نبدأ اليوم سلسلة من حكايات المسرحيات، التي أحببناها جميعًا وتعايشنا مع أبطالها، لنعرف كواليس ما قبل العرض إلى ظهورها أمام المتفرج على خشبة المسرح.
نرشح لك: تعرف على أولى حفلات أنغام بعد تماثلها الشفاء
ويُقدم بلدنا اليوم، أول حكاية مسرحية، بالتزامن مع ذكرى وفاة الفنان محمود القلعاوي، وهي "الجوكر".
بدأت الحكاية عام 1979، مع المخرج الكبير جلال الشرقاوي، وشاركه تلميذه الفنان محمد صبحي، في تقديم تجربة مسرحية جديدة، وهي "الجوكر".
اعتمدت المسرحية على تكنيك التنكر، حيث جسد محمد صبحي، أربع شخصيات خلال العرض هي: دكتور حجاب الطبيب النفسى، وعم أيوب الجواهرجي، وعطيات الزوجة الثانية لصاحب المصنع، بالإضافة إلى شخصية زكي الدبور، التي تعتبر الشخصية المحورية في العمل.
لم يلجأ محمد صبحى إلى حيل الماكياج العادية، لكنه اعتمد إلى الأقنعة التي بدت وقتها مشابهة تمامًا لملامح الوجه البشري، واستطاع بموهبته أن يجعل المُشاهد ينسى شخصية صبحي الحقيقية ويندمج تمامًا مع الشخصية صاحبة القناع.
رفض جلال الشرقاوي، أن يقدم العرض المسرحي إلا بعد حصول محمد صبحي، على نسخة أخرى من الأقنعة التي يظهر بها في المسرحية خشية أن يتعطل العرض نتيجة فقد أو تمزق أحدها، وسافر صبحي إلى باريس لشراء نسخة أخرى من الأقنعة وعاد بعد 48 ساعة، وتكلفت الأقنعة 40 ألف فرنك، وتميزت المسرحية باستخدام الأقنعة التي لم تكن تستخدم في ذلك الوقت.
بلغت تكاليف المسرحية 100 ألف جنيه بجانب بوليصة التأمين على حياة محمد صبحي، والتي وقيمتها 100 ألف جنيه أيضًا، وبدأت سريانها من 8 نوفمبر 1978 موعد افتتاح المسرحية، ونص أحد بنودها على أن شركة التأمين غير مسئولة عن صبحي إلا خلال عرض المسرحية فقط، كما خصصت الشركة ميكانيكا لفحص السيارة التي يظهر بها صبحي على مسرح كل ليلة.
غالبية الشخصيات التي جسدها محمد صبحي، في أحداث المسرحية كانت لشخصيات حقيقية، أشهرها "عم أيوب"، استوحاها من شخصية زوج عمته.
لعبت الفنانة هناء الشوربجي، شخصية وفاء، التي كانت المرشحة الأولى لها الفنانة ماجدة الخطيب، وشاركت بالفعل واستمرت فى عرضها ثلاث سنوات. وعندما جاء وقت تصويرها لعرضها تليفزيونيًا، اعتذرت ماجدة لسفرها إلى الخارج فى رحلة علاج, فاستعان جلال الشرقاوى هناء لتقوم بدور البطولة، وحققت نجاحًا كبيرًا.
وشخصية "شوكت" التي قدمها الفنان محمود القلعاوي، لم يكن أيضًا المرشح الأول لها الدور، وكان الفنان أسامة عباس، هو الذي كان سيلعب الشخصية، ولكن نظرا لاختلاف وجهات النظر اعتذر عن الدور ليحل محله القلعاوي.
قام بدور شوكت فى البروفة هو المخرج جلال الشرقاوى لسد الفراغ، وكعادة المسرحيين المخضرمين اتصل القلعاوى بأسامة عباس، الذي أكد له عدم مشاركته بالمسرحية، وتمنى له التوفيق.
وقال محمود القلعاوي، في أحد التصريحات: "انتظرت 3 أيام في الصالة أشاهد المسرحية أراقب جلال الشرقاوي، وهو يقوم بالدور، وفي اليوم الرابع أخذت ملابسي وذهبت لأقوم بالدور، وجلال الشرقاوي قال لى: هتشتغل إزاي.. إنت معملتش ولا بروفة فقلت له لا تقلق سيبني وأنا حاتصرف، وبالفعل قمت بالدور بدون بروفة".
جاء قدره مع شخصية عم أيوب التي كان يجسدها محمد صبحي، من وراء القناع يقول القلعاوي إنه في إحدى ليالى العرض، ومع دخول عم أيوب فوجئ بصبحي يوجه إليه سيلا من "الإفيهات" اللاذعة غير المتفق عليها مسبقا، والتي أشعلت الضحك بين الجماهير، وكان صبحي قد أعد هذه الإفيهات بالتعاون مع لينين الرملي، مما أصاب القلعاوي بعصبية شديدة جعلت الموقف أكثر كوميدية.
وزاد الأمر سخونة حينما سقط محمد صبحي على الأرض و لم ينهض لاستكمال حواره مما أصاب القلعاوي بارتباك شديد حيث وجد نفسه وحيدًا على المسرح. وقد ظن أن صبحي فقد وعيه فلم يجد مفرًا من مواجهة الجمهور وحده.
وهداه تفكيره للسخرية من جميع الإفيهات التي ألقاها صبحي، وهو لا يعلم إلى أين سينتهى المشهد، إلا أن صالة العرض كانت تشهد حالة من الضحك الهستيرى، ثم لاحظ القلعاوي أن جسد صبحي يهتز من الضحك، فأدرك أن المسالة كانت مجرد مقلب منه ليتحول هذا المشهد بعد ذلك إلى أهم مشاهد المسرحية.
كان يُغيِر الفنان محمد صبحي من زكي الدبور إلى عم أيوب في 40 ثانية بمساعدة 6 أشخاص حتى يُصبح جاهزاً لآداء شخصية عم أيوب.
كواليس مسرحية الجوكركواليس مسرحية الجوكر
وأثناء الكواليس التقطت عدسة مجلة الكواكب عام 1980، صورة جمعت بين محمد صبحي، والفنانة شريهان، التي كانت وجه صاعد وقتها، ونشرت فى العدد 1519، بعدما علم صبحي بترشيحها لمسرحية "سك على بناتك" مع الفنان الكبير فؤاد المهندس، وكانت نقطة انطلاقها في مسيرتها الفنية وتظهر في الصورة تتحدث مع صبحى حول مشاريعها وأحلامها في النجومية الأمر الذي يبدو أنه اعجب صبحي كثيرًا ليؤكد لها على اقتراب عملهما سويًا في عمل مشترك بعد انتهائه من عرض الجوكر.
وبالفعل اشترك الثنائي في مسرحية "إنت حر" التي عرضت فى عام 1981 بعد انتهاء صبحي من الجوكر، ونجاح شريهان في مسرحية "سك على بناتك".
كواليس مسرحية الجوكر