ذكريات بها من الماضي ما عبر، ومن التاريخ صفحات، تعود بنا لما مضى من حكايات، وحكايتنا هذه عن صوت الحب، حكاية لم ولن تنتهي برحيل صاحبها، فكما نقول دائما: الروح باقية والجسد فاني، فروح صاحبنا تعيش معنا حولنا في كل مكان، فمن منا لم يعش قصة حب أو يتلوى بنارها وحرقته على أنغامه، فهو العندليب الذي تقترب علينا ذكراه التي تحرق قلوب الكثيرين ممن دابوا وأحبوا و"تسلطنوا" على صوته، فذكرى رحيله مرت عليها سنوات كثيرة، 46 عاما بالتمام والكمال، ورغم ذلك في كل مرة تأتي من هذا الشهر لم تمر مرور الكرام، فيخرج محبيه من كل مكان، ويجتمعون في شقته بالزمالك.
شقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجار
بالتأكيد أنك أيضا مررت من هناك ذات مرة، فهي الشقة الساكنة، بالدور السابع في عمارة زهراء الجزيرة، وسط حي الزمالك المطل على النيل، وإذا لم تمر من هناك، فبالتأكيد وقعت عينيك عليها وأنت تجلس في حديقة الأسماك حيث يلتقي الأحبة، الذين ربما تعلقت أعينهم بشرفتها "شرفة العندليب" وابتسموا, ربما لا يعرفون أنها هي شرفة الرجل الذي لم يبخل بسنوات عمره من أجل أن يُغني لهم وللحب، ولكن المؤكد أن هذا المنزل وهذه المنطقة شهدت على أنه كان هناك نجم للجماهير، ورمز لأيام جميلة لم تمت وستظل محفورة في أذهان محبيه، نجم اسمه عبد الحليم حافظ.
شقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجار
عبدالحليم حافظ، هو الفنان الذي كتب بصوته أحلام أجيال، وما زال هو رغم مرور كل هذه السنوات، عاش ومات وانتهت حقبته وخرجت ألوان كثيرة من الأغاني، وما زلنا نعيش مع أغانيه ونذوب في رومانسيتها والحانها العذبة وكلماتها المرهفة، فمن غيره يفعل ذلك وهو من ارتبطت أغانيه الرومانسية بقصص الحب بين العشاق، من "أهواك" إلى "على قد الشوق"، وغيرها الكثير من الأغاني الخالدة.
شقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجار
فشقته الآن مثل وضعه هذا تماما، يطل عليها محبيه من وقت لآخر، يعبرون عن اشتياقهم وحبهم في جواباتهم، يجلبون الورود ومن يحبونهم إليها، ليحيوا ذكرى من لجأوا إليه للتعبير عن مشاعرهم اتجاه بعضهم البعض، فلا تزال جدران الشقة تحمل عبق الماضي الجميل، تزينها كم هائل من عبارات مكتوبة تركها محبيه عليه، أما الشقة نفسها فبمجرد دخولها يبرهك فخامتها وطرازها الفرنسي الرفيع، لم يتغير بها أي شئ، فيكفيك تخيل من كان يجلس على أثاثها من مطربين وشعراء وملحنين ورجال من كبار الدولة بالتأكيد.
شقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجار
عندما تدقق في أركان الشقة فتجدها لا تزال تحتفظ بكل تفاصيلها، وأغراض مطربنا الراحل كما هي، أنواع عطوره التي كان يستخدمها، عوده الذي خرج منه إبداعاته، هاتفه الذي كان يتواصل منع مع العالم الخارجي، والكاسيت الذي سمع فيه صوته، وتكريماته التي حصل عليها من كل مكان، وبعض الصور الشخصية، ومصحفه الخاص الذي لم يفارقه حتى لفظ آخر أنفاسه على سريره.
شقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجار
فهنا كان يسكن العندليب، وكانت تخرج أجمل الأغاني والإبداعات، هنا المكان الذي شهد بدايته، ونجاحه، وأيضا لحظات إخافقاته، هنا المكان الذي شهد لحظات غضبه وانفعالاته، لحظات الفرح والانتصار، هنا المكان الذي يكتم أسراره بين جدرانه، وعاش فيه آخر أيامه، ولحظات مرضه، هنا يعيش العندليب عبدالحليم حافظ.
شقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجارشقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجارشقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجارشقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجارشقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجارشقة عبدالحليم حافظ - تصوير: معاذ النجار