تحل اليوم ذكرى وفاة عميد المسرح العربي الفنان يوسف وهبي, ولد يوسُفُ عبد الله هديب وهبي قطب الشهير باسم يوسف وهبي في17 يوليو عام 1898 في مدينة الفيوم على شاطئ بحر يوسف وسُمي تيمناً باسمه, وكان والده (عبد الله باشا وهبي) يعمل مفتشًا للري بالفيوم، وكان يقطن منزلاً يقع على شاطئ بحر يوسف (بجوار شارع بحر ترسا الآن).
بدأ تعليمه في كُتَّاب العسيلي بمدينة الفيوم، وكان أعلى مسجد العسيلي قبل تجديده بشارع الحرية أمام "كوبري الشيخ سالم" بمدينة الفيوم، وتلقى يوسف وهبي تعليمه بالمدرسة السعيدية بالجيزة ثم بالمدرسة الزراعية بمشتهر، ولا يزال تراث والده موجودًا في الفيوم إذ أنه هو الذي قام بحفر (ترعة عبد الله وهبى) بالفيوم، والتي حوّلت آلاف الأفدنة من الأراضي الصحراوية إلى أراضي زراعية, كما أنشأ المسجد المعروف باسم (مسجد عبد الله بك) المطل على كوبري مرزبان بمدينة الفيوم, والذي كان يعتبر أكبر مسجد بالفيوم حتى وقت قريب, عمل يوسف مصارعًا في (سيرك الحاج سليمان) حيث تدرب على يد بطل الشرق في المصارعة آنذاك المصارع عبد الحليم المصري.
كان والده يريده أن يصبح فلاحا مثله، ولكن عشقه للتمثيل دفعه بعيدا تماما عن هذا الطريق، ووسط دهشة عائلته كلها التحق بالسيرك للعمل كمصارع، وهكذا انتقل من أعلى طبقة في المجتمع إلى أدنى طبقة وهي طبقة "المشخصاتية" التي لم يكن معترف بشهادتها أمام محاكم الدولة في ذلك الوقت.
وكرد فعل طبيعي "للعار" الذي لحق بسمعة عائلته من جراء فعلته قام والدة بطرده من بيت العائلة، وألحقه بالمدرسة الزراعية في محاولة منه "لإصلاحه وتهذيبه".
لم يستجب يوسف وهبي وهرب إلى إيطاليا لتعلم المسرح ولكي يهرب من ملاحقة عائلته قام بتغيير اسمه إلى "رمسيس"، ولم يعد إلى مصر إلا بعد أن وصله خبر وفاة والده الباشا الذي توفي وترك له ولأخوته ثروة كبيرة.
بعد أن تسلم هذه النقود قام يوسف وهبي بإنشاء فرقة مسرحية خاصة وأطلق عليها فرقة رمسيس، وقرر أن يقدم بها شيئا مختلفا عن مايقدمه مشاهير المسرح في ذلك الوقت (علي الكسار ونجيب الريحاني) بعد أن قام بدراسة أعمالهم دراسة متأنية، وأطلق علية في تلك الفترة من بداياته لقب "رسول العناية الإلهية" الذي سوف ينهض بفن التمثيل في مصر.
وبعد بداية قوية في المسرح دخل يوسف وهبي إلى السينما متأخرا قليلا وذلك بسبب إعطاءه المسرح الجزء الأكبر من اهتمامه، وبسبب آخر أهم وهو العداء الذي نشأ بينه وبين الصحافة والرأي العام عندما قرر تجسيد شخصية النبي "محمد" على شاشة السينما، وهو ما أثار حفيظة الجمهور والنقاد بل والعاملين بالمجال السينمائي نفسه.
بعد أن هدأت هذه الأزمة بدأ يوسف وهبي في الإعداد مع المخرج محمد كريم لفيلم روائي طويل وهو فيلم "زينب"، على أن يقوم هو بإنتاجه ويقوم محمد كريم بالإخراج. ثم أتفق مع محمد كريم بعد ذلك على صناعة أول فيلم مصري ناطق وهو فيلم "أولاد الذوات" الذي حقق نجاحا ساحقا، فقام يوسف وهبي بكتابة ثاني أفلامه وهو "الدفاع" 1935 واشترك في إخراجه مع نيازي مصطفى، ثم كان الفيلم الثالث "المجد الخالد" 1937 الذي قام فيه بالكتابة والتمثيل والإنتاج والإخراج.
عمل بعد ذلك يوسف وهبي كمؤلف لثلاثة أفلام متتالية "ليلة ممطرة" "ليلى بنت الريف" و"ليلى بنت مدارس" كلها من إخراج توجو مزراحي، وبعد نجاحهم جميعا قام يوسف وهبي بإخراج فيلم "غرام وأنتقام" الذي قام فيه بدور العاشق صغير السن، رغم كونه قد بلغ من العمر حينئذٍ السادسة والأربعين تقريباً.
وقد حصل بسبب إحدى أغاني هذا الفيلم على لقب "بك" لأنها كانت تمجد في ذات العائلة المالكة. حصل يوسف وهبي أيضا على وسام تقدير من مجلس قيادة الثورة ودرجة الدكتوراة الفخرية عن مجمل عطاءه للفن المصري.
في عام 1979 قام يوسف وهبي بتمثيل دور اليهودي العجوز الذي يعشق مصر بعد أن عاش كل حياته بها وذلك في فيلم إسكندرية... ليه؟، وهي المرة الأولى التي يقوم فيها ممثل بأداء شخصية اليهودي بعد ثورة 1952، وقد أظهر في هذه الشخصية إحساس مرهف مدعم بخبرة سنين طويلة من الإبداع والفن
تزوج يوسف وهبي في حياته ثلاث مرَّات ولم يُرزق بأي ابن أو ابنة.
عاش يوسف وهبي مع زوجته عائشة فهمي في قصرها الكبير في الزمالك الذي كان قد بناه أخوها علي، وبعد وفاته اشترته هي كاملًا من ورثته، وبعد طلاقه منها قرر أن يبني قصرًا لنفسه يعيش فيه مع زوجته الجديدة سعيدة منصور فبنى قصرًا عظيمًا في منطقة الهرم عاشا فيه بقية عمرهما.
كان يوسف وهبي من أكثر الفنانين الذين يؤمنون بعالم تحضير الأرواح، بل إنه كان يعالج نفسه بها، وكان مؤمنًا بالأرواح ورسائل العالم الأخر, كما كان يلعب القمار أو «البوكر» ويراهن على سباقات الخيل مما جعله يخسر خسائر فادحه وبددت أمواله في سنواته الأخيرة.
حصل يوسف وهبي علي العديد من الجوائز ومنها : منحه الملك فاروق الأول رتبة البكوية, ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1960., وجائزة الدولة التقديرية العام 1970., كما انتخب نقيبا للممثلين عام 1953 وعمل مستشارا فنيا للمسرح بوزارة الإرشاد, وحاز على جائزة الدولة التقديرية والدكتوراة الفخرية عام1975 من الرئيس الراحل أنور السادات, ومنحه بابا الفاتيكان وسام "الدفاع عن الحقوق الكاثوليكية"، وهو أول مسلم يحصل على هذه الجائزة , ولقب يوسف وهبي بعميد المسرح العربي.
وتوفي يوسف وهبي في 17 أكتوبر عام 1982 بعد دخوله لمستشفى المقاولون العرب اثر اصابته بكسر في عظام الحوض نتيجة سقوطه في الحمام، توفي أثناء العلاج إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة.