غالبًا ما يظهر الإبداع في أوقات الأزمات الصعبة التي تحفز على فعل كل ما هو جديد وخارج الصندوق، وهذا ما حدث بالفعل وقت انتشار جائحة الكورونا التي قفزت بتكنولوجيا وخدمات الرعاية الصحية إلى الصدارة.
أخذ مجال الرعاية الصحية منحى آخر تمامًا بدءًا من مساعدة الأطباء على التعامل والتواصل مع مرضاهم وتقليل المخاطر الكامنة وراء التواصل بشكل شخصي، وانتهاءًا بالانتظار في طوابير أمام عيادات الأطباء.
وللآن ومع اقترابنا من العامين على ظهور جائحة الكورونا، أصبح بإمكاننا القول أن رقمنة مجال الرعاية الصحية يتسارع بوتيرة غير مسبوقة.
وفي الوقت الذي كان لا بد من حدوث هذا التحول الرقمي، دفع الوباء إلى مضاعفة تلك السرعة، مما وضع مؤسسات الرعاية الصحية أمام خيارين، إما التكيّف بسرعة أو التخلف عن الركب.
تلعب مسارات تكنولوجيا الرعاية الصحية الناشئة دورًا حاسمًا بشكل خاص في التخفيف من مشكلة مُلحة وهي نقص العمالة، خاصةً أن ما زاد من حدّة هذه المشكلة هو الوباء نفسه، وهذا ما دفع بزيادة الطلب على تكنولوجيا الرعاية الصحية والذي سيتجاوز العرض بحلول عام 2025.
يسلّط مقالنا اليوم الضوء على أهم وأحدث التطورات في مجال الرعاية الصحية، وكيف يمكن لرقمنة هذا المجال من إحداث تغيير مهول على صعيد تقليل انتشار الأمراض والمخاطر والحفاظ على أسلوب حياة آمن وصحي.
1- الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية
تُحدث تقنية الذكاء الاصطناعي ثورة في كل مجال تطأه، ومن المؤكد أن مجال الرعاية الصحية ليس استثناءً. ففي عام 2022، من المتوقع أن يستمر تأثيرها في النمو، إذ يتبنى المزيد من المؤسسات الصحية والأطباء تقنية الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من المجالات لتحسين رحلة المريض وتحقيق نتائج صحية أفضل.
في عام 2021، بلغت القيمة السوقية للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية 10.4 مليار دولار أمريكي، وهو رقم من المتوقع أن يتوسع بمعدل نمو سنوي مركب قدره 38.4٪ بين عامي 2022-2030. وعلى الرغم من تكلفته الفلكية، لا يزال هناك مجال للنمو عندما يتعلق الأمر بتبني هذه التقنية.
وفقًا لتقرير مستقبل الرعاية الصحية الذي نشره مجتمع نظم المعلومات وإدارة الرعاية الصحية 2022، لم يبدأ 62٪ من الأطباء العمل باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، لكنهم مهتمون بالقيام بذلك ضمن مجموعة متنوعة من التطبيقات، إذ أفاد 80٪ من الأطباء أنهم يتوقعون استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف السريري، و73٪ يتوقعون استخدام الذكاء الاصطناعي في المهام الإدارية للمؤسسات الصحية، مثل المشافي والعيادات.
ومع ارتفاع معدلات الإجهاد والإرهاق في الرعاية الصحية، فإن بذل المحترفين وقتًا وطاقة لا داعي لها في المهام الروتينية يؤدي فقط إلى تفاقم المشكلة، في حين يمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية أن تساعد في تخفيف هذه الأعباء عن طريق أتمتة مثل هذه المهام، وتحرير مقدمي الرعاية الصحية للتركيز على تقديم أفضل رعاية وخدمات المتميزة.
2- دور الذكاء الاصطناعي في مكافحة الأوبئة
ليس هناك من ينكر أن وباء الكورونا على سبيل الماثل كان له تأثير هائل على حياتنا اليومية، لكن بدون أن تلعب تقنية الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في اكتشاف الفيروسات والوقاية منها وتطوير اللقاحات، كان من الممكن أن تكون الأمور أسوأ بكثير.
ويمكننا القول أن تقنية الذكاء الاصطناعي مفيدة في تحليل بيانات درجة حرارة التجمهر لمجموعة من الأشخاص في مكان واحد لتحديد الأفراد الذين يعانون من أعراض المرض.
ناهيكَ عن أن التطورات في تقنيات التعرف على الوجه المدعومة بالذكاء الاصطناعي قادرة على تحديد الأفراد حتى لو كانوا يرتدون أقنعة للوجه، ويمكنها أيضًا اكتشاف ما إذا كان الشخص يرتدي قناعًا في المناطق التي يكون فيها القناع إلزاميًا أم لا.
ما هي أهم استخدامات الذكاء الاصطناعي في مواجهة الأوبئة؟
تطوير لقاحات الكورونا في وقت قياسي، ويعود جزء كبير من هذه السرعة إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتطورة.
اعتماد الباحثون على استخدام التعلم الآلي للمساعدة في تحديد شظايا البروتين وإنتاج لقاحات قابلة للحياة في فترة زمنية أقصر بكثير من أي وقت مضى.
تطبيق الذكاء الاصطناعي في تحليل فحوصات الرئة للمرضى الذين أصيبوا بالكورونا ومساعدة مقدمي الرعاية الصحية بشكل أفضل على فهم آثار الإصابة بالفيروس وتقديم علاجات فعالة.
3- تحسين الصحة العقلية باستخدام الذكاء الاصطناعي
إلى جانب الصحة الجسدية، فإن تقنية الذكاء الاصطناعي تترك بصماتها في مجال الصحة العقلية أيضًا، لاسيما في فترة الوباء الذي دمّر الرفاهية النفسية للأفراد.
مثال: وفقًا لبيانات مؤسسة كايزر، بلّغ أكثر من 30٪ من البالغين الأمريكيين عن إصابتهم بأعراض القلق والاكتئاب، وأقل منهم بـ 10٪ عانوا من هذه الأعراض في عام 2019.
يستخدم الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وتستخدم جامعة هارفارد التعلم الآلي لتتبع اتجاهات الصحة العقلية ومدى صلتها بجائحة الكورونا.
لذا قام مجموعة باحثين في الجامعة بتطبيق نموذج ذكاء اصطناعي في تحليل أكثر من 800000 منشور تم نشره على موقع ريديت الشهير، وتحديد التغييرات في لهجة ومحتوى اللغة التي استخدمها الناس مع تقدم الموجة الأولى من الوباء، بين شهري يناير وأبريل من عام 2020.
وكانت النتيجة أن هذا التحليل قد كشف عن تغييرات في آراء الناس حول الصحة العقلية، بما في ذلك زيادة استخدام ألفاظ ومصطلحات في النقاش تعبّر عن القلق والانتحار.
وبعيدًا عن مساعدة الباحثين على فهم الآثار النفسية العميقة للوباء بشكل أفضل، تساعد تقنية الذكاء الاصطناعي أيضًا الأطباء على تحديد وجود مرض عقلي في وقت مبكر ووضع خطط علاج فعالة، وذلك من خلال تصنيف تشخيصات المرضى إلى مجموعات فرعية مختلفة من الحالات لمساعدة أخصائيي الصحة العقلية على تخصيص الرعاية التي يقدمونها تخصيصًا فرديًا وليس جماعيًا.
ملاحظة: يمكن للمعالجين وباستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي التدقيق في كميات كبيرة من البيانات لدراسة تاريخ العائلة، وما إن كان المرض ورائيًا أو بسبب بعض الضغوط، والاستجابات للعلاجات السابقة لاتخاذ قرارات صحيحة في العلاج.
4- الذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة الطبيعية
يستخدم الذكاء الاصطناعي الأتمتة المتقدمة ومعالجة اللغة الطبيعية لجعل الآلات قادرة على فهم اللغة البشرية والاستجابة لها عبر الصوت أو النص.
ولنقرّب الفكرة لك أكثر، يمكنك تخيّل أن العقل الموجود خلف نافذة الدردشة يحاكي العقل البشري، لا بل يتفوّق عليه، ولديه المرونة وقوة المعالجة والقدرة الكافية على التعلم للمشاركة في محادثة معقدة.
يمكن لمنصات الذكاء الاصطناعي المتقدمة المخصصة بإجراء المحادثات استيعاب البيانات بسلاسة من مؤسسات الرعاية الصحية والمرضى ومصادر أخرى مختلفة لتتقدم في الخدمات التي تقدمها.
بالمقابل، فإن روبوتات المحادثة التقليدية لها نطاق ضيق وتعتمد على التدفقات الصارمة القائمة على النية وتفتقر للمرونة لأنها تحفظ جملًا وردودً معينة فقط وغير قادرة على الدخول في محادثات معقدة نهائيًا، مما يتسبب في تعثرها عندما يُطرح عليها سؤال ليس لديهم إجابة عنه، أو إذا تمت صياغة السؤال بشكل مختلف قليلاً عما تم تدريبهم عليه.
يمكن أيضًا أن تستخدم حلول الذكاء الاصطناعي في المحادثات المعقدة اللغة بنفس الطريقة التي يستخدمها البشر، مع فهم السياق المحدد، والفروق الدقيقة، واختلاف اللهجات.
المزيد والمزيد من مؤسسات الرعاية الصحية تستثمر في منصات الذكاء الاصطناعي للمحادثة والتي تعد بتعزيز تجربة المريض وتبسيط الكفاءة التنظيمية.
ما هي استخدامات الذكاء الاصطناعي في تحسين خدمات الرعاية الصحية؟
جدولة المواعيد:
قد يكون الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية محدودًا في حال كانت الطريقة الوحيدة لحجز موعد هي من خلال مكالمة هاتفية، وقد يعاني بعض المرضى من ارتباك في جدولة موعد مع طبيب بسبب فرق اللغة أو القلق الاجتماعي أو عوامل أخرى.
يحل الذكاء الاصطناعي للمحادثة هذه المشكلة عن طريق تسهيل العثور على مزوّد وحجز موعد عبر الإنترنت من خلال كتابة نص وإرساله أو تسجيل صوت.
تذكير بالمواعيد:
يوجد مساعد يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي ويُصدر تذكيرات للمرضى مباشرةً من خلال الرسائل القصيرة أو عبر القنوات الاجتماعية، ويفيد استخدامه في تقليل عدد المرضى الذين قد يتخلّفون عن حضور الموعد.
الوصفات الطبية الإلكترونية:
يمكن للمرضى استخدام روبوت محادثة متقدم لطلب إعادة ملء أو إعادة مصادقة وصفة طبية.
التواصل مع المتخصصين في الرعاية الصحية:
يمثل عدم وجود فرصة للتحدث مع المتخصصين في الرعاية الصحية عائقًا كبيرًا أمام الحصول على رعاية صحية مثالية. لذا يسمح الذكاء الاصطناعي للمحادثة بطرح المرضى الأسئلة الهامة التي يمكن للأطباء الرد عليها إلكترونيًا أو تحديدها لمناقشتها في الموعد التالي.
توزيع معلومات الصحة العامة:
تساعد منصة الذكاء الاصطناعي للمحادثة على ضمان صحة المجتمعات وسلامتها من خلال توفير وصول سريع وسهل إلى المعلومات الرئيسية من مصادر موثوقة تم التحقق منها، مما يزيل ضغوطًا كبيرة على المتخصصين في الرعاية الصحية الذين يمكنهم التركيز على أنشطة أكثر أهمية.
5- الرعاية الصحية عن بعد
على الرغم من أن الوباء اقترب من نهايته، فإن العديد من التغييرات التي سببها في مجال الرعاية موجودة لا تزال مُعتمدة حتى الآن وستبقى إلى الأبد، بل ستتطور أكثر!
وعلى رأس تلك التغييرات تقديم الرعاية الصحية عن بعد عن طريق مكالمات الفيديو، إذ ارتفع استخدام الرعاية الافتراضية في العام الماضي ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه حتى نهاية عام 2022 وما بعده، إذ أفاد ما يُقارب 64٪ من مقدمي الرعاية الصحية إنهم يستثمرون حاليًا في مكالمات الفيديو.
أما بالسنبة للمريض، فيبدو أن الشهية للخدمات الصحية الرقمية باتت أقوى من أي وقت مضى. ووفقًا لتقرير مستقبل الرعاية الصحية الذي نشره مجتمع نظم المعلومات وإدارة الرعاية الصحية لعام 2022، حيث أشار أكثر من نصف المرضى الذين شملهم الاستطلاع أنهم سيعتمدون على خدمات الرعاية الصحية عن بُعد.
وعلى إثر هذا التقبّل الرهيب والذي سيزيد مع مرور الزمن خاصةً وأن معظم زيارات المراكز الصحية ستكون افتراضية بحلول عام 2025 إن لم تكن كلها، أشار من هم أصغر سنًا والتي وصلت نسبتهم إلى 52٪ ممن شملهم الاستطلاع بأنهم "إلى حد ما" أو "مؤيدون بشدة" لهذا النوع من الخدمات.
ملاحظة: يجب على مقدمي الرعاية الصحية التأكد من امتثالهم لقانون إخضاع التأمين الصحي لقابلية النقل والمحاسبة، كما من الضروري لمؤسسات الرعاية الصحية إجراء تقييم شامل للتطبيقات التي يستخدمونها للتواصل مع مرضاهم عن بُعد والتأكد من استيفائهم للمعايير التنظيمية.
6- المداواة الرقمية
العلاجات الرقمية هي أجهزة تقدم تدخلات علاجية وطبية قائمة على الأدلة من خلال برامج مثل تطبيقات الهواتف المحمولة، لاستبدال أو استكمال العلاج الحالي لمرض ما.
وهي تختلف عن سوق الصحة الرقمية الأوسع لأنها تخضع لموافقة الهيئات التنظيمية، ويجب أن تعرض إثباتًا قابلاً للتطبيق. ومن المتوقع أن تبلغ القيمة السوقية لهذا النوع من التحول الرقمي في المجال الصحي حوالي 56 مليار دولار بحلول عام 2025.
يستفيد بائعو هذه التطبيقات حاليًا من تقنياتهم لعلاج الحالات المزمنة والسلوكية، والتي تشكل الجزء الأكبر من الإنفاق على الرعاية الصحية في أماكن معينة، منها الولايات المتحدة الأمريكية.
7- مراقبة المريض عن بعد
يتجه مقدمو الرعاية الصحية بشكل متزايد إلى أجهزة مراقبة المرضى عن بُعد كوسيلة لاستكمال تقديم الرعاية عن بُعد، وهو اتجاه وُجد ليبقى على المدى الطويل.
يزود الأطباء المرضى بأجهزة يمكن ارتداؤها تقيس البيانات الصحية الهامة، وتذكير المرضى بتناول أدويتهم، وإرسال البيانات ذات الصلة للمراقبة وذلك لضمان مراقبة المريض بدون توقف والمساعدة في علاج الأمراض المعقدة.
تساعد الأجهزة القابلة للارتداء مؤسسات الرعاية الصحية على تقليل الضغط على الموارد الشحيحة من خلال تقليل الوقت والتكاليف مع تقديم رعاية متميزة.
في حين أن هذا الاتجاه هو خطوة إيجابية أخرى إلى الأمام، لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه. وفقًا للبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، لا يزال نصف العالم يفتقر إلى الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، وبدون اتخاذ إجراءات جذرية، يُقدر أن 5 مليارات شخص لن يتمكنوا من الوصول إلى موارد الرعاية الصحية بحلول عام 2030.
هذا التنبؤ المثير للقلق يوضح مدى احتياج مؤسسات الرعاية الصحية إلى الاستمرار في تطوير تقنيات صحية رقمية مبتكرة تعمل على تحسين الوصول إلى رعاية صحية جيدة للجميع.
8- تحسين تحصيل المدفوعات في الرعاية الصحية
ظل مشهد الفواتير الطبية مستقرًا نسبيًا قبل انتشار الوباء، إلا أن الفوضى الناجمة عن فيروس كورونا سرّعت التحول الرقمي في مجال الرعاية الصحية بشكل كبير، مما أدى إلى تطورات جديدة وتحولات نموذجية في جميع المجالات.
أبرز الوباء أيضًا الحاجة إلى تحسين إدارة المهام الإدارية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالفواتير ومعالجة المطالبات وصرف الوصفات الطبية وغيرها من الأمور الروتينية التي تحتاج إلى إدارة أذكى من ذلك.
ومن أهم المسارات الرقمية التي تُستخدم في الفواتير الطبية في عام 2022:
الذكاء الاصطناعي:
يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل في العديد من حلول الفوترة ومن المتوقع أن يستمر نطاقه في التوسع، وذلك بفضل قدرته تخفيف ارتكاب الأخطاء البشرية، وتقليل الوقت الذي يستغرقه العمل اليدوي، وتحليل بيانات المرضى.
دمج السجلات الصحية الإلكترونية في عملية الفوترة:
مع استمرار تحسن أنظمة الفوترة الطبية، يوفر دمج السجلات الصحية الإلكترونية الوقت عند إدخال البيانات، وتبسيط الوصول إلى السجلات الطبية، وتقديم تدفق سلس للبيانات.
حلول برمجية:
يوفر هذا النموذج العديد من المزايا لأنظمة الرعاية الصحية، حيث أن بائعي برمجيات الرعاية الصحية مسؤولون عن البنية التحتية والصيانة والتحديثات. وهذا يعني أن مؤسسات الرعاية الصحية يمكنها تقليل التكاليف، وزيادة أمان البيانات، وضمان الوصول دون انقطاع إلى الخدمات.
التحديات الشائعة في مجال الرعاية الصحية، مثل انخفاض كفاءة الموظفين، وعدم سداد المدفوعات في الوقت المحدد، ونقص برامج الفوترة المناسبة، كلها مشكلات يمكن معالجتها بالحلول البرمجية المناسبة التي تقدمها لك شركات البرمجة.
مثلًا يمكن لأنظمة الوصفة الإلكترونية المتكاملة أن تزود العاملين في مجال الرعاية الصحية بتفاصيل عن التغطية التأمينية للتأكد من أن المرضى لا يتناولون سوى الأدوية التي تغطيها خطط التأمين الخاصة بهم.
ملاحظة: يتم التحقق تلقائيًا من جميع الأعمال الورقية، بما في ذلك التغطية التأمينية، لذلك كل ما على المريض فعله هو استلام الوصفة الطبية أو تسليمها إلى مكان إقامته.
9- الواقع الافتراضي والواقع المعزز
عندما ننظر إلى الوراء في هذا الوقت بالذات من التاريخ، سنتذكر بلا شك كيف عصفت الكورونا في العالم، لكن يبدو أن تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي ستُحدث ضجيجًا مشابهًا لضجيج الكورونا، إلا أنه ضجيج مسالم ومفيد.
وإذا صدقت تصريحات مارك زوكربيرج، فإن غزوتنا الافتراضية للماضي قد تكون تجربة غامرة تمامًا بفضل تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
ما هو الفرق بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز؟
وفقًا لبحث أجرته شركة ديلويت، فإن 90% من الشركات التي تتراوح إيراداتها السنوية بين 100 مليون دولار ومليار دولار تستفيد الآن من تقنية الواقع المعزز أو الواقع الافتراضي. لكن ومع جذب هذه التقنيات المزيد من الاهتمام، لا بد أن نتوقف لحظة للتفريق بين الاثنين.
يغرق الواقع الافتراضي الأشخاص في التجارب، عادةً من خلال استخدام التكنولوجيا المتطورة مثل سماعات الرأس. بالمقابل، يبدأ الواقع المعزز عادة برؤية حقيقية لجهاز مثل الكاميرا أو الهاتف المحمول، ثم يعرض صورًا واقعية على الشاشة أو جهاز العرض لتعزيز التجربة الواقعية.
وعلى الرغم من أن أغلب استخدامات الواقع المعزز والواقع الافتراضي محصورة في مجال الألعاب، إلأ أن هذه التقنية بدأت تغزو فعلًا باقي المجالات ومن بينها مجال الرعاية الصحية، حيث بدأت المزيد من الصناعات في تبني هذه التقنيات المتطورة.
وفقًا لبحث أجرته ٱي دي سي، بلغت القيمة السوقية لتقنية الواقع المعزز والواقع الافتراضي مجتمعة حوالي 12 مليار دولار في عام 2020، وبمعدل نمو سنوي هائل بنسبة 54٪، من المتوقع أن تصل إلى 72.8 مليار دولار بحلول عام 2024.
ما الفرق بين استخدام الواقع الافتراضي في مجال الرعاية الصحية ومجالات أخرى؟
بدأت تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز في ترك بصمتها في مجال الرعاية الصحية، مع مجموعة واسعة من التطبيقات العملية، بما في ذلك العلاجات الطبية المحسنة، ومساعدة الأفراد الذين يعانون من اضطرابات النمو، ومحاكاة العمليات الجراحية لتقليل الأخطاء الطبية.
أثبتت تقنية الواقع الافتراضي أيضًا وفق إحصائيات أنها توفر للعاملين في مجال الرعاية الصحية تدريبًا محسّنًا يؤدي إلى نتائج أفضل، كونها تقلل من احتمالية انخفاض المهارات الطبية بنسبة 52٪، وتحسّن إمكانية الاحتفاظ بنسبة تصل إلى 75٪، مقارنة بـ 10٪ للطرق التقليدية.
كما كشفت دراسة أخرى حول تأثير تدريب الواقع الافتراضي في مجال الرعاية الصحية على الطلاب الذين تلقوا تدريبهم بالاعتماد على الواقع الافتراضي أنهم كانوا قادرين على إكمال الإجراءات الطبية بنسبة 20٪ أسرع من المجموعة التي تلقت تدريبًا تقليديًا فقط، كما أكملت المجموعة المدربة على الواقع الافتراضي 38٪ من الخطوات بشكل صحيح بشكل أسرع من المجموعة المدربة تقليديًا.
يمثل علاج القلق والرهاب استخدامًا عمليًا آخر لتقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز مثل العلاج بالتعرّض، حيث يمكن لأخصائيي الرعاية الصحية استخدام هذه الأدوات لمحاكاة سيناريوهات الحياة الواقعية حيث يشعر المرضى المصابين ببعض أنواع الفوبيا بالتحديات النفسية، مثل الخوف من الحشرات، والخوف من الأماكن الضيقة، والقلق الاجتماعي.
وقد أثبت هذا النوع من العلاج فعاليته العالية، حيث أفاد استخدام تقنية الواقع الافتراضي في جامعة أكسفورد عن انخفاض بنسبة 68٪ في المخاوف والرهاب بعد انتهاء جلسة علاج واحدة متوسط مدتها لم يتخطى الساعتين.
10- إنترنت الأشياء في الرعاية الصحية
إنترنت الأشياء الطبية هو عبارة عن بنية تحتية متصلة بأنظمة وخدمات الرعاية الصحية، تهدف إلى توفير رعاية فعالة عن بُعد بفضل التكنولوجيا المبتكرة وتكامل البيانات.
على الرغم من وجود بعض التداخل بين إنترنت الأشياء ومراقبة المريض عن بُعد، إلا أن إنترنت الأشياء هو مصطلح واسع يشمل جميع أنواع التقنيات، بينما تشير مراقبة المريض عن بُعد إلى الأجهزة التي تساعد في جمع البيانات، ومراقبتها، ومعالجتها، لتحسين نتائج المرضى.
كانت قيمة الحلول الطبية الرقمية معروضة بالكامل طوال الفترة الواقعة بين عامي 2020-2021 بنسبة كبيرة في المؤسسات الصحية حول العالم، ومن الآمن أن نقول إن هذا الاتجاه التصاعدي سيستمر في عام 2022 والأعوام التي تليه، حيث من المتوقع أن ينمو سوق إنترنت الأشياء العالمي لتصل قيمته السوقية إلى 254.2 مليار دولار بحلول عام 2026.
تعتبر الأجهزة المعتمدة على تقنية إنترنت الأشياء ذات قيمة عالية في توفير رعاية عالية الجودة، من خلال توفير خيارات للرعاية الصحية في المناطق النائية التي لا يوجد بها مستشفيات بدوام كامل، وإعطاء خيار الوصول إلى الرعاية من المنزل، وهو أمر بالغ الأهمية بشكل خاص للأفراد ذوي القدرة المحدودة على الحركة أو تلك الموجودة في المجتمعات التي تتسم بالانغلاق أو الانعزال.
في ختام مقالنا نودّ التنويه إلى أننا لا نزال في بداية الطريق مع الحلول الرقمية التي توصلت إليها أعظم شركات البرمجة حول العالم، إذ لا يزال في جعبتها الكثير من الحلول التي يمكن أن تكون أكثر دقة وتخصص، والهدف الوحيد هو توفير بيئة آمنة وصحية على كوكب الأرض.