ما حكم ذبيحة رجب العتيرة؟ العتيرة أو الرَّجَبِيَّةِ .. هي ذبيحة كان يذبحها أهل الجاهلية في شهر رجب، وجعلوا ذلك سنة فيما بينهم كذبح الأضحية في عيد الأضحى، واختلف العلماء في حكمها، وسبب اختلافهم: اختلاف الأحاديث الواردة فيها، فمنها ما أمر بها ورخص فيها، ومنها ما نهى عنها، القول الأول : أن العتيرة سنة مستحبة، وهذا قول الإمام الشافعي رحمه الله.
واستدل الإمام الشافعي على أن العتيرة سنة ما رواه الإمام أحمد (6674) والنسائي (4225) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن َالْعَتِيرَةُ فقَالَ: «الْعَتِيرَةُ حَقٌّ»، والقول الثاني:أنها لا تستحب ولا تكره ، وقال بهذا القول بعض الشافعية، كما حكاه النووى عنهم في "المجموع" (8/445)، القول الثالث: أنها مكروهة، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها، وقال بعضهم: هي حرام باطلة.
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن حكم ذبح العتيرة "الرجبية" مسألة خلافية، وللمرء أن يقلد من أجاز، ولا إنكار في المختلف فيه، على أن الذي يترجح لدينا هو الجواز، وأن المنع مقيد بالوصف الذي كان يوقعه أهل الجاهلية.
وأضاف الأزهر، أنه ذكر ابن رجب في لطائف المعارف (ص117): "..كانوا في الجاهلية يذبحون ذبيحة يسمونها العتيرة، واختلف العلماء في حكمها في الإسلام: فالأكثرون على أن الإسلام أبطلها، وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيرَةَ» ومنهم من قال: بل هي مستحبة، منهم ابن سيرين، وحكاه الإمام أحمد عن أهل البصرة ورجحه طائفة من أهل الحديث المتأخرين ونقل حنبل عن أحمد نحوه.
وتابع: وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه عن مخنف بن سليم الغامدي –رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال بعرفة: "إِنَّ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَةً، وَعَتِيرَةً" وهي التي يسمونها الرجبية، وفي سنن النسائي (7/ 169) عن نبيشة –رضي الله عنه- ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنَّا نَعْتِرُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: «اذْبَحُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْعِمُوا» وفي المعجم الكبير للطبراني (3/ 261) بسنده عن الحارث بن عمرو–رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْعَتِيرَةِ، فقَالَ: مَنْ شَاءَ عَتَرَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ، وَمَنْ شَاءَ فَرَّعَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفَرِّعْ.
وواصل: وفي سنن النسائي (7/ 171) عن أبي رزين–رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله كنا نذبح ذبائح في الجاهلية يعني في رجب فنأكل ونطعم من جاءنا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا بَأْسَ بِهِ" وخرج الطبراني في المعجم الكبير(11/ 232) بإسناده عن ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: اسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشٌ فِي الْعَتِيرَةِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ نَعْتِرُ فِي رَجَبٍ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعِتْرٌ كَعِتْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَكِنْ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَذْبَحَ لِلَّهِ فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ فَلْيَفْعَلْ».وأكمل: هؤلاء جمعوا بين هذه الأحاديث وبين حديث: "لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ" بأن المنهي عنه هو ما كان يفعله أهل الجاهلية من الذبح لغير الله، وحمله سفيان بن عيينة على أن المراد به نفي الوجوب، ومن العلماء من قال: حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أصح من هذه الأحاديث وأثبت، فيكون العمل عليها دونها، وهذه طريقة الإمام أحمد، وروى مبارك بن فضالة عن الحسن قال: ليس في الإسلام عتيرة، إنما كانت العتيرة في الجاهلية، كان أحدهم يصوم رجب ويعتر فيه.
قالت دار الإفتاء، إن العتيرة بفتح العين المهملة: ذبيحة كانوا يذبحونها في العشرة الأُول من شهر رجب، ويسمونها الرجبية أيضًا.
وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «حكم ذبيحة رجب العتيرة ؟»، أن الإسلام جاء والعرب يذبحون في شهر رجب ما يسمى بـ العتيرة أو الرجبية، وصار معمولًا بذلك في أول الإسلام؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أُضْحِيَةً وعَتِيرَةً» رواه الترمذي.
وأشارت إلى أن الفقهاء اختلفوا بعد ذلك في نسخ هذا الحكم: فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن طلب العتيرة منسوخ؛ مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» رواه مسلم، وذهب الشافعية إلى عدم نسخ طلب العتيرة، وقالوا باستحبابها، وهو قول ابن سيرين.
ونقلت قول الحافظ في كتاب "الفتح": ويؤيده ما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه -وصححه الحاكم- وابن المنذر عن نبيشة قال: نادى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا؟ قال: «اذْبَحُوا للهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا اللهَ وَأَطْعِمُوا» رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة، قال ابن المنذر: هو حديث صحيح.
وتابعت: وقال الحافظ: فَلَمْ يُبطِل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم العتيرة من أصلها، وإنما أبطل خصوص الذبح في شهر رجب، وروى النسائي والبيهقي في "الكبرى" وأحمد والحاكم في "مستدركه" وصححه -ووافقه الذهبي في "التلخيص"- والطبراني في "الكبير" عن الحارث بن عمرو رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعرفات -أو قال: بمنًى- وسأله رجل عن العتيرة فقال: «مَنْ شَاءَ فَرَّعَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفَرِّعْ، وَمَنْ شَاءَ أَعْتَرَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ».وذكرت ما روي عن أبي رزين رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، إنا كنا نذبح في الجاهلية ذبائح في رجب فنأكل منها ونطعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا بأس به» رواه النسائي، وفي "سنن أبي داود" و"النسائي" و"ابن ماجه" عن مخنف بن سليم الغامدي رضي الله عنه قال: كنا وقوفًا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعرفات، فسمعته يقول: «إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كلِّ عامٍ أُضْحِيَةً وعَتِيرَةً. هل تدري ما العتيرة؟ وهي التي يسمونها الرجبية.
ولفتت إلى قول الشافعي: والعتيرة هي الرجبية، وهي ذبيحة كانت الجاهلية يتبررون بها في رجب، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا عَتِيْرَةَ» أي: لا عتيرة واجبة، قال: وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: اذْبَحُوا للهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ أي: اذبحوا إن شئتم، واجعلوا الذبح لله في أي شهر كان.وأكملت: وأجيب عن حديث لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ بثلاثة أوجه: أحدها: جواب الشافعي رضي الله عنه السابق: أن المراد نفي الوجوب، الثاني: أن المراد: نفي ما كانوا يذبحونه لأصنامهم، والثالث: أن المراد: أنهما ليستا كالأضحية في الاستحباب أو ثواب إراقة الدم في يومٍ بخصوصه، فأما تفرقة اللحم على المساكين فبرٌّ وصدقةٌ، وقال الإمام النووي في "المجموع (8/ 446): [الصحيح الذي نص عليه الشافعي واقتضته الأحاديث: أنها لا تكره، بل تستحب، هذا مذهبناوأفادت: عليه فإننا لا نرى بأسًا فيما تسمى بـ العتيرة؛ لما مر، ولأن مطلق الذبح لله في رجب ليس بممنوع، كالذبح في غيره من الشهور.