قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إننا نرى جهالات كثيرة شاعت في عصرنا، ونرى خروجًا غير معقول عن المنطق، وعن التفكير المستقيم، وكل ذلك لأمرين.
وأوضح جمعة عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن الأمر الأول: الجهل الذي صار مع مضي الزمن جهلًا مركبًا، ويعتقد أحدهم أنه على شيء وليس على شيء، هذا هو الأمر الأول الجهل، والأمر الثاني: الكذب فهم يكذبون على أنفسهم ويكذِّبون الحق.
وتابع : فكل هذا الذي نراه أساسه هو الجهل، ويتعجب كثير من الناس أن بعض من يصلي ويصوم يكون أقل في إدراك الواقع وفي عمارة الدنيا من الذي لا يؤمن أصلًا، لماذا؟ لأن هذا علم وعرف حقيقة ما يتعامل معه وإن كان ليس من المسلمين، وهذا لم يعرف.
وأكد أن الجهل والجاهلية وراء كل التخلف والانهيار والفسق، بل يكشف الله لنا أنه وراء كل كفر، الجهل بما تتعامل معه، فمن أراد عمارة الدنيا فلا بد عليه أن يعلم قوانينها وسنة الله الجارية فيها، من أراد أن يتعلم الشريعة فعليه أن يتعلمها وألا يجهلها، من أراد أن يؤمن بالله فعليه أن يفهم حقيقة الكون وقضيته الكبرى.
واستشهد بقول الله تعالى : {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} فهم لم يعرفوا العلم الكامل، وهنا أيضًا إشارة إلى قضية أخرى، وهي أن نعرف بعض العلم وأن نجهل بعضه، وأن نكمل من أذهاننا، ولذلك أُمرنا بالتخصص، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
ونبه إلى أنه لا يحيط الإنسان بعلم ما بين السماء والأرض، ولكن الله أنشأ لكل جانب ولكل مجال أهل ذكر يتخصصون فيه ويتبحرون فيه، ولذلك نسأل أهل الذكر كل واحد منهم فيما يخصه، {يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} يحيطوا بعلمه، والإحاطة هي ما نسميه بالتخصص، ليس من كل بستان زهرة، وإنما يجب أن يحيط.
وأفاد بأن الإحاطة تستلزم أنه يكون على علمٍ بقواعد هذا العلم وأن يحيط وأن يستوعب أحكامه ومصطلحاته وأن يقرأ كتبه وأن يتعلم على شيخ هذا العلم، هذا هو الذي عرفته البشرية، ولذلك رأينا الجامعات، ورأينا المدارس ورأينا الأستاذ ورأينا التلميذ كل ذلك من أجل الوصول إلى الإحاطة.