المؤامرة لم تنتهي بعد.. "الشذوذ"! بقلم أسماء القليوبي

السبت 30 يوليو 2022 | 06:34 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

بقلم أسماء القليوبي

منذ وقت قريب كثر الحديث في وسائل الإعلام الأجنبية والعربية ومنصات التواصل الاجتماعي عن الشذوذ الجنسي وحقوق الشواذ، وهو فعل محرم في الشريعه الاسلاميه وفي جميع الشرائع السماوية، حيث قال سبحانه وتعالي في كتابه العزيز "وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ"، ومن هنا نالت تلك الحملة الممنهجة الرفض القاطع لتلك الظاهرة النكراء المرفوضه دينيا وأخلاقيا.

ولكن يبدو أننا أمام عدو لا يكل ولا يمل من محاولة تنفيذ مخططه اللا أخلاقي واللا ديني وهو إفساد أخلاق الأمة وشبابها.

فقد أعيد طرح الموضوع بتوسع شديد ومحاولة الترويج له بأنه واقع مفروض على المجتمع وعليه تقبله بأية حال.

فما الجديد لطرحه على الساحة مرة أخرى ؟

هل سيتغير رأي الدين إذا اشتدت الهجمة ؟!

ولم يكن الشذوذ وليد اللحظة ولكن بدأ الترويج له والإعداد لنشره بوضوح بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث تم التلاعب بعقول الشعوب عن طريق الإذاعات التي تم بثها في جميع الدول وعلى رأسها إذاعة صوت أمريكا والتي بثتها الولايات المتحدة في بلاد السوفيت لتفتيت المجتمع السوفيتي واصابته بالخلل، والدعوة إلى نشر العولمة والانفتاح على الثقافات والدعوة إلى حرية المرأة وكانت من هنا كانت بداية الشرارة لنشر الشذوذ والفجور في المجتمعات.

ولم يتوقف الأمر عند السوفيت فقط ولكن بدأت العدوى تنتشر في باقي الدول كالجسد الذي يتملك منه المرض الخبيث، حتى وصلت إلى الوطن العربي.

وفي محاولاتهم لتهيئة عقول الناس بتقبل هذه الظاهرة فقاموا بتغيير مصطلح الشذوذ لما له سمعة سيئة ومهينة لممارسيه سواء من الذكور أو الإناث، ومن المعروف أن من حيل أهل الباطل لتزيين المنكر وتشويه المعروف تسمية الأشياء بغير اسمها، لذلك استحدثوا مصطلح "المثلية" وتم الترويج له من خلال ما تعرضه المنصات الرقمية الترفيهية لإنتاج الأعمال الفنية للكبار والصغار من أعمال درامية.

وحدث انفجار لصناعة الاباحية وضخامة إنتاجها، فوصلت إلى ذروتها في الإنتاج والربح المادي، حيث يقدر الإنتاج بمثابة إنتاج فيلم إباحي كل 40 دقيقة، وأرباح هذه الصناعة تتخطى أرباح كبرى الشركات في العالم.

و قاموا بدس السم في العسل بأنتاج أعمال تدافع عن حقوق الشواذ وإلصاقها بالحريات والانفتاح على الثقافات المختلفة، على الرغم من أن هناك الكثير من الحريات مهدورة في هذه الدول!

حيث أن الحرية أصبحت كلمة ملاصقة لمحاولات تبرير كل ما يريدون نشره لهدم المجتمع وبدأوا في شيطنة كل من يرفضونه واتهامهم بأنهم رجعيون ويتصفون بالكراهيه والتمييز ، ولكن يبدو أن الأمر في حقيقته لم يكون بسبب الحريه أو غيرها، إنما هناك هدف افسادي من وراء هذه الأكذوبة.

وبعد أن كان الشذوذ مجرم في كثير من الدول ويتم وضع برامج علاجية له من ضمن الأمراض النفسية ، فحاولوا تغيير نظرة المجتمعات له من خلال نظرياتهم المستحدثة "صنع العلم الجديد"، ففي أوائل القرن العشرين تحولت وجهة نظر العلماء فجأه بأنها حرية شخصية ومشاعر خاصة لتلبية احتياجات الفرد، فقد اعتبر الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر صاحب النظرية الفلسفية "الوجودية" هو أول من نظَر وبرر للشذوذ الجنسى، فهو صاحب نظرية أن جسم الإنسان هو ملك له، له الحق فى أن يفعل به وفيه ما يشاء، ومن هنا بدأت الدول تنفذ إجراءات رفعه من قوائم الجرائم، بل وأقرت بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لهم بعض الحقوق، وقامت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين بشطب المثليه الجنسيه من الدليل التشخيصي والاحصائي للاضطرابات النفسية، وفي السبعينات والثمانينات ثنت بعض الدول قرارات تمنع التمييز ضد المثليين في المسكن أو العمل والخدمات، وقامت بعض الحكومات الغربية باستخدام الأمم المتحدة لمزيد من الحماية للشذوذ.

وحاولوا تقنين هذه الظاهرة لإعطائها مزيدا من الشرعية، ففي عام 2015 قضت المحكمة الأمريكية العليا بأن يتعين على الولايات الترخيص بزواج الشواذ والاعتراف به، وبالتالي أصبح الأمر قانونيا في باقي الولايات، وتم اختيارهم في بعض الوظائف الحكومية الهامة.

على الرغم من أن الإحصائيات العلمية في الولايات المتحدة لعام 2010 والتي قام بها مركز CDC الأمريكي أن 63% مِن مرضى الإيدز الجدد مِن الرجال الشواذ جنسيا، ونسبتهم مِن الرجال المصابين حديثا بالإيدز وصلت لـ 78% ، وهذا العدد في تزايد سنويا إلا ان أمريكا مازالت تصم آذانها عن تلك الاحصائيات.

ومازالت تحاول بنشر الشذوذ بين الشعوب بشتي الطرق الممكنة ، فأصبح من شروط الاتحاد الدولي للدول الراغبة في تنظيم نهائيات كأس العالم أن تضمن للجماهير الحماية من كافة أنواع التمييز بما في ذلك التمييز القائم علي الميول الجنسيه.

ولم يجدوا أفضل من التعليم كحقل خصب لنشر الشذوذ، فحاولوا بتغيير أخلاق الأمه باسم العلم، من خلال نظرية تسمى "النوع" والتي تسعي الي الغاء الفروق الجنسيه بين الذكر والأنثي، وتفرض دراستها في بعض الدول، وفي بعض الموسوعات العلمية تعرف الهوية بأنها شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى وليس بخصائصه العضوية.

ولكن ما يثير الجدل والاستغراب هو .. كيف تغيرت نظرة العلماء في الشذوذ ومخاطره ؟ ومن أجبرهم على ذلك ؟

وما الذي يدفع الولايات المتحدة للاصرار عليه رغم الأضرار الواقعة عليها؟

يقول الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري "الدفاع الشرس عن الشذوذ الجنسي والدعوة إلى تطبيعه في جوهره ليس دعوه للتسامح أو تفهم وضع الشاذ، بل هو هجوم شرس علي المعيارية البشرية، وعلى الطبيعة البشرية معيارية نهائية و معيارا ثابتا يمكن الوقوف عليه لإصدار أحكام وتحديد ما هو إنساني وما هو غير إنساني.

فيبدو أن هناك عملية موازية لنشر الشذوذ بعيدا عن الحريات وتتم من خلال السياسة، فالاصرار على نشر ما يخالف الشريعة يؤكد إنها حرب شرسه على الدين، وعلى الهوية الثقافية والدينية للشعوب.

وبما أن الشعوب العربية تتعرض للغزو الثقافي الغربي في وقت تعاني فيه من ضعف الثقافة ومحاولات انسلاخ من الهوية ، فقد نشأت بعض المنظمات الداعمة للشواذ ولكنها على أية حال فهي نادرة، وعادة لا تستطيع حماية الشواذ من القوانين ، ولكن مع الموجة الأخيرة زاد عدد هذه المنظمات في الدول العربية، على الرغم من الرفض الشعبي لها ، ولكن ذلك لا يقلل من الخطر القادم.

ونظرا لضعف البنية الدينية والثقافية لبعض الأشخاص والولع بالعولمة، فقد ظهرت بعض الأصوات المطالبة بحقوق ما يطلقون عليهم "المثليين" من المشاهير والشخصيات العامة، ممن صدقوا قول الملحدين عن قول الله تعالى، واشترك بعضهم في أدوار درامية تدعم حقوق الشواذ عبر المنصات، التي تقود الترويج لمثل هذه الأفكار بشكل مباشر وصريح.

ولكن الانحطاط الاخلاقي والسفول السلوكي لا يمكن أن يوصف بالرقي والتحضر بتسميته كذلك على أية حال، ومهما غيروا من مصطلحات فيظل مرفوض لنا دينيا وسيظل معروف لدينا بأنه فعل قوم لوط الذي يودي بنا الى الهلاك.

وقد حدث ما لا يستطيع العقل تقبله، وهو قيام أحد المساجد في ألمانيا برفع علم الشواذ قبل صلاة الجمعة، ويسمح فيه للرجال والنساء بإقامة الصلاة معا.

وإذا اتبعنا مقولة "اذا عرف السبب بطل العجب"، سنصل إلى الهدف من الترويج لهذه الأفكار.

فما ينتج من نشر هذه العادات والأفكار؛ هدم المجتمعات من خلال هدم أهم بنيه أساسيه فيها وهي الأسره، كيف تتكون الأسرة إذا لم يوجد ذكر وأنثى وبالطبع انقراض الجنس البشري، فالتناسل لا يتم إلا بالزواج الطبيعي، وهدم العقائد الدينية وإذا جمعنا خيوط اللعبة بين من يروج ومن المستفيد والآثار والنتائج العائدة على المجتمع ، سنصل بكل تأكيد إلى الهدف المنشود.

إذا يبدو أننا أمام تنفيذ هجمة ايديولوجية شرسة تهدف إلى هدم وتفتيت المجتمعات أخلاقيا ودينيا دون قتال، بجعل الدين من الأساطير، وخلق دين أخر جديد أطلقوا عليه الدين الإبراهيمي، وخلق مجتمع جديد خصب لأفكارهم الهدامة، يساعدهم في تنفيذ مخططهم الشيطاني وتناقص الجنس البشري، تمهيدا للسيطرة على الدول.

لذا علينا التصدي لها بكل ما لدينا من إمكانيات تشمل المسجد والكنيسة والمدرسه والجامعه ووسائل الإعلام بكافة أنواعها، وألا ننجرف وراء هذه الدعوات التي تريد تدمير مجتمعاتنا، واتباع التشريعات السماوية التي تحافظ على الفرد والمجتمع والتي تضع حد لآثام الإنسان التي تسوقه إلى الهلاك ، والتأسيس للمفاهيم الصحيحة لدى أبنائنا ومراقبة سلوكهم وتوجهاتهم، وذلك لا يقلل من قيمتنا وتوجهاتنا نحو الانفتاح، فنحن كأي مجتمع له ضوابطه وقوانينه الخاصة.