يتساءل كثير من المسلمين، مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، والذي يتم فيه شعائر ذبح الأضحية، عن حكم الأضحية، ووقت الذبح وما هي أداب المضحي، حيث يخضع ذبحها لآداب وأحكام وسنن، من أجل نيل الأجر العظيم والثواب الكبير.
وفي هذا السياق تستعرض شبكة "بلدنا اليوم" ما يهم المسلمون بشأن ذبح الأضحية وأحكامها.
حكم الأضحية والحكمة من تشريعها
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية سُنَّةٌ مُؤكدة، وهو الرَّاجح، واستدلوا بحديث سيدنا رسول الله ﷺ: "إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا" أخرجه مسلم، فقوله ﷺ: "وأراد أحدكم" دليل على سنية الأُضْحِية وعدمِ وجوبها، وذهب الإمامُ أبو حنيفة رحمه الله إلى أنها واجبة على المقيمين الموسرين.
حكم الأضحية
اتّفق الجمهور من علماء الدّين بأن أضحية العيد سنة مؤكدة، ويذكر في مذهب أبي حنيفة بأنها واجبة على كل قادر، ومن أدلة القائلين بالوجوب قوله صلى الله عليه وسلم: " من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلاناً " رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني والحاكم، ولا إثم على غير القادر.
أما إن كانت الأضحية منذورة، فقد اتَّفَقَ الفقهاء على أن من نذر أن يضحيَ فإنه يجب عليه الوفاء بنذره، سواءٌ أكان النَّذر لأضحيةٍ معيَّنة، أم غير معيَّنة.
الحكمة من مشروعية الأضحية
وحِكَمِ تشريعها كثيرة، منها:
▪ شُرعت الأضحية شكرًا لله على نعمهِ، وتقرّبًا إليه تعالى، واستجابةً لأمره.
▪ في الأُضْحِية توسعة على النّفس والأهل والمساكين، وصلةٌ للرحم، وإكرامٌ للضَّيف، وتودُّدٌ للجار، وصدقةٌ للفقير، وفيها تحدُّثٌ بنعمة الله تعالى على العبد.
▪ الأُضْحِية إحياءٌ لسنَّة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصّلاة والسّلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصّلاة والسّلام في يوم النّحر.
وقت ذبح الأضحية
يبدأ وقت ذبح الأُضْحِية من بعد صلاة العيد، وينتهي عند جمهور الفقهاء عند مغيبِ شمس ثاني أيام التَّشريق "ثالث أيام العيد" أمَّا الشَّافعية فينتهي وقت الذبح عندهم عند مغيبِ شمسِ ثالثِ أيام التَّشريق "رابع أيام العيد".
طريقة ذبح الأضحية
ومن السنة لمن يستطيع الذبح أن يذبح أضحيته بنفسه ولا إثم على من يستعين بجزار، ثم يقول عند الذبح كما قال صلى الله عليه وسلم: " بسم الله والله أكبر، هذا عني وعن من لم يُضحِ من أمتي"، ولمن لا يحسن الذبح يسن أن يحضر الذبح ويشهده، أما طريقة الذبح وشروطه:
أهلية الذابح، أن يكون مؤهل للذبح ويصح أن يكون رجلاً أو امرأة.
القبلة: أي توجيه رأس الذبيحة تجاه القبلة.
البسملة قبل الذبح.
سن السكين جيداً قبل الذبح بحيث تكون حادة وعدم وضعها تجاه نظر الذبيحة.
قطع الحلقوم والمريء والودجين اللذان يقعان في عنق الحيوان.
آداب المضحي
يُستحب لمن عزم على الأضحية أن يُمسك عن أخذ شيء من شعر بدنه، وقصِّ أظافر يديه وقدميه من ليلة اليوم الأول من شهر ذي الحجة وحتى ذبح أضحيته، لقول سيدنا رسول الله ﷺ:
«مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ».
سن الأضحية
من الشّروط المُعتبرة في الأضاحي أن تبلغ السَّن المقررة شرعًا، والسن الشرعية تختلف باختلاف نوع الأضحية من بهيمة الأنعام.
• فيجزئ من الضأن (الخروف) ما بلغ ستة أشهر فأكثر.
• ومن الماعز ما بلغ سنة فأكثر.
• ومن البقر والجاموس ما بلغ سنتين فأكثر.
• ومن الإبل ما بلغ خمس سنين فأكثر.
يستوي في ذلك الذَّكر والأنثى؛ لقول سيدنا رَسُول اللهِ ﷺ: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ». [أخرجه مُسلم]
أمَّا المَعلُوفة -وهي التي للتَّسمين- فلا يُشترط لها بلوغ السّنّ المقررة -على المختار للفتوى- إنْ كَثُرَ لحمُها في مدة أقل، كبلوغ البقرة المعلوفة 350 كجم فأكثر في أقل من عامين.
الاشتراك في الأضحية
يجوز الاشتراك في الأُضْحِية إذا كانت من الإبل أو البقر ويلحق به الجاموس فقط، وتجزئُ البقرة أو الجملُ عن سبعة أشخاص؛ لما روي عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَحَرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ، مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْبَدَنَةَ، عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ، عَنْ سَبْعَةٍ» أخرجه ابن ماجه.
أمَّا الشَّاة من الضَّأن أو المعز فلا اشتراك فيها، وتُجزئ عن الشَّخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا من باب التَّشريك في الثَّواب؛ لما رُوي عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ﷺ ؟ فَقَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى». أخرجه الترمذي، وقد ثبت أنَّ النَّبي ﷺ ضحّى عن كل فقير غيرِ قادر من أمته.
طريقة توزيع الأضحية
يسن أن يأكل المضحي من أضحيته وأيضاً يهدي أقاربه وجيرانه، ويتصدق على الفقراء فيجعل ثلثاً لنفسه وثلثاً يهدي به وثلثاً للفقراء، ولا يجوز بيع أي شيء منها أو إعطاء جزء منها كأجر على الذبح.