قال الدكتور إبراهيم درويش أستاذ المحاصيل الزراعية ووكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية خلال تصريحات خاصة لــ«بلدنا اليوم» إن مشروع الــ 3.5 يصل إلى 4 مليون فدان يعتبر أضخم مشروع زراعي تقيمه الدولة المصرية في العصر الحديث في مصر، لأنه سوف يضيف ثلث مساحة الأراضي المنزرعة القديمة أو أكثر إلى الرقعة الزراعية التي كانت في عام 2014 وقت تسلم الرئيس المسؤولية عبارة عن 8.4 مليون فدان.
وأشار أستاذ المحاصيل الزراعية أن ذلك هو الطريق إلى الاكتفاء الذاتي الزراعي، الذي تسعى إليه الدولة وحلم المصرين، وهو مشروع متكامل إنتاجي زراعي صناعي اجتماعي ضخم وعملاق.
وقال الدكتور إبراهيم درويش إن هذا المشروع لا يتواجد في منطقة واحدة، بل يضم عدة مشروعات قومية في مناطق متعددة، حتى يضمن توزيع التنمية في كل ربوع الدولة المصرية، وخلق مجتمعات جديدة زراعية تنموية مستدامة، مثل «مشروع توشكى الخير في جنوب مصر لخدمة أهل الصعيد، مشروع مستقبل مصر والدلتا الجديدة في شمال مصر لخدمة الدلتا، مشروع شمال ووسط سيناء لتوطين أهل سيناء وشرق القناة، بالإضافة إلى مشروع تنمية الريف المصري مليون ونصف فدان فى كل أنحاء الدولة المصرية».
وأضاف «درويش» أن كل مشروع من هذه المشروعات تحتاج إلى تفاصيل كثيرة لضخامتها والجهود التي تبذل فيها والتكاليف الباهظة التي ضختها فيه ومازلت الدولة المصرية.
وأكد أن إطلاق هذا المشروع الضخم من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي يهدف إلى الإسراع من الانتهاء من جميع مراحل المشروع، والذي انتهت فيه أكثر من مرحلة، وقامت الدولة بضخ مبالغ مالية ضخمة وغير مسبوقة حتى تدخل كامل مساحة المشروع إلى الخدمة والإنتاج، لتخفيف العبئ على المواطن والدولة المصرية في توفير الاحتياجات من المنتجات الزراعية، ويجرى العمل فيه الآن في كل المناطق على التوازي بكل همة ونشاط.
ولفت أستاذ المحاصيل الزراعية خلال تصريحات خاصة لــ«بلدنا اليوم» إلى أن هذا المشروع ضروري واستراتيجي، وذلك لأنه يضمن إعادة توزيع سكان الدولة المصرية من مساحة 6% من مساحة مصر إلى 20%من المساحة، مما يسهل من الخروج من الدلتا والوادى الضيق إلى ربوع الدولة، وهذا سيخفف الكثافة السكانية ويقلل العشوائيات ويحد من التعدي على الأراضي الزراعية القديمة الخصبة.
وقال الدكتور إبراهيم درويش إن هذا المشروع هو أمل الدولة لتحقيق حلم الاكتفاء الذاتي كما ذكرت من المحاصيل الزراعية، خاصة تلك المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة، وفول الصويا، وعباد الشمس ومحاصيل الأعلاف والزيت والبقوليات وغيرها من تلك المحاصيل التي نعاني فيها عجزا صارخا، وتتحمل ميزانية الدولة مليارات الدولارات لاستيرادها، والتي شهدت ارتفاع أسعارها في الأسواق المصرية في الفترة الأخيرة، نتيجة توقف سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة والأزمات العالمية والحرب الروسية الأوكرانية والتغيرات المناخية، مما أثر سلبيا على المواطن المصري.
وأكد أستاذ المحاصيل الزراعية أن هذا المشروع يضمن أيضا زيادة زراعة المحاصيل والنباتات التي للدولة المصرية لها فيها ميزة نسبية ونقوم بتصديرها إلى الخارج، مثل البطاطس والبصل والثوم والموالح والنباتات الطبية والعطرية، والتي وصلت في عام 2022 كمية التصدير منها 6.5 مليون طن بقيم 3.3 مليار دولار.
كما أن هذا المشروع يعمل على تنمية الصناعة التي تقوم على المنتجات الزراعية لتحقيق قيمة مضافة تضمن زيادة أسعار المنتجات الزراعية التي يتم تصديرها، بالإضافة إلى توطين الصناعات الزراعية المناسبة لكل منطقة، ومما لاشك فيه أن هذه المناطق تحتاج إلى مدارس ومستشفيات ولوجستيات متكاملة، لتحقيق استقرار واستدامة للسكان، مما يضمن خلق فرص عمل لأهالي تلك المناطق وتوطنيهم في هذه المناطق، مما يضيف فوائد أخرى اجتماعية تصب في تحقيق الأمن القومي للدولة المصرية.
والجدير بالذكر أن معركة استصلاح واستزراع تلك المساحات لم تكن وليدة أزمتي كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية فقط، لكنها كانت ضمن البرامج التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي مبكرا منذ بدء توليه مسئولية السلطة، رغم التحديات التي تواجه الدولة المصرية سواء محدودية الأراضي المتاحة للزراعة، وكذلك محدودية المياه اللازمة للتوسع في الرقعة الزراعية.
وأكد الدكتور إبراهيم درويش خلال تصريحات خاصة لــ«بلدنا اليوم» على أن جائحة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية أكدتا أهمية ذلك المشروع العملاق، خاصة مع ما حدث من إغلاق في بعض دول العالم وتوقف سلاسل الإمدادات أثناء جائحة كورونا، ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتلقى بظلالها الكئيبة على الاقتصاد العالمي، وتضرب الصادرات الروسية والأوكرانية في مقتل وهما الدولتان اللتان كان لهما نصيب الأسد في الصادرات الزراعية، خاصة ما يتعلق بمحصول القمح وهو السلعة الاستراتيجية العالمية التي لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة أن الفجوة الغذائية من المحاصيل والسلع الزراعية خاصة القمح والمحاصيل الاستراتيجية لم تعد مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فقط، لكنها أصبحت قضية استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمي، وأصبحت سلاحا في يد الدول المنتجة والمصدرة له، تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهدافها.