الدكتور هاني عوض الله أحد أبطال مبادرة «فيروس سي» في ندوة لبلدنا اليوم:
- حملة فيروس سي خفضت نسبة الإصابة من 14% إلى 0.4 %
- الحملة نجحت في إظهار أمراض مختفية لدى المواطنين
- توطين صناعة علاج فيروس سي في مصر من أهم إنجازات الحملة
- الفيروس كان تهديدا وجوديا لمصر.. والحملة انتصرت بقوة
- الحملة تعتبر إعجازا لم يتوقعه العالم أجمع
- أثبتت عبقرية وتفوق المجال الطبي المصري وعالجت المصابين مجانا
من قائمة أكثر الدول إصابة إلى الاحتفال بالقضاء عليه.. إنه فيروس سي.. ذلك الكابوس الذي ظل يطارد الملايين من المصريين والدولة نفسها، إلى أن قررت أن تخوض حربا شرسة ضده لحماية وإنقاذ الملايين من المصريين.
حققت مصر أرقاما قياسية في القضاء على فيروس سي لم يتخيلها العالم أجمع، فقد خضع نحو 80 مليون مواطن للكشف و4 ملايين تلقوا العلاج ونسبة الشفاء تجاوزت 98%، لتعبر مصر مجددا ولكن العبور هذه المرة ليس عسكريًا وإنما عبورًا طبيًا، كما قال الدكتور هاني عوض الله الأستاذ المساعد بطب الجهاز الهضمي والكبد جامعة الأزهر بدمياط، وأحد المشاركين بحملة فيروس سي ، والذي حل ضيفا على جريدة «بلدنا اليوم» لرصد أبرز ما حققته الحملة في القضاء على فيروس الموت.
- الصحة في مصر ملف حيوي جدا نود أن نتحدث عن الحملة وتفاصيلها ودورها؟
الحملات الصحية في مصر أهم وأقوى من حملات التعمير لأنه بدون الصحة لا يوجد تعمير ولا بناء أو مجهود ولا حياة، الحملات الصحية شملت حملات المبادرة الرئاسية وأهمها على الإطلاق حملة علاج فيروس سي ، والتي تمت بصورة جميلة لا يتوقعها أحد حتى الأطباء نفسهم لم يتوقعوا النجاح المبهر لحملة علاج فيروس سي.
- كيف أخرجت المبادرة مصر من قائمة الأعلى في معدلات انتشار فيروس "سي" في العالم؟
معدل انتشار فيروس "سي" كان ضخمًا في مصر وصلنا لـ 14% وهذا معدل كبير للغاية ونسبة مخيفة قبل المبادرة، وكانت مصر من الدول التي تعد موبوءة بفيروس سي، وأي مرض معدي يكون انتشاره تصاعديا ، ونرى الدول التي استوطنت بها الملاريا كلما زاد العدد كلما كان الانتشار أكبر، 14 % عدد كبير جدا من الشعب ولكن بعد المبادرة وصلنا لنسبة 4.% وهذا يعد إعجازا، لأن الفيروس مرض معدي، السيطرة على مرض معدي يستوجب إحاطة جميع المواطنين في وقت واحد ، ونحن الآن نحتفل باستكمال المبادرات في مبادرة 100 يوم صحة.
لم أكن أتوقع نجاح الحملة بهذا القدر المبهر ، كنت أخشى على المستقبل الطبي للبلد لأن الأمر لم يتوقف فقط على فيروس سي، إنما مضاعفاته ومشاكله، الفيروس يسبب مشاكل تجعل المواطن عبئ على الدولة وعلى شخصه ومن حوله، بعد فترة من فيروس سي من الممكن أن يصل المريض إلى حالة تليف كبدي واستسقاء وقيء دموي، وفي هذه الحالة يصبح المريض عبئ على من حوله.
نحن كأطباء كنا قبل المبادرة الرئاسية نشفق على مستقبل البلاد من هذه الصورة، ونحن نعلم أنه مرض معدي بدأ الانتشار بصورة كبيرة ويصعب التحكم به ، بعد المبادرة وما توصلنا إليه تقدمت مصر وأصبحت من الدول الخالية من الفيروس وهذه قمة النجاح للمبادرة ، المبادرة لم تأخذ حقها إعلاميا في وقتها حيث أنها كانت بمثابة عبور طبي كما عبرنا في السادس من أكتوبر عبور حربي، قبل علاج فيروس سي لم نكن نعلم ماذا نفعل كنا نضطر إلى جعل المرضى ينتظرون حتي يتوفر علاج للفيروس ،ظهر في البداية علاج الفيروس بالحقن وكانت نتائجها أقل، ثم العلاج بالأقراص ، وكانت الدولة سريعة جدا ومن أول دول العالم التي تستخدمها لأنها أول دوله موبوءة بفيروس سي ووصلنا بصوره كبيرة للتحكم في الفيروس.
- نود التحدث عن طرق العلاج والإجراءات التي كانت تتم عند الكشف وتشخيص الإصابة بالمرض ؟
كنت مشرفا على علاج فيروس سي على نفقة الدولة بدمياط، كانت الإجراءت تتم بصورة مبهرة للغاية وكان هناك تنسيقا جيدا وسهولة وجذب للمواطنين للخضوع لفحص فيروس سي، طريقة العلاج كانت مجانية، إما عن طريق نفقة الدولة أو تأمين صحي، وكانت تقدم تحاليل مجانية، كما كان يتم علاج السِمنة أيضا وأمراض آخرى كانت، فقد كان هناك فوائد كبيرة للحملة وسلاسة كبيرة والأهم من ذلك، هو النجاح في علاج كم كبير في وقت قصير ليتم التحكم في الفيروس وانتشاره، يجب أن يتم توعية الشعب المصري بالدور الذي قامت به الحملة، وما قدمته حتى تصل الدولة إلى مقدمة الدول الأقل انتشارا لفيروس سي.
- حال اكتشاف إصابة أحد المواطنين، هل يتكلف شيئا من العلاج أو الفحوصات؟
كان هناك تحفيزا قويا من الدولة للعلاج، والعلاج كان مجانيا تماما في التأمين الصحي وعلى نفقة الدولة، ولعل هذا كان محفزا للمواطنين للخضوع للفحوصات والعلاج من الفيروس ، لذلك تم تجميع أكبر قدر في أقل وقت، وكان هناك القليل لم يستجب للحملة، بدأت الدولة فرض فحوصات والعلاج من فيروس سي على المواطنين إجباريا في حالات معينة، أبرزها عند التقدم لجهات العمل يحتاج لإثبات إجراء تحاليل الإصابة بفيروس سي والعلاج منه حال وجوده ، وهذا يعد مجهودا كبيرا من الدولة للقضاء على الفيروس في مصر.
- المبادرة قدمت علاجًا لفيروس سي فقط أم كان لها فوائد آخرى؟
كانت حملة شاملة لأنها كانت تقدم للمواطنين العديد من الفحوصات الآخرى، مثل تحاليل صورة دم شاملة، بهدف الكشف عن العديد من الأمراض الآخرى، كما كان يتم إجراء تحليل مرض السكر والكثير من المواطنين اكتشف أنه مريض سكر من خلال فحوصات الحملة، وتم علاجه مبكرا قبل حدوث مضاعفات.
كما شملت الحملة إجراء تحليل فيروس B والكشف عن كتلة الوزن، علاوة على كشف الحالات المصابة بالتليف الكبدي، كان أحد الأشخاص، وهو خبير في وزارة التعليم أتى إلى الحملة لعلاج فيروس سي، وصدفة اكتشف أثناء الحملة إصابته بورم خبيث، وتمت معالجته.
كما تم اكتشاف وتشخيص الكثير من الأمراض الآخرى أثناء المبادرة، علاوة على توطين صناعة علاج فيروس سي في مصر وهذا يعد من أهم نجاحات الحملة ،وأصبحت مصر تصدر علاج الفيروس لأفريقيا ، تكلفة الدواء كانت باهظة وهذا يعد عبقرية للمجال الطبي المصري أن ينتج دواء مصري للفيروس بتكلفة أقل كثيرا من بديله المستورد .
- هل هناك آثار جانبية للعلاج ؟
علاج فيروس سي كان في البداية عبارة عن حقن "الإنترفيرون والريبافيرين" وهذه الأدوية كان لها مضاعفات قوية مثل ارتفاع درجة الحرارة، وتكسير في الصفائح الدموية وكرات الدم الحمراء وبعض المضاعفات الآخرى، لكنها كانت العلاج الوحيد للفيروس.
كان هناك تخوفا من جانب المواطنين من العلاج وكنا نحاول علاجهم لتقليل العدد ، وعند ظهور الأقراص كانت آثارها الجانبية لا تذكر وتتمثل في إسهال وغثيان وقئ في بعض الحالات النادرة وهذا من الطبيعي، حيث أن جميع الأدوية لها آثار جانبية فكانت الأقراص من أعلى فئات الأدوية أمانًا ومن أقوى الفئات تأثيرا ونجاحا، هناك علاج للفيروس نسبة نجاحه تصل إلى 98% حسب إحصاءات وزارة الصحة.
- هل يمكن أن نجعل نسبة 0.4% المتبقية 0%؟
كل الأمراض المعدية في العالم لها نسب ضئيلة، فيروس سي موجود في أوروبا وأمريكا ولكن بنسب ضئيلة جدا، نسبة نجاح الدواء أكثر من 98 %، بكل تأكيد سيكون هناك أدوية جديدة مستقبلا، ولا يوجد أمراض معدية يتم القضاء عليها نهائيا، غير أمراض قليلة مثل الحصبة.
الأمراض المعدية دائما ما تظل لفترات طويلة لكن الأهم أن يتم التحكم فيها، وجعلها بأقل قدر، سبقنا الكثير من الدول المتقدمة في إحصائيات الخلو من فيروس سي وكلمة خالية تعني أقل معدل انتشار للفيروس.
من الممكن الوصول لصفر إصابة بفيروس سي، لكن هذا يجب أن يكون على مستوى العالم ككل، وتعلن منظمة الصحة العالمية خلو العالم من الفيروس، وهذا أمرا صعبا لأن العالم منفتح على بعضه ، واستكمالا للمبادرة أصبح الفحص حاليا في الأماكن الرئيسية مثل عاصمة كل محافظة والمدن الكبيرة لأن عدد المصابين أصبح قليلا جدا.
- هل واجهت المبادرة صعوبات على الأرض؟
كانت الدولة تتغلب على الصعوبات التي تواجه الحملة، أول صعوبة واجهتنا هي إقناع المواطن، هناك من بادروا بالخضوع للفحوصات في الحملة وآخرين تم إخضاعهم عن طريق العمل، الصعوبة الثانية كانت التكلفة لكننا واجهنا ذلك عن طريق توفير دواء مصري وتوطينه، أما الصعوبة الثالثة هي كيفية متابعة المرضى بعد علاج الفيروس وجمع الإحصائيات، وتم حل هذه المشكلة عن طريق تجميع البيانات وإجراء التحاليل بصورة مجانية للمرضى بعد العلاج، وإجراء فحوصات كل فترة، نجحنا أثناء الحملة في تجميع معلومات من المواطنين وتذليل العقبات الموجودة.
- لو لم يتم إطلاق الحملة.. كيف سيكون الحال في 2023؟
المواطنون ليسوا على دراية كافية بأهمية الحملة، إذا كان هناك تأخير في بدء الحملة، لكان انتشار الفيروس زاد بشكل كبير، كنا على وشك مرحلة عندما لا يمكن لأحد السيطرة على العدوى، كنا قادرين خلال الحملة على إنقاذ بلد من الإبادة بسبب الفيروس.
- ما هي الإجراءات الوقائية التي تم اتخاذها مع الفريق المشارك بالحملة؟
كان هناك تدريبا قويا جدا، وتم تدريب الأطباء بالقاهرة على طريقة علاجية مختلفة ، تطلب خطة علاجية موحدة، وتم تدريب طاقم التمريض من خلال دورات مكافحة العدوى، وكيفية التعامل مع المصابين، وجمع العينات والتعامل معهم أثناء اختبارات الدم، التدريب كان قويا جدا وتم التحضير لنجاح المبادرة بهذه القوة في القاهرة.
- كيف ترى حملة "100 يوم صحة" التي أطلقها الرئيس السيسي مؤخرا؟
تعتبر حملة "100 يوم صحة" تتويجا لنجاح الحملات الرئاسية السابقة التي تم إطلاقها في مجال الصحة، وتم تجميع الجهد الناجح في الحملات السابقة الآن للوصول إلى من تبقى ليتم علاجه حتى للوصول لأقصى استفادة من تلك الحملات، ونحن نحتفل بما فعلناه ووصلنا إليه خلال الأيام الماضية في الحملات الرئاسية للصحة.
- هل ترى جهدا ملموسا في القطاع الصحي بمصر ؟
أهم قطاع هو القطاع الصحي، الناس تلمس دائما ما بين أيديهم لكن هناك أشياء خفيه كثيرة لا يشعرون بها، وأطلق على هذا النجاح الطبي عبور طبي لأننا استطعنا النجاح في الحفاظ على صحة المواطنين، فعندما يصل المريض لحاله متأخرة من المرض يكلف الدولة الكثير في المناظير والحقن وغيرها، التكلفة المادية مرهقة ولكن إطلاق الحملات واكتشاف المرض في مرحلة مبكرة يعد قمة النجاح الطبي في مصر أن تعالج الأزمة من بدايتها من خلال الحملات الرئاسية.
- برأيك كيف يتم الوقاية من الفيروس؟
يجب الحرص عند التعامل مع أدوات جارحة خارج المجال الطبي، لأن المواطن ليس لديه الخبرة مثل الطبيب في الوقاية من الأمراض، التعامل مع أدوات حادة مثل أدوات الحلاقة من الممكن أن تنقل العدوى، و يجب التوعية بهذه المخاطر وتشديد الرقابة على تلك الأشياء سيحافظ على ما قمنا به من مجهود، كما يجب على المواطن أن يسعى إلى المتابعة وإجراء الفحوصات بصورة دورية لاكتشاف أي مرض مبكرا.
بما أنك كنت مشاركا بمبادرة العلاج على نفقة الدولة في دمياط، متى يتم القضاء على قوائم الانتظار ؟
القضاء على قوائم الانتظار يحتاج إلى تكلفة، لكن القطاع الصحي في مصر يحتاج إلى ميزانية كبيرة لكي يصبح قطاعا قويا، وما تم من حملات قامت بتقليل وتوفير الكثير من الاحتياجات الصحية المكلفة.