في إطار فعاليات اليوم العالمي لعدم التسامح مطلقاً إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث نظمت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون webinar ، تحت عنوان «سبل مناهضة ختان الإناث»، وذلك بمشاركة عدد كبير من القيادات النسوية، الحزبية، الطبيبات، الإعلاميات، الأستاذة الجامعية، وأدارت الوب ينار الأستاذة انتصار السعيد المحامية ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون.
في البداية، تحدثت النسوية ومديرة دار هن للنشر هند سالم، عن أهمية التركيز على المنظور النسوي في مسألة جسد النساء، لأن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث مرتبط بأجساد النساء، حيث يعطي للسيدات أول درس وهو أن اجسادهن مصدر للألم، وموضع للعار، ومن هنا يبدأ الضغط والتحكم، ويستمر على مدار حياتهن بالإضافة لطريقة الملبس الخاصة بهن، والحرية وما إلى ذلك.
وأضافت «سالم»، خلال مشاركتها أن هناك أيضاً مسالة الاستمتاع حيث دائمًا يتم طرح فكرة الاستمتاع كأنه شيء محرم ويجب وأده من البداية، فعندما تبلغ الفتاة يجب وأدها بالختان، وكأن الموضوع شيء مهين، وكذلك تصدير فكرة أن النساء كائنات غير قادرة على التحكم في رغباتهن وبالتالي يجب حمايتها وتتحول الفتاة من مصدر الأمان لمصدر الخوف والقلق.
وتابعت تحويل الأسرة من مصدر الأمان لمصدر السيطرة والالم والمسالة النفسية، ويحدث أيضًا الختان بدعوى الحب والخوف، حيث عملت في محافظات مختلفة لدى مشروع الختان ووجدت أن الأمر منتشر حتى ولو بشكل غير معلن وتحولت الضغوط من خارج الأسرة والمجتمع لداخل الأسرة.
وأضافت هند سالم، أن هناك نضال طويل للحركة النسوية المصرية حيث طرحت قضية الختان من السبعينيات، حيث قامت ماري أسعد، وعزيزة حسين، وهن من أوائل النسويات، اللاتي عملن عبر مجموعة العمل لمناهضة الختان لطرح القضية وتناولها بشكل مكثف والتي تمثل انتهاكًا بحق الإناث، مؤكدة على إستمرار النضال حتى التسعينيات، حيث استضافت القاهرة مؤتمر السكان عام 1994 وقد حدث تغيير كبير فأصبحت القضية مطروحة بشكل كبير والذي يعد انتصارًا للحركة النسوية، وعلى الرغم من وجود قانون يمنع الختان إلا أن النسبة مازالت مرتفعة حيث وصلت ل84% في عام 2021.
وأشارت أن هناك أهمية للقوانين في تعديل سلوكيات أو الأمور الخاصة بالنساء، ولكن من الضروري هو تغيير الثقافة والسياسات التي تدعم مناهضة الختان وإلا ستظل النساء عرضة لهذا الانتهاك، وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه يجب اعتبار أجساد النساء ملكية خاصة وإلا يتم الوصاية عليها بشكل أو بأخر من الأسرة أو المجتمع.
ومن جانبها تحدثت الصحفية «هاجر عثمان»، عن مشكلة طرح قضايا النساء في الإعلام، فالمساحات الخاصة بالنشر غير متاحة حول قضايا المرأة كما يتم التعامل مع الملف بشكل موسمي، فعندما تكون هناك مناسبة مثل اليوم العالمي لعدم التسامح مطلقا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ولا يتم تكثيف النشر إلا خلال حملة ال16 لمناهضة العنف ضد النساء، مؤكدة على أنه من الضرورى طرح القضية بشكل مستمر على أجندة الصحافة وكذلك السوشيال ميديا ووسائل الإعلام المختلفة.
وأشارت «عثمان»، أن هناك ميزة حققتها المنظمات النسوية حيث مدت وسائل الإعلام المختلفة تجارب لنساء تعرضن للعنف والحديث بحرية و بدون خجل وأصبحن نموذج وقدوة وشرح تجاربهن القاسية وتوعية غيرهم لايقاف تلك الجريمة، لكن ينقصنا أيضًا الأرقام ونعتمد على أرقام واحصائيات قديمة، متابعة «مهم جدًا دور الدراما والفن من خلال التناول بشكل واقعي للقضية في الشاشة الصغيرة ومعالجة القضايا بشكل مختلف، حيث هناك قطاع كبير من الجمهور مرتبط بالدراما وسيكون مفيد أن نقوم بالتوعية أفضل من نشر بيان أو موضوع صحفي منشور، مضيفة أن هناك قضايا كثيرة يجب الإهتمام بها منها العنف الجنسي بشكل مستمر والتحرش وقضايا المرأة بشكل عام.
وفي نفس السياق أكدت الدكتورة كريمة الحفناوي، القيادية بالحزب الاشتراكي المصري، على ضرورة تنفيذ ندوات وإعلانات لكي نصل للناس في القرى والنجوع فليست هناك ضرورة لعمل إعلانات على الكباري، فتنفيذ برنامج توعوي كل يوم على مدار السنة سيكون مفيد أما العمل بشكل موسمي فلا يصلح.
وأضافت «الحفناوي»، أنه لكي نقضي على ظاهرة الختان بحلول عام 2030 يجب أن تتكاتف جميع مؤسسات الدولة مع منظمات المجتمع المدني وتقليل الفجوة الطبقية وعدم المساواة بين الرجل والمرأة فهناك المدارس والأوقاف والكنائس يجب العمل وفق خطة زمنية محددة واستثمار موارد الدولة، مشيرة إلي ضرورة حرية توافر وتداول المعلومات وتضافر الجهود لعدم تكرار العمل في المحافظات وتوحيد الجهود، وكذلك مسألة التبرعات وتوزيعها بشكل عادل على المحافظات وتعزيز التعاون مع مؤسسات صحية وتوعوية، ولأن عام 2022 عام المجتمع المدني فمن الضروري تعزيز التعاون والشراكة بين الدولة والمجتمع المدني.
وتابعت كريمة الحفناوي، التعليم هام جداً وكذلك توعية الاطباء بخطورة الختان وتغليط العقوبة، وقيام المجلس القومي للمرأة بالمتابعة ومناشدة البرلمان بضرورة إصدار القانون الموحد لمناهضة العنف ضد النساء.
وعلى صعيد متصل تحدثت المحامية انتصار السعيد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، عن أهمية تشجيع النساء البالغات للتقدم ببلاغات ضد جريمة ختان البنات إعمالاً لنص المادة 99 من قانون العقوبات، والتي ترسخ أن الحق في التقاضي في الجرائم المرتبطة بالاعتداء على حرمة الجسد لا يسقط بالتقادم.
وشرحت «السعيد»، جهود المؤسسة لمناهضة ختان الإناث من خلال برنامج الحقوق الصحية للنساء، بناء قدرات مقدمي الرعاية الطبية سواء الأطباء أو أطقم التمريض، والاخصائيين النفسيين، مضيفة أن المؤسسة خصصت مجلة ناجية «عدد فبراير»، عن جريمة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ونشر عدد من شهادات للناجيات.
وأكدت المحامية انتصار السعيد، أن وزير الصحة أصدر قرار وزاري عام 2007 لتجريم قرارًا وزاريًا (٢٧١) بمنع الجميع، بمن فيهم العاملين في مجال الصحة، من ممارسة ختان الإناث في المستشفيات أو العيادات الحكومية أو غير الحكومية.
وفي نفس السياق أكدت منى عبد الراضي، الصحفية وأمينة المرأة بالحزب المصري الديمقراطي، أن ختان الاناث جريمة تؤدي إلى عاهة مستديمة، وتستحق أقصى عقاب، فالأمر لا يتعلق بقطع جزء من الجسد فقط بل إباحة جسد النساء أمام الرجال في مشهد لن تمحوه ذاكرة الإناث، متابعة أن بعض النساء ترفضن العلاقة الزوجية بسبب الأزمة النفسية التي لحقت بها، فالسيدات لا يمكن أن تنسى حلاق القرية الذي قام بتلك الجريمة.
وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة نهى الزيدي، اخصائية النساء والتوليد، أنها صدمت عند علمت بوجود أطباء يقومون بعملية ختان الاناث خلال زيارتها وعملها في بعض الأماكن.
ومن جانبها، أكدت الدكتورة أنوار عثمان، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، أن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام لم يرد أنه ختن بناته، وكل ما ورد في ذلك هو من الأحاديث الضعيفة، فقد كرَّم الإسلام النساء ففي الحديث «من ولدت له أنثى فلم يئدها، ولم يهنها، ولم يؤثر ولده عليها -يعني الذكر عليها- أدخله الله بها الجنة»، وكذلك للأسرة والحفاظ عليها مكانة كبرى في الإسلام وقدس العلاقة الزوجية، والشريعة كلها إما تدرأ مفاسد أو لجلب مصلحة العباد، فالشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس: «الدين والنفس والنسل والمال والعقل»، وفي الحديث الشريف «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ»، فكيف به وقد تحقق الأطباء بخطورتها على الفتاة من جراء التشويه التناسلي للأنثى.
وعلى نفس المنوال قالت الدكتورة ألفت علام، استشاري العلاج النفسي والإدمان، أن هناك مفاهيم مغلوطة يجب تصحيحها بأن ختان الاناث يجعلها أكثر شرفًا وطهارة، وتصدير فكرة الحفاظ على شرف الأسرة، فالعنف النفسي للنساء مشهد لا يمكن أن ينسى من الذاكرة.
وتحدثت في نفس السياق، نرمين ميشيل، أمينة قطاع شمال القاهرة بحزب العدل، وقالت إن هناك دور لبيت العيلة المصرية والكنيسة في القضاء على الظواهر السلبية والتي من بينها ختان الاناث، مطالبة وزارة التربية والتعليم ووزارة الشباب والرياضة بضرورة عمل حملات توعوية داخل المدارس ومراكز الشباب.
وفي الموضوع ذاته طالبت نهى سيد، مؤسسة مبادرة صوت لدعم النساء، بضرورة تعميم وحدة مناهضة العنف ضد النساء في الوزارات المعنية مثل وزارة الداخلية.
واختتمت رشا أمين، إعلامية، الموضوع قائلة: «إن وسائل التواصل الاجتماعي أداة مهمة جداً لدعم القضايا المجتمعية، ومن الممكن تنظيم حملات ضد ختان الإناث عبر الفيس بوك وننشرها مع الأصدقاء والجيران لأن السوشيال ميديا أصبحت الأكثر انتشارًا».