حكاية مسلسل اليوم، بالتزامن مع ذكرى وفاة الفنانة الكبيرة سناء جميل، وواحد من أهم المسلسلات الدرامية وهو "الراية البيضا.
نرشح لك: زعلانة من تامر حسني.. أبرز تصريحات شذى مع الإعلامي سعيد جميل
بدأت الحكاية عندما كان المخرج الكبير محمد فاضل، والكاتب أسامة أنور عكاشة، يقيمان في بناية واحدة، فاضل في الدور الرابع، بينما يسكن أسامة الدور السادس، ولعل هذا ما أسس لصداقة من نوع خاص علاوة على العشرة والجيرة.
وفي مسلسل الراية البيضا لم يكن هناك أي خلاف، فأسامة كان معتادًا أن يكتب فكرة في صفحتين أو ثلاث، لم يكن يكتب معالجات درامية بشكلها المعتاد ثم يبدأ في كتابة الحلقات ويقدمها له للقراءة والمناقشة.
وما إن انتهى أسامة من كتابة عدد من الحلقات قفزت سناء جميل، إلى ذهن المخرج محمد فاضل، لتكون هي بطلة الملحمة الدرامية التي يجري الإعداد لها، والغريب أن ما قفز في ذهن فاضل كان أيضًا في ذهن أسامة قد تختلف بعض وجهات النظر في بعض الأحيان لكن عند سناء جميل، اتفق الطرفان باقتناع تام أن تكون هي بطلة رواية فاضل وعكاشة الجديدة.
وعن تفاصيل دور سناء جميل، في مسلسل الراية البيضا، والتي جسدت دور فضة المعداوي، فقالت في حوار له ببرنامج "لسه فاكر" مع الإعلامية نهال كمال: "ساعة لما قريت المسلسل لقيته قد كده عمل عظيم وموضوعي مهم لكن رفضت المشاركة مش لأنه سيئ بل على العكس، كان عملًا عظيمًا وكانت عيني فيه، وقلت لمحمد فاضل:" ما أنت عندك 100 واحدة تعمل الدور ده إشمعنى أنا؟ قال لي أنا عايزك انتي بالذات يا سناء".
خوف سناء جميل، من المشاركة في المسلسل لأنها لم تقدم دور المعلمة قبل ذلك في أي عمل فني، طوال حياتها، غير أن الشخصية مليئة بالتفاصيل.
لكن خوفها تبدد أمام إصرار محمد فاضل وأسامة أنور عكاشة الذي قال لها حسب روايتها،" الدور مكتوب لسناء جميل، ومافيش فنانة بديلة تقدر تعمله"، وعلى ذلك وافقت على تجسيد الدور.
وبعد ما وافقت سناء جميل على تجسيد الدور سافرت إلى الإسكندرية،وقابلت بائعات السمك وتعلمت حركاتهن وارتدت الملابس مثلهن التي فصلتها على حسابها، كما ركبت سنة ذهبية كما فعلن، مؤكدة أنها لم تقم بأية إضافات للشخصية ودورها، وقالت هذا عيب ولا يمكن أضيف شئ بعد ما تم كتابته.
اندمجت سناء جميل، في هذه الشخصية إلى الحد التي جعتلها تعيشها في واقعها خلف الكاميرات، ففي أثناء التصوير كانت شخصية حادة جدًا قاسية في التعامل مع زملائها على غير عادتها الودودة مع الآخرين، وظلت على هذا الشكل حتى بعد الانتهاء من التصوير، حتى تعافت مع الوقت من عدوى فضة المعداوى، الشخصية التي تركت بصمتها على الدراما التلفزيونية، وعلى الرغم من مرور 30 عام على عرض المسلسل، مازالت جملتها " ولا يا حمو التمساحة يلا" التي رددتها طوال الحلقات وخاصة في الحلقة الاخيرة والتأثير الصوتي الذي ادخل عليها في أخر مشاهد الحلقة يتردد.
استطاع صناع العمل أن ينقلوا الواقع بصراعه كما هو وتمكن المخرج محمد فاضل، في أن يبث الروح في شخصياته ليحولها من مجرد تيمات مكتوبة على ورق إلى شخصيات حقيقية لحم ودم، ليمتزج خيال القصة بالواقع.
وكانت المرة الأولى للفنان جميل راتي، الذي تخلى فيها عن شخصية الفيلن، ويجسد دور السفير مفيد أبو الغار، وذلك بعد اعتذار الفنان محمود مرسي، عن تقديم الشخصية بزعم أن شخصية المعلمة فضة، هى محور الأحداث، وبمثابة الدور الرئيسي، وهذا أمر غير مقبول بالنسبة له.
وسبقته الفنانة يسرا، التي كانت مرشحة بقوة لتجسيد شخصية الصحفية أمل عبدالصبور، و التي أبدت موافقتها بالفعل بعد قراءة السيناريو، وقبل انطلاق التصوير، تراجعت يسرا، وقررت الاعتذار لارتباطها بتصوير عدد من الأعمال السينمائية والدرامية، اللاتي تتطلب تواجدها بالقاهرة، دون السفر إلى دولة الأردن التي تم تصوير غالبية مشاهد "الراية البيضا" بها.
وبعد اعتذار يسرا، عن تقديم شخصية الصحفية أمل عبدالصبور، تم إسناد الدور إلى الفنانة سمية الألفي.
كما تم ترشيح الفنان الكبير جورج سيدهم، للعب دور "مطاوع" لكنه أيضًا رفض فكرة السفر لمدة شهر كامل كونه كان له ارتباطات مسرحية، ويعرض يوميًا على خشبة المسرح، وعلى الفور تمت الاستعانة بالفنان محمود الحديني، لتقديم الشخصية.
بكت سناء جميل، أكثر من مرة أثناء تصوير أحد المشاهد، وهو مشهد "كانت شايلة همه" من وقت قراءة السيناريو عندما يتقدم "النونو" الذي قدم شخصيته ببراعة سيد زيان، إليها لخطبة ابنتها "سمحة" التي لعبت دورها الفنانة وفاء مكى، فما كان منها إلا أن ضربته ضربًا مبرحًا، وأمسكته من أذنه وركعته أسفل قدميها قائلة: "أنت خدام وسمحة دى ستك"، بكت سناء جميل لأنها لم تكن أبدا تتصور أن تجعل إنسانا آخر يركع تحت قدميها حتى ولو على سبيل التمثيل لكنها كممثلة محترفة قدمت المشهد لكن بعد أن توقف التصوير 6 مرات، وبعد نهاية المشهد بكت سناء جميل بحرقة واعتذرت لسيد زيان.
في المشهد الأخير من مسلسل الراية البيضا يجلس فريق السفير المتقاعد مفيد أبوالغار أمام البلدوزر لوقف قرار هدم الفيللا وهو المشهد الذي استلزم الحصول على تصاريح بالتصوير لكن التصريح صدر عن مديرية أمن الإسكندرية بإغلاق جزئي للكورنيش لكن المخرج محمد فاضل قال إن الأفضل أن يكون الإغلاق للكورنيش كليا وهو الأمر الذي رفضته.
ونزلت قوة من الشرطة لمرافقة فريق العمل أثناء تصوير المشهد، وكان الضابط الذي يقود القوة محبًا للفن ومتفهما لأبعاد الدراما فقرر إغلاق الطريق كليًا بالفعل لمدة ساعة كاملة.
كان المخرج محمد فاضل قد انتهى خلالها من تصوير المشهد لأنه كان قد تم تحضيره وتقطيعه قبل التصوير لينتهي العمل الذي جاءت أحداثه ف 16 حلقة.
ويتناول المسلسل مصير الفيلات الأثرية التى تعرضت للهدم والتدمير، وتم تصوير مشاهد المسلسل فى فيلا عثمان محرم باشا شيخ المهندسين المصريين، والتي تعرضت للهدم لاحقا بعد قيام رجل أعمال بشرائها، بعد سنوات قليلة من عرض المسلسل الدرامي، حيث جاء الهدم تنفيذاً للقرار رقم 47 لسنة 2010، نتيجة لثغرة في القانون وإصدار قرار الإزالة قبل قرار تصنيف الفيلا كونها أثرية.
مسلسل "الراية البيضاء" من إنتاج عام 1988 ، وهو من تأليف الكاتب أسامة أنور عكاشة ومن إخراج محمد فاضل، وهو من بطولة جميل راتب وسناء جميل، وهشام سليم وسمية الألفي وهادي الجيار وسيد زيان ومحمد متولي ونبيل الدسوقي.
وتدور أحداثه عن سيدة من ثرية، ولديها تجارة كبيرة في سوق السمك، ترغب في الاستيلاء على قصر أثري في الإسكندرية مملوك لأحد السفراء، الذي يعود إلى وطنه بعد أن وصل لسن التقاعد، ولكنه يدخل في صراع معها لكي يحافظ على منزله رغم كل الضغوط التي تمارسها عليه.