اللغز المحير.. ما سر الهوس بالأحجار الكريمة؟

لم يثبتها العلم ولم ينفِها

الجمعة 30 سبتمبر 2022 | 05:57 مساءً
أحجار كريمة
أحجار كريمة
كتب : عاطف صبيح

أيقونة الحضارات وزينة الملوك ورمز الجمال بالقرآن

اكتشاف أول حجر بأستراليا عمره 4.4 مليار عام

طاقاتها وراء ربط الأبراج والطلاسم بها

سُمِّيت الكهرباء نسبة للكهرمان.. واليسر يلد مع كثرة التسبيح في يدك

عشقٌ فاق الإدمان.. وتجارة في كل مكان.. ولغز حير العلماء.. وملازمة لملوك عظماء.. طوال حياتهم.. وبعد مماتهم.. حضارات سقطت.. وأخرى نهضت.. وتيقى هي الشيء الوحيد المشترك بينها.. بسحرها دائم المفعول.. مخترقة المنطق والمعقول.. فما السر وراء الانجذاب منذ فجر التاريخ وإلى عصرنا الحالي للأحجار الكريمة؟

الشيء الوحيد السهل في الأحجار الكريمة هو تعريفها، فهي أنواع مختلفة من المعادن المتبلورة مركبة من عنصرين معدنيين أو أكثر، مادتها الأساسية السيليكا، التي تختلط بها الشوائب المعدنية، وهذه القطع الكريستالية من الأحجار يصل عمرها لمليارات السنين، وهذا سر طاقتها الفائقة، ، وهذه التركيبة أوجدت قرابة الـ 4 آلاف نوع من الأحجار الكريمة ونصف الكريمة، وفقًا لمكوناتها الفيزيائية والكيميائية، التي تمنحها طاقة مفيدة جدًّا للإنسان.

مصادر الأحجار الكريمة

مصادر الأحجار الكريمة ثلاثة: أولها أعماق الأرض، وتخرج مع الحمم البراكين والزلازل، مثل الماس والياقوت والزمرد، وهي أحجار معدنية، وتتميز بصلابة عالية وطاقة هائلة، وثانيها أعماق البحار كاللؤلؤ والمرجان، وهي أحجار عضوية، فالمرجان مثلاً يرجع أصل تكوينه للشعاب المرجانية وهياكل الحيوانات البحرية وكربونات الكالسيوم، وهو ما يميزه بتنوع تركيبته الحيوانية النباتية المائية، والمصدر الثالث والأخير للأحجار الكريمة فوق سطح الأرض، ومنها الكهرمان الأصفر، وهو من الأحجار النباتية، ويتكون من الصمغ الذي تفرزه أشجار الصنوبر، والذي سُمِّيت الكهرباء باسمه؛ لطاقته العالية.

 

عمرها 4 مليارات سنة

وعن تاريخ ميلادها ذكر تقرير لـموقع دويتش فيلا أن الأحجار الكريمة موجودة منذ 4 مليارات سنة، وأن الزركون أقدمها جميعًا، حيث عُثر عليه في أستراليا قبل 4.4 مليار عام. وأكد أن الفضة من الأحجار الكريمة المعدنية، وأن ماء الفضة يُستخدم في قتل الجراثيم والبكتيريا العالقة بالملابس.

سر أهمية الأحجار

أدرك الإنسان منذ أقدم العصور طاقات الأحجار؛ لذا فإننا نجدها في جميع الحضارات القديمة، منها الآشورية والسومرية والبابلية والآرامية والفينيقية والمصرية القديمة والإغريقية والرومانية.

وذكر محسن عقيل في كتابه " موسوعة الأحجار الكريمة المصورة" أن البابليين وقدماء المصريين والإغريق والرومان وقبائل المايا والأنكا والأزتيك (وهم سكان أمريكا الأصليون قبل اكتشاف كولمبوس لها) اكتشفوا أنواعًا من الأحجار الكريمة، منها الكهرمان والعقيق والمرجان والفيروز واللازورد والجزع اللؤلؤ والزمرد والزبرجد والزفير وحجر القمر والصدف والكوارتز والهيماتيت.

زينة الملوك والكهنة

وأثبتت الآثار لجميع الحضارات القديمة أن الأحجار الكريمة كان ملوك وأعضاء الأسر الحاكمة في شتى العصور يتباهون بها، فيضعونها في تيجانهم وملابسهم. ومع ظهور الأديان كان الكهنة يزينون ملابسهم بها، وأن القدماء بدءوا في التزين بالعقود، وبعدها انتشرت في المجتمع الخواتم، تلتها الأقراط المرصعة بالأحجار الكريمة.

نصر وهيبة وعلاج

وقد يعتقد البعض أن الأحجار الكريمة اقتصرت على الزينة والرفاهية، فرغم بريقها الجاذب لاقتنائها، إلا أن الأمر كان أكبر وأهم من هذا بكثير، حيث اعتقدت الحضارات القديمة في وجود طاقة كامنة وأسرار بالأحجار الكريمة، تمنحهم القوة على أعدائهم، وتكسبهم الهيبة في المجتمع، والحظ، وتقدم العلاج العضوي والنفسي، حتى إن جميع الحضارات كانت تستخدم الأحجار في التداوي.

وذكر سيريل ألدريد في كتابه "مجوهرات الفراعنة" أن المصريين القدماء استخدموا التمائم من الأحجار الكريمة على شكل خرز، والذي تواجد بكميات هائلة، لم توجد في أي أمة على مر العصور؛ لاعتقادهم بقوتها السحرية.

رمز للجمال في القرآن والسنة

وزادت أهميتها في ثقافتنا العربية بعد أن ذكرها القرآن الكريم رمزًا للجمال الراقي في قوله تعالى "كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ"، وقوله "وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً".

وجاء في كتاب "الأحجار الكريمة" للسيد الجميلي أن نبي الله سليمان طرز كرسيه بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد.

امتصاص الطاقات السلبية

وعن أهم وظيفة اتفق عليها متخصصو الأحجار الكريمة، وهي الطاقة، يقول محمود عثمان، خبير الحلي، إن الأحجار الكريمة تحتوي داخل جزيئاتها على طاقة تختلف وفقًا لنوع الحجر، وهذه الجزيئات قسمان: الأول هو الجسيمات الحاملة للطاقة، وتسمى بوزونات، والثاني الجسيمات الحاملة للمادة، وتسمى فرميونات، ومع تفاعل القسمين تنتج الطاقة التي تؤثر على مراكز الطاقة أو الشاكرات بجسم الإنسان.

وأكدت نهى مقصود خبيرة الأحجار الكريمة أن جميع الأحجار مفيدة في التخلص من الطاقة السلبية، حيث تمتصها؛ لتنجي الإنسان منها، حتى إن العقيق مثلاً قد يتشقق من كثرة الطاقات السلبية التي يمتصها، وهو من أقوى الأحجار التي تمتص طاقة العين، وتمنع الحسد، خاصة العقيق السليماني، وأن اليسر أرقى أنواع الأحجار الروحانية، ويطلق عليه الحجر الذي يلد، فمع كثرة التسبيح عليه يخرج من أحد جوانبه بروز، وذلك حسب تأكيد.

23 مليار دولار حجم تجارتها

ورغم أن الدراسات العلمية لم تثبت هذا الأمر حتى الآن، وفي ذات الوقت لم تَنْفِه (وهو في حد ذاته موقف غامض من الجانب العلمي)، إلا أن الفكرة التسويقية المتداولة عن طاقات الأحجار وروحانياتها وراء تزايد التعلق بها بشكل كبير، حتى إن تجارتها تتجاوز الـ 23 مليار دولار سنويًّا، وذلك حسبما صرح لورنس جا بيلي، العضو السابق في المجلس التنفيذي لاتحاد السبائك البريطانية، لجريدة الاقتصادية.

كما أن الواقع العملي، لا الدراسات العلمية، أكد كثيرًا مما يتم الترويج له عن الأحجار الكريمة، وهو سر التهافت عليها.

وهذا هو الجانب الحسن، أو المقبول من الأحجار الكريمة إن صح علميًّا.

ربط الأحجار الكريمة بالبرج

أما الجانب السيئ فهو استخدامها في التنجيم، وهو أيضًا واقع موجود بالفعل، حيث ربطوا الأحجار بالأبراج، ولكن هذا الربط غير متفق عليه؛ مما يشير إلى أنه اجتهادي، لا نملك قبوله أو رفضه، فموسوعة ويكيبيديا مثلاً ذكرت قائمة بالحجر المناسب لكل برج وفقًا لتوافق صفاتهما، وهي التالي:

برج الدلو: عقيق أحمر.

برج الحوت: الجمشت.

برج الحمل: الزبرجد.

برج الثور: الماس.

برج الجوزاء: الزمرد.

برج السرطان: اللؤلؤ والهيلني وحجر القمر.

برج الأسد: الياقوت الأحمر.

برج العذراء: الزبرجد، والسبج.

برج الميزان: الزفير.

برج العقرب: حجر القمر والتورمالين.

برج القوس: التوباز.

برج الجدي: الفيروز والزركون.

بينما وضع موقع GEM SELECT المتخصص في تسويق الأحجار الكريمة قائمة مختلفة، وهي:

برج الدلو: العقيق والفيروز.

برج الحوت: الجمشت وأكوامارين.

برج الحمل: حجر القمر والماس.

برج الثور: الزفير والزمرد.

برج الجوزاء: العقيق والتوباز.

برج السرطان: الزمرد وحجر الدم.

برج الأسد: الزبرجد والسيترين.

برج العذراء: الكارنيليان واليشب.

برج الميزان: حجر القمر والتورمالين.

برج العقرب: البيريل والمرجان.

برج القوس: التوباز والسيترين.

برج الجدي: الياقوت واللازورد.

ومن القوائم الأكثر تداولاً، وإن كانت توحي بعدم الدقة:

برج الدلو: الماس.

برج الحوت: الياقوت الأصفر.

برج الحمل: الياقوت والعقيق الأحمر.

برج الثور: الزمرد الأخضر.

برج الجوزاء: الياقوت الأصفر .

برج السرطان: اللؤلؤ.

برج الأسد: الياقوت الأحمر.

برج العذراء: العقيق.

برج الميزان: الياقوت الأزرق.

برج العقرب: الفيروز التركوازي.

برج القوس: الياقوت الأزرق.

برج الجدي: العقيق الأحمر.

ولأن الأمر اجتهادي، فهناك مواقع كثيرة بها قوائم، تتفق في بعض الأحجار، وتختلف في أخرى، ولكن الأقرب للدقة هو الموقع الثاني.

طلاسم سحر وشعوذة

والجانب الأسوأ هو دخول الأحجار في السحر والشعوذة، وهناك مخطوطات تراثية عن الطلاسم التي توضع على الأحجار لتسخير الجن، وهي طلاسم يمكن أن تجدها اليوم في الورش القائمة على هذه الأحجار.

الخلاصة أنه مهما تطور العلم، ونجح في كشف خبايا وخفايا الكون، ستظل الأحجار الكريمة لغزًا محيرًا، لا حل له، فلا تستطيع أن تنكره، ولا أن تُقِرَّه، فكما تحوي الأحجار في باطنها عناصر متراكمة ومنسجمة مع بعضها، تحوي أسرارًا وغموضًا، يجعلك تقف حائرًا أمامها، لا يمكن أن تستقر على حقيقة علمية بشأنها، وهذا هو سر جاذبيتها الشديدة. 

اقرأ أيضا