جاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في البند الخاص بدور وكالة الاتحاد الإفريقي الإنمائية (النيباد) في تعزيز التكامل الإقليمي والقاري تحت مظلة أجندة 2063 كالأتي:
فخامة الرئيس غزالي عثماني، رئيس جمهورية جزر القمر ورئيس الاتحاد الإفريقي،
فخامة الرئيس ويليام روتو، رئيس دولة كينيا،
السيد موسى فقيه، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي،
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات،
السيدات والسادة، إنه لمن دواعي سروري أن أتواجد معكم اليوم في العاصمة الكينية نيروبي للمُشاركة في أعمال الدورة الخامسة لاجتماع مُنتصف العام التنسيقي التابع للاتحاد الإفريقي، وهو الاجتماع الذي عُقدت نسخته الأولى تحت الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي في دولة النيجر الشقيقة في 2019، إيمانًا من مصر بمحورية مسار التكامل الإقليمي لدفع معدلات التنمية في دولنا الأفريقية وتعزيز سبل الاستقرار بها.
واسمحوا لي في مُستهل حديثي أن أتوجه بخالص التقدير إلى أخي فخامة الرئيس "ويليام روتو"، رئيس جمهورية كينيا، على ما لمسناه من كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، كما أتوجه بالشكر إلى فريق عمل مفوضية الاتحاد الإفريقي تحت قيادة السيد "موسي فقيه" على حسن الإعداد والترتيب لفعاليات اجتماعنا اليوم.
الحضور الكريم، لقد تشرفت - بناء على ثقتكم - بتولي رئاسة اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية "النيباد" لعامي 2023 و2024، وتتولى مصر رئاسة هذا الكيان المهم، في ظروف بالغة الدقة، تتزامن مع تغيرات ملموسة على المستويين الدولي والإقليمي على الأصعدة السياسية والاقتصادية، وبما بات يتطلب تكاتف جهودنا لمواجهة التحديات التي تواجه شعوبنا، وتؤثر على قدرتنا على الاستمرار في المسار التنموي لدولنا الإفريقية.
واتصالًا بما تقدم، وضعت مصر أمام أعينها أهدافًا مُحددةً خلال رئاستها للنيباد، ترتكز على دفع معدلات التكامل الاقتصادي واقتراح حلول لمواجهة التحديات القائمة، وهي الأولويات التي سيتم العمل على تنفيذها عبر التنسيق مع سكرتارية النيباد، برئاسة المديرة التنفيذية السيدة ناردوس بيكيلي، ومن خلال التشاور المستمر مع الدول الإفريقية الشقيقة، وبما يعمل على تسريع تنفيذ أجندة التنمية الإفريقية 2063، وعبر الاستفادة من الخبرات والإمكانات المصرية، بما في ذلك شركات القطاع الخاص في مجالات البنية التحتية والطاقة والاتصالات، وهي على أتم استعداد لتوفير الدعم اللازم للدول الإفريقية الشقيقة في مسارها التنموي.
واسمحوا لي في هذا الصدد، أن أستعرض أبرز الأولويات المصرية لرئاسة النيباد على مدار العامين المقبلين:
أولًا: سرعة الانتهاء من الخطة العشرية الثانية لتنفيذ أجندة التنمية الإفريقية (2024-2034)، بما يأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من تنفيذ الخطة العشرية الأولى والتحديات التي واجهناها، وعلى أن تتم صياغتها بالتنسيق الكامل مع التجمعات الاقتصادية الإقليمية، وبحيث تكون وثيقة جامعة يمكن الاستناد إليها في تقييم مدى تحقيق القارة لأهداف أجندة التنمية العشرية حتى عام 2034.
ثانيًا: استمرار جهود حشد الموارد المالية في المجالات ذات الأولوية، وعلى رأسها تطوير البنية التحتية، في إطار برنامج تنمية البنية التحتية الإفريقية، بما في ذلك المشروعات ذات الأهمية، ومنها مشروع الربط الملاحي بين البحر المتوسط وبحيرة فكتوريا والطريق البري الرابط بين القاهرة وكيب تاون، بالإضافة إلى استمرار المساعي لتعزيز دور القطاع الصناعي في دولنا الإفريقية، وانخراطنا في سلاسل القيمة المضافة عالميًا، عبر تحفيز تنوع الصناعات الإفريقية، وأدعو هنا في هذا الإطار إلى تبني مقترح سكرتارية النيباد لإطلاق مبادرة "فريق إفريقيا لحشد الموارد" وذلك لتحديد الاحتياجات التمويلية للقارة الإفريقية.
ثالثًا: تكثيف الجهود مع الشركاء الدوليين والمنظمات التمويلية لإيجاد حلول فعالة لمعالجة أزمة الديون المتراكمة، بما في ذلك من خلال وضع آليات لتخفيف عبء الديون، عبر الإعفاء أو المُبادلة أو السداد المُيسر، بالإضافة للمقترحات ذات الصلة بحوكمة النظام المالي العالمي، بشكل يراعي احتياجات الدولة النامية بدرجة أكبر.
رابعًا: الإسراع نحو تحقيق الآمال المستهدفة من اتفاقية التجارة الحرة القارية، وأثمن في هذا الإطار، الجهد الذي قامت به الوكالة، في إطلاق مبادرة 100 ألف شركة صغيرة ومتوسطة، لدعم قدرة هذه الشركات على الاندماج في التجارة العابرة للحدود، وكذا الجهد الذي قامت به الوكالة، في إطلاق مبادرة تنشيط إفريقيا لبناء قدرات الشباب الإفريقي، في مجالات إنشاء وإدارة الشركات وريادة الأعمال.
خامسًا: المضي قدمًا في حشد الموارد اللازمة، لبرنامج الرابطة الثلاثية بين السلم والأمن والتنمية، والذي يتشارك في أولوياته وأهدافه مع ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، الذي أشرف بريادته على مستوى القارة الإفريقية، حيث أدعو سكرتارية النيباد للتنسيق في هذا الإطار مع مفوضية السلم والأمن والشئون السياسية بالاتحاد الإفريقي، ومركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات الذي تستضيفه "القاهرة".
السيدات والسادة، لقد قدمتُ لكم رؤية مصر الخاصة بقيادة وكالتنا التنموية "النيباد" على مدار العامين المُقبلين، وهي الأولويات التي سأسعى جاهدًا إلى ترجمتها إلى مبادرات قابلة للتنفيذ، وذلك بالتنسيق مع أشقائي فخامة رؤساء الدول والحكومات أعضاء اللجنة التوجيهية، وبالاعتماد على سكرتارية الوكالة، وأود هنا تأكيد استعداد مصر للعمل بكل جهد وإخلاص، لتعميق التكامل الاقتصادي بين دول الإقليم، ودفع مُعدلات التنمية في دولنا، بما يسهم في رفع مستوى معيشة شعوبنا، وشكرًا.