الطلب وتحقيق الاستدامة ومواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة في مجال صناعة النفط.
وتابعت: ولذلك وضعت وزارة البترول سياسة مرنة لتحديث معامل التكرير والمصافى والبحث الدائم عن القيمة المضافة، ويأتى مجمع التفحيم الجديد بشركة السويس ليكمل منظومة صناعة المنتجات البترولية بعد معمل مسطرد العملاق ومعمل اسيوط والعامرية وغيرهم، فهذا المشروع الضخم الذى تم التخطيط له لزيادة حجم إنتاج مصر من السولار وزيت الوقود وتحسين جودة المنتجات مع خفض التكلفة الإجمالية للانتاج.
وأوضحت الخبيرة الاقتصادية، أن المجمع يتكون من ثلاث وحدات رئيسية هي بالترتيب وحدة التفحيم ووحدة المعالجة النهائية ووحدة التخزين وتبلغ قدرة وحدة التفحيم على إنتاج 1.2 مليون طن من السولار، وزيت الوقود بينما تبلغ قدرة وحدة المعالجة النهائية على إنتاج 1.1 مليون طن من المواد البترولية المُكررة سنويًا، وتبلغ سعة وحدة التخزين 2.5 مليون متر مكعب من السولار وزيت الوقود.
ونوهت الدكتورة وفاء علي، أن المجمع بدأ الإنتاج به عام 2018 ومن المتوقع أن يحقق عائدات تزيد عن 10 مليارات جنيه سنويًا مما يساهم في خفض الفاتورة الاستيرادية وخلق فرص تشغيل جديدة ودعم لملف الطاقة التي هي ركن أساسي من التنمية المستدامة ويساهم المجمع الخاص بالتفحيم في زيادة إنتاج السولار وزيت الوقود بنسبة 50% وخفض التكاليف الإجمالية للإنتاج بنسبة 20%.
وفي النهاية أكدت على إن هذه المشروعات البترولية الضخمة تعتبر نموذجًا للقيمة المضافة في صناعة النفط، حيث تسهم في زيادة إنتاجية مصر وتحسين جودة المنتجات وتخفيض التكاليف الإجمالية للإنتاج، وتلعب هذه الصناعة الحيوية دورًا أساسيًا في التنمية المستدامة وتعزز الاستقلالية الاقتصادية للبلاد.