صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «وردة ونصل.. دراسات في الشعر العربي» للكاتب والشاعر مختار عيسى.
وفي مقدمة الكتاب يقول مختار عيسى: «المؤكد أن وظيفة الشعر قد استجابت لما تقاذفته الأيام والعصور من تغيرات طرأت على مختلف جوانب الحياة، وليس في هذا ما يشير إلى انتفاء القيمة، وانعدام الأهمية بقدر ما فيه من تأكيد على الايمان بالسيرورة التطويرية الإنسانية وإنجازاتها، فدور الشاعر لم يعد - كما استقر عبر قرون الشعر الأولى التأريخ والسفارة، والقيام بدور وزير إعلام القبيلة، ومنادمة الملوك والرؤساء، وحفظ الذاكرة الوطنية، ولم تعد - في نظري – قضية الكتابة الشعرية وفق ما اصطلحه القدماء، أو ما تواضعوا عليه بالعمود الشعر و قضاياه وأغراضه المحددة هي الفاصلة بين الشاعر والمتشاعر، أو بين الشعر ومجاوراته من الفنون الإبداعية الأخرى؛ فالإيقاع غير الإيقاع، والصورة غير الصورة، بل إن اللغة ذاتها على ثباتها النسبي - قد تعرضت قطعا لانتقالات دلالية وأسلوبية جعلت الكتابة الشعرية الحديثة في تجلياتها المتعاقبة نماذج مختلفة، رغم التقاطعات الموسيقية أو البلاغية، أو الغرضية التي يمكن أن تضم حزمة من الكتابات تحت تصنيف واحد وفقا للذهنية الجدولية الفرزية».
ويتابع: «لا يعنينا الاندفاع الشكلاني، وتغير أدوات التعبير عن هذا الغامض الملتبس الشعر، لكن ما نود أن نشير إليه هو أن المحاولات المتتابعة قد أخرجت أو هي قد حاولت ونجحت إلى حد ما- الأيديولوجي إلى ما ورائية الهم الشعري، بمعنى تراجع الاهتمام بقضايا كان الاحتفاء بها، أو حتى ملامستها قديما يرفع من رتبة الشاعر، ويثبت قدميه في طين التأريخ الأدبي، لكن السائد الآن أن الترويج لإزاحة هموم الوطن والأرض وتغييب القضايا الكبرى ومنها الهوية العربية والإسلامية، وإفساح الطريق للهامشي واليومي والعادي المألوف، بل وأحيانا الداخلي جدا.. يمثل حالة اقتراب حقيقية، على نحو ما يروج له أصحاب الكتابة بالجسد أو للجسد من الشعر الحقيقي، وأنه لا ضرورة لدى الشاعر تحتم عليه التعرض للقضايا الكبرى وهموم الأوطان».