كان متوقعًا أن يبلغ التضخم ذروته في نهاية 2022 أو بداية 2023، وأن تنحسر موجات ارتفاع الأسعار في دول العالم، لكن ما حدث أن الاقتصاديين العالميين يؤكدون أن معركة التضخم لن تنتهي قريبًا، ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار أكثر في 2024، محذرين من تباين التأثير على دول العالم.
في حين تشكو دول مثل دول الشرق الأوسط من ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، يحدث ركود في الصين واليابان، وتتأرجح الولايات المتحدة وأوروبا بين التضخم والركود.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل النحاس، إن الأزمة الاقتصادية التي حدثت في عام 2008، تم حلها بشكل غير صحيح، وهو ما تحتم علينا الدخول في أزمة جديدة.
ويوضح النحاس، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن الولايات المتحدة أخذت زمام المبادرة لضبط الاقتصاد العالمي، بعد زيادة الديون العالمية والتي تجاوزت 305 تريليون دولار، فسارت على عدة مسارات لسحب السيولة، حيث أضحت الكثير من الأموال في العالم دون غطاء حقيقي، بسبب عمليات الرهون العقارية والاقتراض المصرفي وغيرها.
وأشار النحاس أن الولايات المتحدة قامت برفع الفائدة للحفاظ على قيمة الدولار وسحب السيولة، وبالتالي إعادة ترتيب العالم اقتصاديًا.
وفي هذا السياق أشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الولايات المتحدة نجحت حتى الآن في ذلك، حيث انخفضت الديون العالمية لـ295 تريليون دولار.
وأكد النحاس أن الولايات المتحدة استفادت من احتراق أوكرانيا، الدولة الغنية زراعيًا وصناعيًا للتسبب في إضعاف العديد من الدول، وكشفت حقيقة القدرات الروسية في الحرب، وتخطط كذلك لتوريط الصين مع تايوان، من أجل تقزيم دورها بعدما شاهدت إمكانيات غير معهودة للصين في وقت أزمة كورونا.
ويرى النحاس أن الخطط الأمريكية نجحت في استنزاف احتياطات الدول النامية ودول الشرق الأوسط اقتصاديًا من خلال توجيهها استثماريًا في مشاريع لن تكون مطلوبة في المستقبل، مع تقليل "حنفية الاقتراض" بهدف تركيع هذه الدول واستنزاف قدراتها.
وأكد الخبير الاقتصادي إلى أن الولايات المتحدة تعيد تشكيل خريطة العالم الصناعية بهذه الإجراءات، حيث ستنقل القوة التصنيعية من الصين وروسيا ودول آسيا للداخل الأمريكي، بهدف التجهيز للتصنيع المستقبلي الذين سيعتمد على السيارات الكهربائية والصناعات الفائقة وتكنولوجيا الجيل الخامس.
وحذر النحاس من أن رفع أسعار السيارات والسلع الكهربائية التقليدية في العالم هذه الفترة يخدم التوجه الأمريكي، حيث يساعد الولايات المتحدة في التخلص من مخزونات السلع التي لن تكون بحاجة إليها في العقد القادم، ضاربًا المثل بالسيارات، التي ارتفع ثمنها وقلت قطع غيارها بهدف التخلص من مخزوناتها، استعدادًا لفرض السيارات الكهربائية على العالم.
ونوه النحاس إلى أن أمريكا لا تمانع في هذا السياق من التضحية ببعض مؤسساتها الضعيفة التي تخدم دول الشرق الأوسط والشرق الأدنى والشرق الأقصى، مثل بعض المصارف التي أعلنت إفلاسها، وكان المتضررين منها هم الدول التي تستهدفها الولايات المتحدة بقرارتها.