أعربت مصر عن تضامنها التام والكامل مع الشعب السوداني الشقيق في أزمته الحالية، والتي تفاقم من الأزمات المركبة والمتتالية التي يعاني منها السودان على مدار سنوات عدة، مؤكدة استعدادها الدائم لتقديم كافة أوجه الدعم للخروج من الأزمة الراهنة، والعودة بالسودان إلى مسار التهدئة والحوار السلمي حقناً لدماء الشعب السوداني.
جاء ذلك خلال كلمة السفير أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة خلال جلسة مجلس الأمن حول الوضع في السودان.
وأعرب السفير أسامة عبد الخالق في كلمته عن بالغ أسف مصر لسقوط ما يتجاوز المئات من الضحايا والمصابين جراء الاشتباكات المسلحة في السودان، وأكثرهم من المدنيين من الشعب السوداني الشقيق، مشيرا إلى أن استمرار المواجهات المسلحة والخرق المتكرر لإعلانات وقف إطلاق النار المتتالية مدعاة للقلق العميق، حيث يعرض ذلك حياة المدنيين السودانيين ومواطني الدول الأجنبية المقيمين في السودان إلى الخطر، ويؤدي إلى تدهور متسارع للأوضاع المعيشية الصعبة في السودان.
وأكد "عبد الخالق"، أن مصر تأمل في أن يتم الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار المعلن، وأن يتسم بالاستدامة، مشددا على أهمية السعي الحثيث لاعلاء صوت الحكمة ووقف العدائيات واللجوء إلى الحوار لحل الخلافات التي ساهمت في اندلاع الاشتباكات.
وأشار السفير أسامة عبد الخالق إلى مشاركة مصر في 20 أبريل الجاري في الاجتماع الوزاري الخاص الدولي الذي عقدته مفوضية الاتحاد الأفريقي حول الوضع في السودان، وانضمت إلى البيان الختامي الصادر عنه، إلى جانب الاتصالات المكثفة التي تجريها مصر مع كافة الأطراف الفاعلة الدولية والإقليمية، على مستوى كل من مسئولي الدول والمنظمات للتباحث حول سبل الخروج من الأزمة الحالية.
وميدانياً، أشار السفير أسامة عبد الخالق إلى تعاون مصر مع العديد من الدول لإتمام إجلاء الرعايا المصريين والأجانب المقيمين في السودان، منوها في هذا الخصوص باستجابة السلطات السودانية وتعاونها لتيسير إجلاء الرعايا المصريين والأجانب، وذلك على الرغم من صعوبة وخطورة الوضع الأمني، مشيدا بدور الأمم المتحدة وبعثة يونيتامس لجهودها على كافة الأصعدة.
وأكد مندوب مصر الدائم خلال كلمته أن مصر بما لديها من تاريخ وروابط متجذرة مع السودان حريصة كل الحرص على حقن دماء الشعب السوداني، وعلى عودة الاستقرار والهدوء، وتشدد على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السودانية واستقلال وسيادة السودان، وهو الأمر الذي يمثل عمقاً استراتيجياً للأمن القومي للمصري.
وأشار إلى أن موقف مصر ثابت وواضح من تطورات الأوضاع في السودان وتشدد على ضرورة الوقف الفوري والعام والشامل لإطلاق النار، وضمان الالتزام به، وبما لا يقتصر على الأغراض الإنسانية، وذلك حقناً للدماء السودانية وحفاظاً على أمن وسلامة المدنيين ومقدرات الشعب السوداني الشقيق، مؤكدا أن النزاع في السودان هو شأن داخلي خالص، وتحذر مصر في هذا الخصوص من أي تدخل خارجي في السودان أياً كانت طبيعته أو مصدره، بما من شأنه أن يؤجج الصراع، وبحيث نتجنب جميعاً داخلياً في السودان، وكذلك إقليمياً ودولياً، معاناة تكرار التجارب المزعزعة للاستقرار والسلم والأمن التي شهدناها ولا نزال في دول أخرى في المنطقة، داخل أفريقيا وخارجها.
ولفت "عبد الخالق" إلى تشديد مصر على وجوب الحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة في السودان وعدم تعريضها لخطر الانهيار أو الانفراط، بما يخرج عن الإطار التقليدي لأية دولة وطنية حديثة، حتمية العودة إلى الحوار السياسي في السودان، معربة عن أملها في أن تنتهي العمليات العسكرية في أقرب وقت تجنباً للانزلاق إلى وضع أمني أكثر سوءاً وأشد خطورة على السودان وشعبه.
شدد مندوب مصر الدائم على ضرورة أن تتسم أية عملية سياسية مستقبلية في السودان بالشمول، وكل الحرص في تناول الملفات الشائكة والمتشابكة، موضحا أن أطراف المجتمع الدولي لا يغيب عنهم ما يعانيه السودان منذ عقود من أوضاع اقتصادية متردية، وأن أحد النتائج المباشرة للنزاع الحالي هو تسارع وتيرة تدهور هذه الأوضاع، وما يضيفه ذلك من أعباء مضاعفة نتيجة انهيار البنى التحتية، وإن كنا لا نستطيع قياس حجم ذلك في الوضع الراهن، ولكنه حتماً سيكون له تبعات شديدة السلبية على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والإنسانية للشعب السوداني، وهو الأمر الذي يتعين التحسب له والتأهب للاستجابة السريعة لتداركه من جانب المجتمع الدولي.
وجددت السفير أٍسامة عبد الخالق تأكيد مصر مجدداً على دعمها المستمر والثابت للسودان، وسعيها الحثيث لتهدئة الأوضاع واستعادة الأمن والاستقرار، كما تؤكد على استعدادها الدائم للعمل مع كافة الأطراف والشركاء الدوليين لنزع فتيل الأزمة الراهنة في أقرب وقت ممكن.