بين الإخراج والتأليف.. كريستوفر نولان وسيرة ذاتية عظيمة

السبت 01 يوليو 2023 | 10:08 مساءً
المخرج كريستوفر نولان
المخرج كريستوفر نولان
كتب : ماجدة فؤاد

 حقق لنفسه سيرة ذاتية عالمية مبهرة, وجمع في رصيده العديد من الأفلام الأكثر نجاحًا تجاريًا ونقديًا في أوائل القرن الحادي والعشرين, كما أن أرباح أفلامه العشرة تجاوزت 4.7 مليار دولار أمريكي عالميًا وحصل على ما مجموعه 26 ترشيح لجوائز أوسكار وسبع جوائز.

وُلد المخرج والمنتج والكاتب السينمائي البريطاني الأمريكي كريستوفر جوناثان جيمس نولان "Christopher Jonathan James Nolan" في لندن في 30 يوليو عام 1970م, وهو ابن لأب إنجليزي بريندان "جيمس نولان"، حيث كان يَعملُ كاتِبَ إعلاناتٍ في مَجال الدعاية, إما عن والدته فكانت أمريكية وتدعي كريستينا وكانت تعمل مضيفة طيران ومعلمة لغة إنجليزية.

مضت طفولة نولان، مُتنقّلاً ما بينَ لندن وشيكاغو على حدٍ سواء، كما كان حاملا لجنسية بريطانية وأمريكية، ولديه أخٌ أكبَر منه يُدعى "ماثيو" وهو مُدانٌ لجريمة ما، إما عن الأخ الأصغر فيُدعى "جوناثان". 

وبدأ نولان في صُنعِ الأفلام في سِن السابعة مُستخدماً لكاميرا والده وبدأ فى تصيور ألعابه, وذلك خلال نشأته، وأعجب نولان بـحرب النجوم وهو بعمر الثامنة, حيث صنع فيلم "إيقاف الحركة" ويعد ذلك  تكريماً لـحرب النجوم حاملا لإسم" حرب الفضاء", وأرسل له خاله الذي كان يعمل في ناسا في بناء أنظمة توجيه لصواريخ أبولو، بعض لقطات إطلاق الصواريخ، والتي استخدمها نولان في حرب الفضاء، معلقا عليه فيما بعد قائلا :"لقد صورت اللقطات مجددا من على الشاشة ووضعتها في الفيلم ظانًا بأن لا أحد سوف يلاحظ ذلك". 

 وكان نولان دائما ماطموحه تغلبت عليه , فقد تطلع وهو فى سِنّ الحادية عَشَر إلى أن يُصبِحَ صانِع أفلامٍ مُحترف , وقد كان الأمر كما أراد , وكانت أولى أفلامه الروائية تتبع عام 1998م، مكتسبا اهتماماً كبيراً بعمله الثاني تذكار والذى طرحه عام2000م , وكان نجاح هذان الفلمان المستقلين على الصعيد النقدي قد أعطى لنولان الفرصة لإخراج فيلم الإثارة ذو الميزانية الكبيرة أرق عام 2002م وفيلم السحر والدراما العظمة عام 2006م محققا كريستوفر للمزيد من الشهرة والنجاح التجاري والنقدي مع ثلاثية فارس الظلام وذلك من عام  2005-2012م واستهلال عام 2010م وبين النجوم عام 2014م  ودونكيرك عام 2017م. 

 وكتب كريستوفر العديد من أفلامه مع أخيه جوناثان نولان، كما أسّس شركة إنتاج سينكوبي ويشارك فى إدارتها مع زوجته إيما توماس.

وتميزت أفلام كريستوفر بأنها ذات طابعٍ فلسفيّ واجتماعي , تركزعلى إستكشاف  الخُلُق الإنسانيّة وحقيقة الزمن والطبيعة المرنة للذاكرة والهوية كما أن أعماله يتخللها وجهات نظر مادية وحبكات متاهية والسرد غير الخطي واستخدام مؤثرات عملية.

ولاحقت الأضواءَ نولان بفضل أسلوبه , مما أكسبهُ سمعةً حسنةً، وأطلق بعدها فيلمه " Memento" الذي يُعَدُّ اليوم واحداً من أبرز روائع المخرج العبقريّ. كان الفيلم من بطولة الممثّل غاي بيرس Guy Pearce الذي جسد دورَ مصابٍ بفقدانِ الذّاكرة ويحاول الانتقامَ لمقتل زوجته معتمداً في تذكّره للأشياء على التقاط الصور الفوريّة وأخذ الكثير من الملاحظات

وأثبت نولان تميّزَهُ منذ إطلاقه لفيلمه الأوّل " Following" الذي كان عملاً بالأبيض والأسود، بميزانيّةٍ صغيرةٍ ويتحدّثُ الفيلم عن كاتبٍ مهووسٍ بمُلاحقة الغرباء إلى أن ينساقَ في نهاية المطاف إلى عالم الجريمة. 

وواصل نولان تقديمه لأفلامٍ من نمط الإثارة النّفسية وكان أبرزها العمل المميّز من عام 2002 " Insomnia"، من بطولة آل باتشينو Al Pacino, والذي لعب دورَ محقّقٍ من دائرة شُرطة لوس أنجلوس يُرسَلُ مع زميله إلى ألاسكا للتّحقيق في جريمةِ قتلٍ شنيعةٍ بحقّ فتاةٍ مراهقةٍ، تناولَ الفيلمُ فكرةَ الصّراعِ بين الخيرِ والشرّ بأسلوبٍ مميّزٍ لم تعهده السينما من قبلٍ

ووصل اسمُ نولان إلى العالميّة بعد إخراجه عام 2005 لفيلم Batman Begins المُقتبس عن كتابِ قصصٍ مصوّرةٍ تتحدّثُ عن البطل الخارق "Batman"، وكان من بطولة النّجم كريستيان بيل Christian Bale بدور Batman. محققا الفيلمُ إيراداتٍ مُذهلة قُدّرت بحوالي 372 مليون دولار حول العالم. 

وطرح نولان بعدها عام 2006 فيلم " The Prestige"، الفيلم المميّز , والذي أُشيدَ بحبكته المميّزة والذكيّة والتي تتحدّث عن المُنافسةِ بين ساحرين متمرّسين لعب دورهما كلّاً من هيو جاكمان Hugh Jackman وكريستيان بيلChristian Bale إلى جانب الفنّانة سكارليت جوهانسون Scarlett Johansson.

وممّا لا شكّ فيه..  فكان أداء نولان  المُذهل كان العنصرَ الأساسيَّ في نجاح جميع أفلامه  حيث أن في صيف 2010 عاد نولان ليتصدّرَ شبابيك التّذاكر مع تحفته الفنيّة " Inception" والذي كان من بطولة النّجم ليوناردو ديكابريو Leonardo DiCaprio بدورِ جاسوسٍ يقومُ مع مجموعته الخاصّة باستخلاصِ وزرعِ المعلومات في العقلِ الباطن لأهدافه وذلك من خلال الدّخولِ إلى عالم أحلامهم بينما هُم نائمون

وحازَ الفيلمُ على إعجاب النّقاد الشديد وفاز بأربعة جوائز أوسكار تقديراً لكميّة الجهد المبذولة في المؤثّرات البصريّة والصوتيّة والتي كانت أقربُ للسّحر

وأخرج نولان فيلم " Inception" عام 2012 الجزء الثّالث من سلسلة Batman والذي جاء بعنوان " The Dark Knight Rises" وكانَ هذه المرّة من بطولة النّجمة آن هاثاواي Anne Hathaway التي لعبَت دور Catwoman والنّجمة ماريون كوتيار Marion Cotillard (التي شاركت سابقاً بفيلم نولان Inception) بدور Miranda Tate

وجدير بالذكر .. أن أعمالُ نولان ما تدورُ  حول أفكارٍ خارجةٍ عن المألوفِ، تبث الإثارةَ والحماس في عقل المُشاهد، كما أنّ الشخصيّات التي يُقدمها لنا نولان في أفلامه فغالباً ما كانت الرئيسيّة منها شّخصيّاتٍ ذكوريةً تتعرّض للعديد من العقبات والتّحدّيات. بينما الشخصيّة النّسائية في أفلامه فغالباً ما كانت بدور الفتاة المُساعدة والدّاعمة للبطل أو بدور الحبيبة، كما أنّ قصصهُ غالباً ما تنتهي بموت بعضٍ من تلك الشّخصيات

وأشيد الجميع بحسُّ نولان الإخراجي بجانب حسّه الفنيّ فرأينا وبكلّ وضوح تأثيرَ الفنّ على العديد من أعماله وذلك من خلالِ مشاهدٍ تخيليّةٍ ترتبط في ذهن المُشاهد مباشرةً بنوعٍ أو بعملٍ فنيّ، على سبيل المثال في فلميه "Inception" و"Interstellar" نرى في التّصوير وطريقة إنتاج العمل بشكلٍ عامّ، تجليّاً واضحاً للتوجّه السُّريالي

وفى المطلق .. فقد قدم المُبدعُ نولان عديداً من أفضل أعمال القرن الحادي والعشرين على الإطلاق، تاركاً لنا  بصمته وأسلوبه المميّز الذي غيّر وبشكلٍ واضحٍ معالم صناعةِ الأفلامِ وما يُمكن تقديمه في ذلك المجال.

إما على الجانب الأخر .. فطرحت شركة Universal Pictures أول فيديو ترويجى لفيلم المخرج العالمى الجديد كريستوفر نولان، والذي طرح تحت اسم Oppenheimer، 

وتدور قصة فيلم Oppenheimer حول قصة العالم الأمريكي روبرت أوبنهايمر ودوره في تطوير القنبلة الذرية.

وإنضم النجم العالمي جاك كويد، إلى طاقم عمل فيلم Oppenheimer للمخرج العالمي كريستوفر نولان، الذي يقوم ببطولته النجم العالمي كيليان مورفي والنجم العالمي صاحب الأصول المصرية رامى مالك.

وإختار نولان  عدد كبير من النجوم لبطولة فيلمه الجديد، وتمتلأ القائمة بأسماء من مشاهير هوليود مثل "رامي مالك، ومات دايمون، وفلورانس بيج، وإيملي بلنت، وكيليان مورفي، وجاك كويد، وداني ديهان، وجوش هيرتنيت، وروبرت دي جونيور، وبيني سافيلد".

وكان فى تقرير سابق لصحيفة فاريتي..  حيث قالت:" إنه من النادر أن تضخ الاستوديوهات التقليدية تسعة شخصيات في فيلم غير مستوحى من الألعاب الشعبية أو الروايات أو الكتب المصورة، حتى قبل أن يؤثر كوفيد 19 على المشهد السينمائي" ، كما أنها وصفت الفيلم بأنه مخاطرة كبيرة باهظة الثمن لتلك الأفلام التي لا تستند إلى أبطال خارقين ومشاهد خيال علمي، لتستبعد الصحيفة في تقريرها تصدر الفيلم شباك التذاكر وقت عرضه بغض النظر عن الصورة التي سيخرج بها الفيلم الذى يقوده أحد أفضل المخرجين في العالم.

 

المخرج كريستوفر نولان
المخرج كريستوفر نولان
المخرج كريستوفر نولان