تحدث سعد الهموندي، مستشار رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، إلى جريدة «بلدنا اليوم» عن مستقبل إقليم كردستان والتعاون مع مصر في الفترة المُقبلة، فضلاً على تعليقه على الهجوم الذي حدث على مطار السليمانية، وإلى نص الحوار.
تحدثت في أحد مقالاتك عن احتياج العراق للقوة الناعمة.. لماذا؟
العراق يحتاج إلى القوة الناعمة وذلك لوجود الكثير من الفصائل المسلحة التي تتبع لدول خارجية، وهذه الفصائل تعمل على فرض الرأي على بعض الأطراف والأقليات خاصة في العاصمة بغداد، وهذه المظاهر تعتبر طاردة للاستثمار ومُزعزعة لحالة الاستقرار، وهو ما يجعل أي زائر يشعر بحالة من الخوف، وكل ذلك لا يُعالج إلا من خلال البدء بمشاريع القوة الناعمة وفتح جسور تعاون مع الدول الرائدة في هذا المجال.
لماذا شبهت العراق من قبل أنها دولة مثيرة للجدل؟
بلد مثل العراق يحوي مذاهب وطوائف وديانات وقوميات متعددة، وضاربة في عمق التاريخ، وبسبب ضعف السيادة العراقية في حماية الحدود وجدت العديد من الدول فرصة لفرض هيمنتها أو تدخلاتها في الشأن الداخلي مبررين ذلك بأنه حماية لبعض الجهات وهو ما وضع العراق في حالة مثيرة للجدل، ولحل هذا الأمر نحن اليوم بحاجة إلى دعم حالة التصالح وخلق الإنتماء للعراق وليس لدول خارجية.
وقع اتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان على عودة تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان التركي ثم قُصف مطار السليمانية.. هل يتأثر الاتفاق بهذا الهجوم الذي اتُهمت أنقرة بأنها خلفه؟
العلاقة بين أربيل وبغداد اليوم في أقوى حالاتها خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى أربيل ولقائه الزعيم مسعود بارزاني ورئيس الحكومة مسرور بارزاني، وكذلك الزيارات الدبلوماسية المتبادلة، ومثل هذه الزيارات أرست تفاهمات بين الإقليم والمركز وبالتالي تم حل غالبية المشاكل العالقة ومن بينها ملف تصدير النفط من الإقليم إلى ميناء جيهان التركي، أما القصف الذي طال مطار السليمانية فنحن نستنكر هذا العمل والجهة التي تقف وراءه كما أن موضوع حماية الحدود والسيادة أمر متعلق بالحكومة المركزية ولا أرى أن مثل هذه الأمور تؤثر على تصدير النفط أو على العلاقة بين أربيل وبغداد.
اطلعنا على آخر المستجدات بين إقليم كوردستان والدول المجاورة؟
الأمور تسير بشكل جيد مع الجميع في الفترة الحالية وننتظر المزيد من التعاون لتحقيق الصالح العام لشعوبنا، فالإقليم يعمل بجهد كبير خاصة الحكومة الحالية لفتح قنوات تعاون وتشارك مع غالبية دول العالم وخاصة الدول المجاورة والدول ذات التأثير الإقليمي.
ننتقل إلى الحديث عن مصر ورؤيتك لسبل التعاون الفترة المُقبلة خاصة أن الدولة المصرية دائمًا كانت ضد الصراعات ومساندة لحقوقكم منذ عهد جمال عبد الناصر؟
في فترة من الفترات كانت العلاقة جيدة جدًا بين مصر وكوردستان، لكن وخلال السنوات القليلة الماضية شاهدنا حالة من شبه انقطاع للعلاقة، وأرى أن هذا الانقطاع مرده إلى الظروف السياسية والأمنية لكلا البلدين، فمصر دخلت مرحلة من التضعضع وعدم الاستقرار في فترة الثورة، وكذلك دخل الإقليم في حالة من الحرب مع تنظيم داعش الإرهابي ومحاربته للتطرف، واليوم نحن بحاجة لإعادة مدّ الجسور بين أربيل والقاهرة من خلال التعاون والتشارك وبحالة أقرب إلى القوة الناعمة مع عودة الزيارات الرسمية واستعادة النشاطات الفنية والأدبية، ولا ننسى أيضاً أن الشعب الكردي مدين للشعب المصري منذ اتفاقية عبد الكريم قاسم في 1959 بمباركة الرئيس جمال عبد الناصر، ولن ننسى كذلك أن أول جريدة كردية كانت قد طُبعت في مصر باسم جريدة كوردستان وكان رئيسها علي بدرخان، واليوم نحتاج لأن تكون بداية تصديرنا لثقافتنا الحقيقية إلى دول العالم من أم الدينا مصر.
ما الخطوات التي ستتبعها في الشأن الإعلامي؟
في الوقت الحالي نسعى لمزيد من التعاون والتشارك مع مؤسسات مصرية خاصة وحكومية وأن نبدأ بتبادل الخبرات التدريبية وفتح مقر لمؤسساتنا الإعلامية في القاهرة.
ما ردك على بعض التصريحات عن ديكتاتورية نظام الحكم في إقليم كوردستان؟
من يتحدث عن هذه الأمور عليه الحضور إلى كوردستان ورؤية الأمر على أرض الواقع، وعندها سيجد من يدعي مثل هذه الأمور الرد الحقيقي على هذه الاتهامات، التي تعتبر غير صحيحة إطلاقاً.
تحدثت عن الصورة المغلوطة عن إقليم كوردستان وعدم تسليط الضوء بشكل سليم عنها.. نود أن تطلعنا على سبب ذلك ومقترحاتكم لمعالجته؟
يجب أن يكون لدينا يقين ومعرفة بأن الإعلام هو وجهة نظر وذراع لكل رؤية وهدف تسعى أي دولة لتحقيقه، ويجب التأكد بأن رجل السياسة يجب أن يكون شخصية إعلامية قبل ذلك وله توجهات وقناعه ينقلها ويترجمها على أرض الواقع، وذكرت ذلك في كتابي «الإعلام والسياسة»، والذي أوضحت من خلاله أهمية الإعلام في حل المعضلات السياسية خاصة في دولة مثل العراق التي لن تستقر ما لم يتم جعل يد السلام فوق أي اتفاق خاصة بين القوى السياسية السنية والشيعية والكردية.
تردد كثيرًا عن دوركم في تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بالعراق.. ما تعليقك على ذلك؟
هذا الحديث مبالغ فيه، لكن أمريكا دولة عظمى ويتم التعامل معها وفق هذه السياسة فقط، وأظن أن السياسيات الإقليمية والعالمية بدأت تفرض نفسها اليوم على الكثير من الدول خاصة في منطقة الشرق الأوسط شئنا أم بينا.
انتقدت تسويق حكومة العراق لنفسها على أنها نظام طائفي وسط العالم الدولي.. كيف يتم معالجة هذا الأمر من وجهة نظرك؟
نعم، في الفترة السابقة كانت تُنقل صورة مغلوطة عن العراق بسبب التفكك وسوء ملء الفراغ والصراعات الداخلية، يجب حصول الجميع على حقوقه، فضلًا عن العمل على لم الشمل والنظر إلى مصلحة الأراضي العراقية وشعبها.
كيف عانى العراق من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش؟
كلنا شاهدنا الظلم الذي وقع على الكثير من مدن ومحافظات العراق أثناء وجود داعش الإرهابي، وحينها استطاع إقليم كوردستان أن يحمي حدوده وأن يصبح المنطقة الآمنة الوحيدة في العراق حينها.
ما يقرب من ٨٠٪ من إيرادات الإقليم تعتمد على النفط.. هل توجد مقترحات لتنشيط القطاعات الأخرى مثل الزراعة والسياحة خاصة وأن الإقليم يتمتع بموقع وطبيعة خلابة؟
نعمل على تحقيق هذا الهدف الفترة المُقبلة بالتعاون مع الدول الصديقة وعلى رأسهم مصر، وبعض دول الخليج العربي، كما أن أبواب الاستثمار مفتوحة في الإقليم وهناك مشاريع حكومية ترفد الموازنة الداخلية بعيداً عن النفط والغاز.
أخيرًا.. ما الطلب الذي تتوجه به إلى مصر؟
أتمنى أن نفتح سبل تعاون وتشارك مؤسساتي ما بين إقليم كوردستان ومصر، وأن يتم حلحلة بعض الأمور المتعلقة بالتأشيرات بين البلدين، خاصة وأن بلد مثل مصر غني بالخبرات والأيادي العاملة والمهندسين وغير ذلك الكثير والذي يحتاج إليه الإقليم في الوقت الحالي لأنه داخل عملية إعمار وبناء لا تتوقف.