عقب الجهود التي بذلتها مصر لإنجاح مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP27) بشرم الشيخ الشهر الماضي، تواصل مصر هذه المسيرة مع بدء العد التنازلي لقمة الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، التي ستعقد تحت عنوان (COP15) في الفترة من 7 إلى 19 ديسمبر الحالي في مونتريال بكندا، بهدف معالجة التهديدات غير المسبوقة للتنوع البيولوجي، والتركيز على القضايا ذات الأهمية لصحة الكوكب، مثل مكافحة التلوث وحماية النظم البيئية ومنع الانقراض الجماعي.
نرشح لك: محافظ دمياط تتابع الأعمال النهائية بمشروع إنشاء كوبرى بمدخل مدينة كفر البطيخ
ويأتي استضافة كندا لمؤتمر اتفاقية التنوع البيولوجي (COP15) في وقت حرج للعالم لا يحتمل تأخير في إصدار خارطة عمل التنوع البيولوجي لما بعد 2020، وهو الأمر الذي أكدته وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد خاصة مع الجهود الحثيثة التي بذلتها مصر في إعداد مسودتها خلال رئاستها لمؤتمر التنوع البيولوجي السابق (COP14)، وما بذلته من جهود خلال مؤتمر المناخ لحماية التنوع البيولوجي من آثار التغيرات المناخية، من خلال إطلاق المبادرة المصرية لدعم الحلول القائمة على الطبيعية.
وكانت مصر قد ترأست أطول فترة في تاريخ اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي امتدت لنحو 3 سنوات، إذ أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر عملت بجهد دؤوب، منذ مؤتمر الأطراف (COP-14) في شرم الشيخ عام 2018، على إطلاق مرحلة جديدة للعمل الجماعي، لصياغة إطار عالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020، ووضع أهداف قابلة للتحقيق، مدعومة بآليات واضحة للتنفيذ.
وتحرص مصر على لعب دور فعال في مؤتمر التنوع البيولوجي (COP15)، باعتبارها الرئيس السابق لمؤتمر التنوع البيولوجي (COP14)، والتي كانت تحديا حقيقيا في ظل تداعيات جائحة كورونا، والحاجة لتنظيم العمل للخروج بمسودة إطار عمل خارطة طريق التنوع البيولوجي لما بعد 2020، لذلك ستعمل مصر على استكمال مهمتها بدفع العمل متعدد الأطراف للخروج بهذا الإطار.
وفي هذا الصدد، حرصت الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ (COP27) على تخصيص يوم للتنوع البيولوجي ضمن الأيام الموضوعية للمؤتمر، كمفتاح للربط بين تغير المناخ والتنوع البيولوجي من مؤتمر المناخ (COP27) إلى مؤتمر التنوع البيولوجي (COP15)، وبالشراكة مع عدد من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا ومالوي وباكستان، أطلقت مصر مبادرة الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تغير المناخ، والتي تهدف إلى تأمين ما يصل إلى 2.4 مليار هكتار من النظم البيئية الطبيعية الصحية، من خلال الاستعادة والحماية والإدارة المستدامة، وتعزيز الحماية والمرونة لحوالي مليار شخص معرض لآثار تغير المناخ باستخدام الحلول القائمة على الطبيعة، وتم مناقشة إمكانية تنفيذ اجتماع لفريق من 16 دولة؛ لبحث سبل دفع أجندة الربط بين تغير المناخ والتنوع البيولوجي بالحلول القائمة على الطبيعة.
كما تضمن يوم التنوع البيولوجي عرض العديد من الأمثلة للحلول الفعالة التي تفيد الطبيعة والناس والمناخ في مصر والعالم، مثل مشروعات حماية السواحل في مصر، ومبادرة السور الأخضر العظيم في إفريقيا، وخطط وطنية مثل خطة العمل الفيدرالية الألمانية بشأن الحلول القائمة على الطبيعة للمناخ والتنوع البيولوجي، وخارطة الطريق الأمريكية للحلول القائمة على الطبيعة لمكافحة تغير المناخ، حيث خصصت الولايات المتحدة الأمريكية 25 مليار دولار للحلول القائمة على الطبيعة لاستثمارات التنمية، ونجح يوم التنوع البيولوجي بمشاركة مختلف الشركاء والشباب والأطفال والمرأة في وضع قضية صون التنوع البيولوجي في قلب مناقشات المناخ.
وقامت مصر كذلك بمؤتمر الـ (COP27) بالدعوة مجددا للربط بين الاتفاقيات الثلاثة لريو (التنوع البيولوجي وتغير المناخ والتصحر)، والتي بدأتها في 2018، وستجدد الدعوة مرة أخرى في مؤتمر التنوع البيولوجي (COP15).
وأعربت وزيرة البيئة، في هذا الصدد، عن تطلعها أن يتم بمؤتمر التنوع البيولوجي (COP15)، بعد غد، تحقيق الأمل باعتماد إطار عمل خارطة طريق للتنوع البيولوجي لما بعد 2020، لوقف فقدان التنوع البيولوجي، والهدف الرئيسي "30 × 30" وهو حماية 30% على الأقل من المناطق البرية والبحرية عالميًا بحلول عام 2030، مشيرة إلى أنه في مؤتمر التنوع البيولوجي (COP15) سيكون المناخ في قلب مناقشات التنوع البيولوجي، سنكون قادرين على الوصول لهدف 1.5 درجة مئوية احترار، وهدف التكيف، والهدف الإيجابي للطبيعة معا؛ لأن معا للتنفيذ سنمضي من (COP27) إلى (COP15).
وفيما يتعلق بالإطار العالمي الجديد للتنوع البيولوجي حتى 2030، فتتضمن المسودة الأولى لهذا الإطار21 هدفاً، تشمل حفظ ما لا يقل عن 30% من المناطق البرية والبحرية العالمية، بخاصةً المناطق ذات الأهمية للتنوع البيولوجي وإسهاماته للبشر، من خلال أنظمة فعالة وعادلة وموثوقة، وتخفيض أكبر بنسبة 50% في معدل إدخال الأنواع الغازية، ووضع ضوابط أو القضاء على هذه الأنواع، وتقليل المغذيات المفقودة في البيئة بمقدار النصف على الأقل، ومبيدات الآفات بنسبة الثلثين، والقضاء على تصريف النفايات البلاستيكية.
كما يدعو الإطار العالمي الجديد إلى دعم المساهمات المستندة إلى الطبيعة، في جهود التخفيف من آثار تغير المناخ العالمي، بما لا يقل عن 10 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وأن تتجنب جميع جهود التخفيف والتكيف الآثار السلبية على التنوع البيولوجي، فضلاً عن زيادة بقيمة 200 مليار دولار في التدفقات المالية الدولية من جميع المصادر، إلى البلدان النامية، وإعادة توجيه الحوافز الضارة بالتنوع البيولوجي بما لا يقل عن 500 مليار دولار في السنة.
وكان من المفترض عقد مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي (COP-15) في كونمينج بالصين عام 2020، ولكن تم تأجيلها بسبب جائحة كورونا، وتم تقسيم المؤتمر لاحقاً إلى جزءين، عُقد الأول بنجاح في كونمينج، خلال شهر أكتوبر 2021، حيث قدم الرئيس الصيني شي جين بينج، وقادة 8 دول، بينهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، مداخلات عبر الإنترنت، لتعزيز التزامهم بمعالجة أزمة التنوع البيولوجي.
وتضمن الجزء الأول من مؤتمر الأطراف إعلان الرئيس الصيني أن بلاده ستستثمر 1.5 مليار يوان، نحو 230 مليون دولار، لإنشاء صندوق كونمينج للتنوع البيولوجي، مما يوفر زخماً سياسياً قوياً لإدارة التنوع البيولوجي العالمية، وأساساً متيناً للجزء الثاني من الدورة الـ15 لمؤتمر الأطراف (COP-15 part 2) في كندا، والتي ستعقد بعد غد بمونتريال بكندا، برئاسة الصين.