«سمعان»: طرق الاستفادة منها متعددة
«أبو صدام»: استخدامها بشكل صحيح يعطي عائدًا اقتصاديًا كبيرًا
«محمود»: السماد العضوي حصّالة العناصر الغذائية للتربة
تمثل المخلفات الزراعية مشكلةً مؤرقة للمزارعين والبيئة كلًا على السواء؛ لذلك يلجأ المزارعون إلى التخلص منها عن طريق حرقها أو تركها في أماكنها لفترات طويلة، أو إلقاؤها في مياه الترع والمصارف، وكل ذلك يعد طرقًا خاطئة وغير آمنة للتخلص من بقايا المخلفات الزراعية، ولكن التخلص الآمن والأمثل لبقايا المخلفات الزراعية يتمثل في إعادة تدويرها واستخدامها مرة أخرى.
مصر تنتج 40 مليون طن مخلفات زراعية سنويًا
وتنتج مصر أكثر من 40 مليون طن من المخلفات الزراعية سنويًا، موزعة 6 ملايين طن قش الأرز، ومن حطب القطن سنويًا حوالي 1.6 مليون طن، و5 ملايين طن سنويًا من مصاصة القصب، و1.6 مليون طن سنويًا من مخلفات تقليم الأشجار، وتنتج أيضا حوالي 1.5 مليون طن سنوياً من مخلفات الموز، وغيرها من أنواع المخلفات الأخرى وبقايا الثمار التالفة، وما يـعاد تدويره لا يتجاوز 12 % فقط من هذه الكمية، فيما يتم التخلص من ملايين الأطنان الأخرى إما بحرقها أو بإلقائها في الترع والمصارف.
وقدم قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994م تعريفًا لإعادة تدوير النفايات: «بأنها العمليات التي تسمح باستخلاص المواد أو إعادة استخدامها مثل الاستخدام كوقود أو استخلاص المعادن والمواد العضوية أو معالجة التربة أو إعادة تكرير الزيوت».
كنز بيئي غير مستغل
قال الدكتور عبد المسيح سمعان، أستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس، إن المخلفات الزراعية كنز بيئى غير مستغل، ولابد من الاهتمام به، ومعرفة الطرق المُثلى في استخدامها، فهناك من لا يعرف كيفية التخلص من المخلفات ويضطر لتركها لفترات طويلة في أماكنها وهنا تقوم بالتحلل وتصبح مصدرًا أساسيًا للأمراض والحشرات، فضلًا عن زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من تلك المواد المتحللة نتيجة التحلل.
وتابع «سمعان»، وهناك من يتخلص منها عن طريق الحرق، وهنا ينبعث أساسيًا منها ثاني أكسيد الكربون، وهو المسبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري، وبالتالي يُسبب تلوثًا في الهواء، خاصة وأن الريف مصدر الهواء النقي، نستنشق منه الأكسجين، ونستمتع بهدوئه وجماله.
وتطرق «أستاذ الدراسات البيئية»، إلى الحديث عن السحابة السواء والتي عانى المصريون منها كثيرًا وسببها حرق قش الأرز، ومن هنا نجد أن التخلص من المخلفات الزراعية بطرق غير آمنة خطرًا على حياة البشرية، وفي حالة إلقائها في الترع والمصارف تسبب تلوثًا للمياه أيضًا، بالإضافة إلى الشق الجمالي، فترك المخلفات متراكمة يخلق مشهدًا غير محبب للعين.
وعن طرق الاستفادة من المخلفات الزراعية، قال «الدكتور عبدالمسيح سمعان»، يُمكن الاستفادة من المخلفات الزراعية بعدة طرق عن طريق تحويلها إلى أخشاب طبيعية، وأصبح هناك مراكز متخصصة بالجامعات المصرية تتجه لتحويل جريد النخيل إلى خشب طبيعي، يُصنع منه الأثاث المنزلي، ويُصنع منه أقفاص لحفظ الفواكه والخضراوات، بدلًا من الأقفاص البلاستيكية، مشددًا على ضرورة العودة إلى استخدام الأقفاص الجريد لقدرتها على التحلل وإعادة الاستخدام مرة أخرى، أو تحويلها إلى كمبوست وسماد عضوي عن طريق التعامل مع المراكز الزراعية والمراكز المتخصصة في ذلك.
تحويل المحن إلى منحوأشاد الحاج حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، بدور وزارة البيئة في الاستفادة القصوى من المخلفات الزراعية والحفاظ على البيئة، في ظل الاستراتيجية المصرية، وتحويل المحن إلى منح، متابعًا: المخلفات الزراعية في حالة حرقها أو استعمالها استعمالا غير جيد، أو تركها في أماكنها تساعد على التلوث البيئي وانتشار الحشرات والأوبئة، وتصبح مضرةً جدًا.
وتابع «أبو صدام»، وفي حالة استخدامها استخدامًا صحيحًا تعطي عائدًا اقتصاديًا عاليًا، مثل قش الأرز عند حرقه يتحول إلى سحابة سوداء تغطي القاهرة الكبرى، وتُلوث الهواء، فاليوم قش الأرز ننتج منه أسمدة زراعية وعلفًا للمواشي، وذلك تحت إشراف وزارتي البيئة والتنمية المحلية، والتي توفر معدات الكبس والفرم، وذلك كله يعود بفائدة مالية واقتصادية على الفلاح المصري.
وقال «نقيب الفلاحين»، ننتج في مصر نحو 40 مليون طن سنويًا من المخلفات الزراعية، سواءً من بقايا المحاصيل أو الثمار التالفة، فكل ذلك يمكن تحقيق استفادة قصوى منه في حالة اتباع نهج وزارة البيئة، فالوزارة تعمل حاليًا على تحويل روث البهائم إلى غاز وسماد عضوي عن طريق مشروع البيوجاز، ويستفاد منه الفلاح والمُربي، مشيرًا إلى إنشاء ما يقرب من 1900 وحدة على مستوى الجمهورية لإنتاج الوقود الحيوي والسماد العضوي بمختلف القرى.
الأسمدة العضوية
ومن جانبها، قدمت الدكتورة منى محمود، الخبير الزراعي، وباحثة دكتوراة بجامعة أسوان، تعريفًا للأسمدة العضوية، قائلةً إنها عبارة عن كل المخلفات التي تأتي بصورة طبيعية من بقايا المخلفات النباتية مثل مخلفات المحاصيل الزراعية وبقايا التقليم أو الحشائش والمخلفات الحيوانية، ويتم إعادة تدويرها بأكثر من طريقة للحصول على أسمدة صلبة مثل الكمبوست سواء نباتيًا أو حيوانيًا أو خليطًا من الاثنين أو أسمدة عضوية سائلة مثل الناتجة من وحدات البيوجاز والتي أصبحت مصدرًا جديدًا في تدوير المخلفات، وإنتاج أسمدة عضوية عالية الكفاءة بالإضافة إلى إنتاجها للغاز الطبيعي الذي يمثل عملية اكتفاء للوقود والكهرباء لأصحاب هذه الوحدات.
وتابعت «محمود»: أن التسميد العضوي حجر الأساس الذي يجب وضعه لرفع القيمة الإنتاجية للأراضي الزراعية والإقلال من التلوث البيئي الناتج من الإسراف في استخدام الأسمدة المعدنية (الكيماوية)، ولذا فإن إعادة تدوير المخلفات العضوية أحد العوامل المهمة التي تؤدي إلى توفير كميات من الأسمدة العضوية تفي باحتياجات الأراضي الزراعية، لافتةً بأن المادة العضوية تعتبر ذات تأثير غير مباشر على الخواص الطبيعية والكيميائية والحيوية، فهي المسؤولة من أي عامل فردي آخر عن ثبات التجمعات الأرضية، كما أنها مسؤولة عن حوالي 50% من السعة التبادلية الكاتيونية للأراضي إلى جانب تأثيرها على حموضة التربة وقدرتها التنظيمية وعلى خصوبة التربة وإمداد النبات بالعناصر الغذائية المنطلقة من المركبات العضوية أثناء تحللها وإمداد الكائنات الدقيقة بالطاقة وعناصر بناء أجسامها، وتساهم المادة العضوية في زيادة النشاط البيولوجي داخل منطقة انتشار الجذور لاحتوائها على بعض الميكروبات المفيدة والمنشطة للعمليات الحيوية فضلاً على أنها تعتبر أحد المحسنات الطبيعية التي تقوم بدور هام وفعال في تحسين الخواص الطبيعية.
وأضافت «الخبير الزراعي»: أن عملية تحويل المخلفات لتصبح سمادًا عضويًا جاهزًا للإضافة للأرض الزراعية تحتاج إلى فترة زمنية تختلف من الصيف إلى الشتاء، حيث عملية التحلل تستغرق من شهر ونصف إلى ثلاثة أشهر في فصل الصيف، وقد تصل إلى 6 أشهر في فصل الشتاء؛ لتصل إلى مرحلة التحلل، وتكون جاهزة للإضافة للتربة، متابعةً «ولتتم عملية التحلل للمخلفات يلزم لها توفر الماء والهواء، حيث نقوم بإضافة الماء للمخلفات مع التقليب المستمر كل أسبوع في الصيف، ومرة كل15 يومًا تصل إلى شهر خلال فصل الشتاء للوصول إلى عملية التحلل، ومن هنا نحصل على سماد عضوي متحلل يعرف بالكمبوست، وتُعني كلمة Composting هي عملية الكمر الهوائي للمخلفات العضوية للحصول على سماد عضوي جيد عن طريق التخمير وهي عمليه بيولوجية تتم فيه عملية تحويل المخلفات لمادة شبيهة للتربة العضوية الطبيعية، يمكن إضافته إلى التربة بمعدل يتراوح ما بين 10 إلى 20 مترًا مكعبًا للفدان يختلف باختلاف المحصول المنزع».
البيوجاز
وأشارت «الدكتورة منى محمود»، إلى أن هناك جزءًا حديثًا يُعرف باسم وحدات البيوجاز والهدف منها معالجة المخلفات للحصول على الطاقة والسماد العضوي بالإضافة إلى حماية البيئة من التلوث، وهي عبارة عن أنواع كثيرة منها الطراز الصيني والطراز الهندي والطراز المصري (المطور) والذي جمع بين الطرازين مع بعض التعديلات، وتشمل الوحدة أربعة أجزاء «حجرة التخمير والتي يضاف بها المخلفات وحوض الدخول وحوض الخروج وخزان الغاز»، منوهةً بأن لوحدات البيوجاز فوائد عديدة مثل إنتاج الغاز الطبيعي (الطاقة النظيفة), إنتاج سماد البيوجاز وهو سماد عضوي عالي القيمة الغذائية يزيد إنتاجية المحاصيل بنسبه تصل لـ35% مثل محاصيل الذرة والقصب والقطن والقمح.
السماد العضوي حصالة التربة الزراعية
وعن فوائد السماد العضوي للتربة الزراعية، وصفته «الدكتورة منى محمود»، بأنه حصالة يتم من خلالها تخزين كافة العناصر الغذائية للتربة به، فمن خلاله يتم تجميع كافة العناصر الغذائية بالنبات، والأراضي الحديثة التي ليس بها مادة عضوية، ومعدل سرعة نفاذ المياه بها سريع، لغياب العناصر الممسكة للمياه، فالسماد العضوي يعمل على إعادة البناء التركيبي للتربة مرة أخرى، ويُحسن من خواص التربة، كما يُحسن من عملية تنفس التربة ويجعل نسبة الأكسجين بها أفضل، فضلًا عن أنه يُقلل من عملية صرف المياه من التربة؛ لأنه يُمسك المياه والعناصر الغذائية، بالإضافة إلى أنه يزيد محتوى التربة من الكائنات الحية الدقيقة المفيدة من البكتيريا والفطريات العناصر الغذائية الكبرى والصغرى، ولتحلل المواد العضوية لابد من وجود البكتيريا والفطريات النافعة، والتي تبدأ في تحلل المتبقيات الموجودة، وبذلك نعمل على زيادة الكائنات الحية الدقيقة بالتربة.
وردًا على سؤال هل يمكن تحويل كافة المحاصيل الزراعية لسماد عضوي، أوضحت «باحثة الدكتوراة»، أنه يجوز تحويل كافة المخلفات البيئية سواء نباتية أو حيوانية أو المخلفات الغذائية الناتجة من المنازل وإعادة استخدامها من خلال تحويلها لسماد عضوي، لكن تختلف قيمة السماد الناتج منها بمعنى «في حالة استخدام بقايا محصول بقولي مثل الفول والعدس والحمص والترمس والحلبة هنا تصبح نسبة النيتروجين عالية، وعند إعادة استخدامها مرة أخرى وتحويلها لسماد عضوي يصبح محتواها من العناصر الغذائية عالٍ»، لكن عند «إحضار البوص والقش وبقايا الأرز هنا تصبح نسبة العناصر الغذائية أقل».
وأكملت: أن المخلفات النباتية عند خلطها مع المخلفات الحيوانية تعطي سمادًا عضويًا أعلى جودة لاحتوائه على مزيج من العناصر المختلفة، وهنا نجد سؤالًا يطرح نفسه «هل كافة المخلفات الحيوانية لها نفس قيمة العناصر؟»، الإجابة بالطبع لا، فكل متبقى حيواني يحتوي على نسبة عناصر مختلفة عن غيره بالمرة، وبناءً على نسبة المخلف يتم تحديد ما يمكن إضافته للتربة من محتوى وكمية باختلاف المحاصيل المنزرعة.
شراء مكابس ومفارم
وقالت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، في تصريحات سابقة، إنه بالنسبة للمخلفات الزراعية فالدولة تسعى جاهدةً إلى تحقيق استفادة قصوى منها، مؤكدةً أنه يتم التعاقد بشكل دوري على شراء مكابس ومفارم؛ لإعادة تدوير المخلفات والمتبقيات الزراعية.
وقالت «فؤاد»، إن مصر تنتج قرابة 40 مليون طن سنويًا من المخلفات الزراعية، مشيرة إلى إقامة مشروعات إعادة التدوير لهذه المخلفات في محافظات الدلتا لتكون قريبة من مصادر إنتاج هذه المخلفات، ستنتج الورق والسماء العضوي والأحبال والبيوجاز والعلف غير التقليدي والأخشاب الصناعية، وإقامتها في عدد من محافظات الصعيد لإنتاج السماد العضوي من بوص الذرة وبقايا المحاصيل.