تعرض الاقتصاد الروسي لأكبر موجة من العقوبات الاقتصادية خلال العام الماضي، بعد أن حاصرته القرارات الأوربية بـحزم من العقوبات العسكرية والبنكية والتجارية والنفطية، إلا أن المفاجأة كانت انكماش الاقتصاد الروسي خلال 2022 بنسبة2.1% وفقا لبيانات هيئة الاحصاء الروسية.
واعتبر العديد من المراقبين أن صمود الاقتصاد الروسي في وجه التوقعات الغربية، يمثل مفاجأة كبيرة لا شك فيها، بعد أن وزير المالية الفرنسي برونو لومير انهيار الاقتصاد الروسي تحت وطأة العقوبات الغربية، وتوقع صندوق النقد أن يكون الانكماش خلال 2022 بنسبة 18.5%، وهو ما لم يحدث.
وبالرغم من تشكيكات الغرب في البيانات الروسية عن الاقتصاد، فإن الأكيد أن الاقتصاد الروسي استطاع أن يقلل من الانكماش، من خلال الاعتماد على قطاعات بعينها مثلت قوة خلال العام المنصرم 2022.
تأتي الزراعة كواحدة من أهم العوامل التي دعمت الاقتصاد الروسي في مواجهته للعقوبات الغربية، حيث استطاعت روسيا من خلال اتفاقية تصدير الحبوب أن تحافظ على مدخلاتها المالية، كواحدة من أهم الدول المصدرة للقمح، وتشير التقارير الروسية أن موسكو سوف تحقق ما بين 55 إلى 65 مليون طن بنهاية العام المالي الحالي في يونيو المقبل.
كذلك مثلت الصناعات الغذائية محور أخر بعد أن استطاع الروس إجراء عملية إحلال بديلة للشركات الأمريكية والأوربية المتخارجة من السوق ومنها شركتي بيبسي وسلسلة ماكدونالدز الشهيرتين.
ورأى الدكتور هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي أن التعامل المرن للروس مع العقوبات تمثل في البدائل المتوفرة ومنها نظام الدفع الإلكتروني الروسي (مير) كذلك ربطها صادراتها للدول بعملتها المحلية (الروبل).
وبالرغم من تحديد الغرب لسعر بيع النفط الروسي بأقل من 60 دولار للبرميل، فإن مبيعات روسيا قبل القرار حققت رقما هاما في المعادلة الاقتصادية الروسية حيث كانت أسعار النفط المرتفعة تعوض قلة الكميات المصدرة.
إلا أن قطاع السيارات يعتبر الأكثر تأثرًا في روسيا من العقوبات الغربية، بعد أن انخفضت المبيعات خلال 2022 بنحو مليون سيارة مقارنة بالعام السابق عليه 2021.
وعكس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رضائه عن الوضع الاقتصادي خلال كلمته إلى الشعب الروسي عن حالة الأمة حيث وصف الاقتصاد الروسي بالمرن الذي استطاع التغلب على الأزمات الاقتصادية التي واجهته منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، لذلك رأى أبو الفتوح أن هذه الدعوة عكست الوضع القوي للجبهة الداخلية في روسيا حيث أن المواطن الروسي لم تتأثر أحواله المعيشية بالسلب.
وبالرغم من الدلائل الكبيرة على حسن إدارة روسيا للموقف اقتصاديا إلا أن دكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادي الدولي و رئيس كلية كوينز، جامعة كامبريدج، التأثيرات السلبية للعقوبات ستطول الدول النامية بشكل أكبر خلال الشهور المقبلة في ظل استمرار ارتفاع الدولار والذي سيمتد إلى أوربا أيضا.