سيكون بيب جوارديولا المدير الفني لنادي مانشستر سيتي على موعد مع كتابة التاريخ وهو يخوض نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا أمام إنتر ميلان الإيطالي على ملعب أتاتورك الأولمبي بمدينة إسطنبول العاصمة التركية.
أرقام قياسية وتاريخية لجوارديولا قبل نهائي دوري الأبطال
وأصبح الإسباني خامس مدير فني يصل لنهائي دوري أبطال أوروبا 4 مرات تاريخيًا، بعد ميجيل مونيوز وأليكس فيرجسون واللذان توجا مرتين ومارشيلو ليبي ويورجن كلوب واللذان حققا اللقب مرة واحدة، فيما يبحث بيب عن لقبه الثالث تاريخيًا.
ويقترب جوارديولا من تحقيق لقبه الخامس والثلاثون في مسيرته التدريبية والتي بدأت عام 2008، في حالة فوزه بلقب دوري الأبطال، ليصبح ثان أكثر مدير فني تحقيقًا للألقاب في تاريخ اللعبة، متساويًا مع الروماني ميرتشا لوتشيسكو والذي يحتل المركز الثاني حاليًا، خلف السير أليكس فيرجسون برصيد 49 لقبًا.
جوارديولا مدرب مانشستر سيتي
وعلى مدار 14 موسمًا متتاليًا كمدير فني، منذ قرر خوان لابورتا تحدي الجميع في مثل هذا اليوم قبل 15 عامًا بدعم ومساندة من الأسطورة يوهان كرويف، تعيين جوارديولا مدرب فريق برشلونة B مديرًا فنيًا للفريق الأول خلفًا لمواطنه الهولندي فرانك ريكارد، تغيرت خطط وطرق اللعب في لعبة كرة القدم على يد هذا "الفيلسوف" كما يحب أن يطلق عليه محبوه وعشاقه.
14 عامًا تغيرت فيها ملامح كرة القدم تمامًا، وأصبح إسلوب الاستحواذ والسيطرة "التيكي تاكا" هو الإسلوب الأشمل والأكثر قدرة على صناعة الفارق في كرة القدم الأوروبية والعالمية، وهو الإسلوب الذي قاد برشلونة لتحقيق ما يتخطى 40 لقبًا منها سداسية تاريخية في أول المواسم، كما كانت من نتائجه تتويج منتخب إسبانيا بلقبين متتاليين لكأس أمم أوروبا "اليورو" عامي 2008 و2012 وبينهما كأس العالم بجنوب إفريقيا 2010.
قصة جوارديولا و14 عامًا من المجد الكروي
متى كانت البداية؟، وكيف جاء القرار التاريخي للابورتا وكرويف؟، وما هي تفاصيل القصة؟، وكيف سارت مسيرة جوارديولا خلال فترته مع برشلونة ثم بايرن ميونخ وأخيرًا مانشستر سيتي؟، هذا ما سنتعرف عليه خلال السطور القادمة.
جوارديولا لاعب برشلونة
جوارديولا لاعبًا..
بدأ بيب جوارديولا المولود في عام 1971 مشواره كلاعب في نادي جيمانستيك مانريسا للشباب، واستمر الطفل نحيل الجسد هناك، حتى انتقل لفريق تحت 16 عامًا بنادي برشلونة مطلع موسم 1984 / 1985 بعمر 13 عامًا، ثم تم تصعيده لفريق تحت 18 عامًا مطلع موسم 1987 / 1988، ولعب لفريق تحت 19 عامًا في الموسم التالي، وخاض مشوارًا هامًا مع فريق برشلونة ب مطلع موسم 1990 / 1991، وفي الموسم التالي ارتدى قميص الفريق الأول بقرار هام من الأسطورة الهولندي يوهان كرويف الذي كان له عظيم الأثر على شخصية ومسيرة جوارديولا لاعبًا ومدربًا.
وخلال 10 مواسم متتالية، توج الإسباني مع برشلونة بـ16 لقبًا، أبرزها دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني "الليجا" وكأس السوبر المحلي وكأس السوبر القاري في موسمه الأول، وذلك خلال 384 لقاء بقميص البلوجرانا، سجل خلالها 12 هدفًا وصنع 47 هدفًا أخرين.
بعدها خاص عدة تجارب احترافية في بريشيا وروما الإيطاليان والأهلي القطري ودورادس سينالويا المكسيكي حتى اعتزاله مطلع موسم 2006 / 2007، لتبدأ مسيرة جوارديولا أخر ولكن على المستوى التدريبي.
جوارديولا قائد برشلونة
جوارديولا مدربًا..
بدأ جوارديولا مسيرته التدريبية في الموسم التالي مباشرة لاعتزاله، مدربًا لفريق برشلونة B خلال موسم 2007 / 2008، وبسبب خروج برشلونة بموسم صفري من البطولات في هذا الموسم على يد الهولندي فرانك ريكارد، قررت إدارة برشلونة رحيل المدرب ودارت الشائعات والأخبار حول هوية المدرب الجديد، مجلس برشلونة وعلى رأسه ساندرو روسيل نائب الرىيس أنهوا اتفاقًا مع البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب بورتو البرتغالي السابق والفائز بدوري أبطال أوروبا لقيادة الفريق.
لكن يوهان كرويف وخوان لابورتا كان لهما رأيًا أخر، بعدما قررا تصعيد الإسبانيان بيب جوارديولا ومساعده تيتو فيلانوفا لقيادة الفريق الأول بعد موسم واحد فقط في قيادة فريق B، في قرار أصاب الجميع بالدهشة وربما الكثيرين منهم بالسخرية على القرار الذي قاتل الهولندي لتنفيذه ووجود جوارديولا مدربًا، كما قاتل قديمًا كي يستمر بيب لاعبًا في صفوف الفريق الكتالوني.
جوارديولا مدرب برشلونة
وهو ما حدث بشكل رسمي في السادس من شهر يونيو للعام 2008، بتعيين بيب جوارديولا مديرًا فنيًا لبرشلونة، وكان أول قرار للثنائي هو تحدي الجميع والموافقة على رحيل البرازيلي رونالدينيو أشهر لاعبي الفريق والعالم وقتها، وكذلك طلب رحيل البرتغالي ديكو والكاميروني صامويل إيتو، وتصعيد الشاب الصغير سيرجيو بوسكيتس صاحب الـ19 عامًا والتعاقد مع جيرارد بيكيه وداني ألفيش.
موسم السداسية التاريخية يبدأ بهزيمة من نومانسيا
وبدأ الموسم الكروي 2008 / 2009 والذي انتهى تاريخيًا، بتعثر أمام نومانسيا الصاعد حديثًا ثم تعادل مع راسينج، لتبدأ حملات التشكيك والسخرية من اختيار لابورتا للمدرب الشاب، وتحاوط الشكوك إدارة برشلونة وجمهوره حول قدرة جوارديولا على تحمل المسئولية الثقيلة المُلقاة على عاتقه.
انتهت مرحلة الشك، وبدأت مرحلة الاكتساح، بسداسية في شباك أتلتيكو مدريد وثنائية في ريال مدريد على ملعب سانتياجو بيرنابيو ذهابًا وسداسية على ملعب كامب نو إيابًا، حتى تمكن الفريق من التتويج بالسداسية التاريخية.
أي نعم السداسية التاريخية الأولى "الدوري - كأس الملك - كأس السوبر المحلي - دوري أبطال أوروبا - كأس السوبر القاري - وكأس العالم للأندية" في موسم إعجازي استثنائي للمدرب الأصلع في أول مواسمه في عالم الساحرة المستديرة، وثلاثية لم يستطع أي فريق إسباني تحقيقها حتى الآن سوى برشلونة بيب، وساهم لاعبو برشلونة في تتويج منتخب إسبانيا باليورو في نفس العام بفضل ثلاثية "تشافي - إينيستا - بوسكيتس".
جوارديولا مدرب برشلونة بطل السداسية التاريخية
وفي الموسم الثاني، واصل الفريق اكتساحه للجميع وحقق لقب الليجا بعد الفوز على ريال مدريد ذهابًا وإيابًا للموسم الثاني على التوالي، بالفعل هو لم يحقق نفس الكم من البطولات، لكنه واصل بطريقة "التيكي تاكي" اكتساح جميع منافسيه محليًا وقاريًا، مع وصول زلاتان إبراهيموفيتش وصعود نجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، والذي نال جائزة أفضل لاعب في العالم لعام 2009.
وفي الموسم الثالث، زاد الانفجار وحصد برشلونة لقب الدوري الإسباني، بعدما انتصر بخماسية تاريخية على ريال مدريد، ورفع كأس التشامبيونزليج للمرة الثانية، وأخيرًا وفي موسمه الرابع انتهت مرحلة الجيل الذهبي بالتتويج بكأس الملك وخسارة ما تبقى من بطولات في موسم استثنائي للأرجنتيني ميسي أحرز فيه 73 هدفًا.
جوارديولا مع مساعده لويس إنريكي
لتنتهي تلك الفترة التاريخية والتي استمرت 4 مواسم، بالتتويج بـ14 لقبًا أهمها دوري الأبطال وكأس السوبر وكأس العالم للأندية مرتين، خاض خلالها 247 مباراة، فاز 179 مرة وتعادل 47 مرة وخسر 21 مرة، سجل 638 هدفًا واستقبلت شباك الفريق 181 هدف.
بايرن ميونخ الألماني..
وبعد 4 مواسم تاريخية متتالية، تولى جوارديولا مهمة تدريب بايرن ميونخ الألماني بعقد يمتد لثلاث مواسم، بدءً من موسم 2013 / 2014 وحتى موسم 2015 / 2016، نجح خلالها في تحقيق 7 بطولات منها 3 دوري "بوندسليجا" ليس من بينها دوري أبطال أوروبا، لكنه توج بكأس السوبر القاري وكأس العالم للأندية، لكنه نقل تجربة السيطرة والاستحواذ وطريقة "التيكي تاكا" لعملاق بافاريا.
جوارديولا مدرب بايرن ميونخ
وخلال 161 مباراة، نجح في تحقيق الفوز 121 مرة والتعادل 21 مرة والخسارة 19 مرة، سجل لاعبوه 396 هدفًا ودخل مرماهم 111 هدف.
مانشستر سيتي..
وضع موسم 2015 / 2016 نهاية رحلة الإسباني مع عملاق بافاريا، ليبدأ رحلة جديدة أكثر نجاحًا رفقة مانشستر سيتي، ويقود الفريق ليكتب تاريخًا جديدًا في الكرة الإنجليزية، بتحقيقه 13 لقبًا لكن ليس منها بطولة قارية واحدة، من بينها 5 بريميرليج، ليصل الفرق السماوي لقمة مستواه مع بيب خلال المواسم السبعة التي قاد فيها المسئولية الفنية، أخرها ثنائية الموسم الحالي.
ويبحث جوارديولا - والذي سجل لاعبوه أكثر من 1000 هدف تحت قيادته - عن التتويج القاري الأول مع مانشستر سيتي بلقب دوري أبطال أوروبا، بعد تحقيقه لثنائية الدوري والكأس، كي يصبح ثان فريق في تاريخ إنجلترا يحصد الثلاثية التاريخية والتي من الممكن أن تكون خماسية جديدة لو نجح في الفوز دوري الأبطال وكأس السوبر وكأس العالم للأندية.
جوارديولا مدرب مانشستر سيتي بطل الثنائية
وجلس الإسباني على مقعد القيادة الفنية للسيتي خلال 412 مباراة، استطاع تحقيق 299 انتصارًا، و55 تعادلًا، و58 هزيمة، أحرز لاعبوه 1014 هدفًا واهتزت شباكهم 336 مرة.
ومازال جوارديولا يواصل مسيرته التدريبية الاحترافية مع فرق كرة القدم بحثًا عن كتابة تاريخ كبير بأحرف من ذهب، فهل يتمكن بيب من اقتناص لقب دوري الأبطال الثالث؟، وهل يواصل الإسباني زحفه نحو الاقتراب من رقم الأسطورة أليكس فيرجسون مدرب مانشستر يونايتد التاريخي؟.