كانت فترة الثمانينيات والتسعينيات بالقرن الماضي مليئة بأقوى الأعمال الفنية الدرامية، وعلى الرغم من ندرة وجود وسائل النقل والإعلام التي تعمل على بثها بجميع بقاع البلاد، وبالرغم من قلة وجود أعمال درامية بهذه الحقبة الزمنية، إلا أن هذه الأعمال الفنية الدرامية القليلة استطاعت تحقيق نجاح باهر ليس له مثيل، وما زال صدى نجاح هذه الأعمال الدرامية متواجد ليومنا هذا.
وقدمت لنا هذه الأعمال الفنية نادرة المثل بشهر رمضان الكريم بكل عام, ومن هنا بدأ يتعلق بأذهان المشاهدين, باستمتاعهم بأقوي الأعمال الدرامية فى كل عام من شهر رمضان، وبالرغم من ذلك إلا أن تلك الأعمال مازالت هي الأفضل بالنسبة للمشاهد، إذ ينتظر عرضها على الشاشات بفارغ الصبر حتى يومنا هذا بالرغم من قدمها وكثرة مشاهدتها، إلا أنها تمثل الأغلى بالنسبة للكثيرين.
وجدير بالذكر، أن من أقوى وأشهر الأعمال الدرامية الفنية خلال فترة الثمانينيات، والتي تعلقت بها قلوب أناس كثيرين مسلسل الشهد والدموع والذى عرض عام 1983م, ويُعد ذلك العمل رائعة من روائع العملاقين ”أسامة أنور عكاشة” و”إسماعيل عبد الحافظ”، حيث استطاعا تقديم دراما آسرة لقلوب الملايين من المشاهدين، كما عملا على تهيئة أجواء درامية متلائمة مع الأزمنة المصرية لهذه الحقبة الزمنية, ويعد ذلك المسلسل من المسلسلات التي أثارت مشكلة عامة في المجتمع المصري.
ويوضح المسلسل فكرة ضياع حق الورثة نتيجة عدم تسجيل تلك الحقوق وحفظها بشكل قانوني.
وتدور أحداث المسلسل حول عائلتين, وبالرغم من قيمة صلة الرحم بينهم إلا وأنهم عاشوا في صراع وهوس الميراث.
ويناقش المسلسل أيضًا فرق الطبقات الاجتماعية وما هو الناتج عن التعامل بذلك المبدأ وخاصة وإن كانوا عائلة واحدة.
كما يبين قيمة العلاقات الاجتماعية والحركة الثورية ومقاومة الجيش المصري في حرب الاستنزاف فى ذاك الوقت وحرب 1973م مما يبرز الكثير من الأحداث التاريخية في مصر.
وجمع مسلسل الشهد والدموع فى بطولته بين عفاف شعيب ويوسف شعبان وخالد زكي ومحمود الجندي وعبد العزيز مخيون وحمدي غيث وجليلة محمود ومحمد متولي وليلى حمادة وغيرهم الكثير من الفنانين الذين سطعوا فى سماء الفن في تلك الحقبة الزمنية.
إما على الجانب الأخر، ففى فترة التسعينيات، نأتى لمسلسل الأجيال الذي طالما شاهدناه ولا نمل منه ولا نكل، ألا وهو مسلسل البخيل وأنا, حيث يُعد مسلسل مصري اجتماعي كوميدي يحكى قصة لرجل بخيل جدًا مع عائلته برغم من أنه يملك ثروة هائلة ولكن لا أحد من عائلته يعرف عنها شيئًا.
ووضح الفنان القدير فريد شوقي رسالته حول أهمية وضرورة الكرم مع عائلتك, بالإضافة إلى آثار البخل وما الأضرار النفسية والإجتماعية الناتجة عنه, وكيف تكون حياة الأولاد وسط أصدقائهم وأقاربهم.
وقام الفنان فريد شوي بتجسيده لدورين فى ذلك العمل, وفي كل شخصية من الشخصين الذي قام فريد شوقي بلعبهم حرص على إظهار ملامح وطباع صفات كلا منهم, ناتجًا عنه نجاح العمل بشكل هائل وتفاعل الجمهور معه بشكل كبير، كما أصبح ذلك العمل الفني مميز بشكل كبير.
وتدور أحداث المسلسل حول "عوض" تاجر الشنطة شديد البخل, الذي يجمع المال سرًا ويمنعه عن أهل بيته، ليضطر أولاده حول الهروب من حرمان الأب وبخله، فتتزوج الابنة من رجل غني في عمر والدها، ويحاول شقيقها الأخر تحقيقه حلمه ليصبح وكيل نيابة ويتحول تماما ليمتلأ قلبه بالقسوة والحقد والكراهية, إما عن الابن الأصغر فيفشل فى حياته وبالرغم من حبه الشديد للعبة كرة القدم ولكنه بسبب والده الذى لم يدفعه لتحقيق حلمه, فلم يحالفه الحظ فى تحقيق هدفه, وتتصاعد الأحداث على ذاك النمط.
وتناقش أحداث المسلسل بوضوح الفكرة الأساسية وهي أهمية التمسك بالقيم والأخلاق, حيث أن المتعارف عليه على مدار الأزمنه أن ما يتركه الإنسان بعد موته قيمه وأخلاقه، فلا سبيل للراحة في الحياة سواء في الدنيا أو الآخرة، سوى التقرب من الله ومراعاة حقوق الناس والاهتمام بتقديم ما عليه من حقوق لكل ذي حق في حياته.
وضم العمل بجانب فريد شوقي في البطولة تيسير فهمي ووائل نور وكريمة مختار وهشام عبد الله وحنان شوقي وهدى عيسى وحسن مصطفى ومحمد هنيدي وأمل إبراهيم وفاطمة الكاشف وحسني عبد الجليل ومحمود العراقي وفتحيه طنطاوي وغيرهم من الفنانين.