قالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، إن من ترك المبيت بمزدلفة لعذر، فحجه صحيح، وليس عليه دم.
وأوضحت في إجابتها عن سؤال:ما هي الأعذار التي تبيح ترك المبيت بمزدلفة؟، أن الأعذار التي تبيح ترك المبيت بمزدلفة هي: أولًا أن تخشى الْمَرْأَةُ طُرُوء الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ فَتبَادر إلَى مَكَّةَ بِالطَّوَافِ، ثانيًا: الانشغال بالوقوف في عرفة عن المبيت بمزدلفة، ثالثًا: ألا تكون به علة أو ضعف.
وأضافت: رابعًا خوف الازدحام على نفسه أو ممن تكفل برعايته، خامسًا: الانشغال بالمصالح العامة للحجيج كرعاة الإبل، والسقاة، ويدخل فيهم الذين يقومون بخدمة الحجيج وإرشادهم وتأمينهم.
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن المبيت بمزدلفة واجب عند الجمهور، ويتحقق بالبقاء بها ولو للحظة بعد منتصف الليل، لأن الحاج بذلك يكون قد قضى أكثر من نصف الليل بها، فيصدق عليه أنه بات بها.
وأفاد جمعة، في إجابته عن سؤال هل يجوز للحاج مغادرة مزدلفة بعد منتصف الليل؟، بأنه من سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم البقاء بمزدلفة إلى أن يصلي الفجر ثم يقف بالمشعر الحرام للدعاء حتى قبيل شروق الشمس ثم يدفع إلى منى لرمي جمرة العقبة.
وأضاف: "وورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخص للضعفة وللنساء ولأصحاب الأعمال بالدفع بعد منتصف الليل تخفيفا عليهم ورعاية لخصوص أحوالهم وفي معنى ذلك كل من يشق عليه الزحام، وروى البخاري عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ.
قالت دار الإفتاء، إن المبيت بمزدلفة سُنَّةٌ، مع وجوب المرور بها، ويكفي لمن أراد تحصيل المبيت أن يمكث فيها بقدر ما يحط الحاجُّ متاعه ويصلي المغرب والعشاء.
وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: ما مدة المبيت بمزدلفة؟، أن المعتمد في الفتوى في هذه الأزمان التي كثرت فيها أعداد الحجيج كثرةً هائلةً هو الأخذ بسنية المبيت في المزدلفة، وهو قول الإمام الشافعي في "الأم" و"الإملاء"، وقول للإمام أحمد، بينما يكتفي المالكية بإيجاب المكث فيها بقدر ما يحط الحاجُّ رحله ويجمع المغرب والعشاء.
وأوضحت الإفتاء،وحتى على رأي الجمهور القائلين بوجوب المبيت فإنهم يسقطونه عند وجود العذر، ومن الأعذار: حفظ النفس من الخطر أو توقعه، فيكون الزحام الشديد الذي عليه الحجُّ في زماننا مرخصًا شرعيًّا في ترك المبيت عند الموجبين له.
وأكدت الإفتاء، أنه اختلف العلماء في المبيت بمزدلفة؛ فمنهم مَن ذهب إلى أنه ركنٌ؛ وهو قول الحسنِ البصريِّ وبَعضِ التابعين وأفرادٍ مِن الفقهاء، والصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنَّ الوقوف بمزدلفة ليس مِن أركان الحج؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 150، ط. دار الفكر): [قد ذكرنا أن المشهور مِن مذهبنا أنه ليس بركنٍ، فلو تركه صَحَّ حجُّه؛ قال القاضي أبو الطيب وأصحابنا: وبهذا قال جماهير العلماء مِن السلف والخلف].
وترجع تسمية مزدلفة -حسب ما ذكره العلماء والمؤرخون- لنزول الناس بها في زلف الليل، وقيل أيضًا: لأن الناس يزدلفون فيها إلى الحرم، كما قيل: إن السبب أن الناس يدفعون منها زلفة واحدة أي جميعًا، وسمّاها الله تعالى المشعر الحرام وذكرها في قوله: "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام" .
ويعدّ مشعر مزدلفة بكامله موقفًا عدا وادي مُحَسِّر، وهو موضع بين مزدلفة ومنى يسرع فيه الحجاج في مرورهم، حيث يحدها من الغرب ما يلي منى ضفة وادي مُحَسِّر الشرقية ( وهو واد صغير يمر بين منى ومزدلفة، وهو ما يمر فيه الحاج على الطريق بين منى ومزدلفة) ، فيكون الوادي فاصلًا بينها وبين منى، ويحدها من الشرق ما يلي عرفات مفيض المأزمين وهما جبلان بينهما طريق يؤدي إلى عرفات ، فيما يحدها من الشمال الجبل وهو ثبير النصع، ويقال له أيضا: جبل مزدلفة.
وحظي مشعر مزدلفة باهتمام كبير ومشروعات تطويرية من حكومة المملكة العربية السعودية على مر السنين في إطار تصدّر خدمة الحرمين والمشاعر المقدسة اهتمامات ولاة الأمر - حفظهم الله - من أجل راحة ضيوف الرحمن وتسهيل حجهم ابتغاء مرضاة الله ، حيث جاء في مقدمة ما قامت به الدولة توسعة المشعر الحرام وتهيئة ساحات المبيت في مزدلفة للحجاج وتزويدها بكل ما هو مطلوب من الخدمات والمرافق الطبية والصحية والمياه النقية والطرق والإنارة ودورات المياه والاتصالات والمراكز الإرشادية والأمنية .
وتبلغ مساحة المشعر الإجمالية 963 هكتارا، وفيها مسجد المشعر الحرام وهو الذي ورد ذكره في قول الله تعالى: "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام" ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عند قبلته حيث يقع في بداية مزدلفة على قارعة الطريق رقم (5) الذي يفصل بين التلّ والمسجد، ويبعد عن مسجد الخيف نحو (5) كيلومترات ، وعن مسجد نمرة (7) كيلومترات.
وتمت في العهد السعودي توسعة المسجد ، وأصبح طوله من الشرق إلى الغرب (90 مترًا) وعرضه (56) مترًا، وبات يستوعب أكثر من (12) ألف مصلٍّ، وله منارتان بارتفاع 32 مترًا، وله مداخل في الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية .