أثار مقطع فيديو، تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي جدلا واسعا خلال الساعات الماضية، حيث طلبت فتاة تدعى "أمنية طارق" من كفر الدوار، بإلقاء بعض الشروط على خاطبها أمام الحضور قبل أن توقع على عقد الزواج، واشترطت قبل موافقتها وتوقيعها احترام الأهل والأقارب وأبرزهم والدتها.
وكانت الفتاة قد استوقفت المأذون بعد أن منحها القلم للتوقيع على عقد الزواج، وتوجهت بحديثها للعريس، قائلة: ""أنا واثقة في ربنا وفيك أنك هتكون خير الزوج والسند والصاحب، ومندمتش في يوم إني اخترتك، بالعكس كنت أعظم وأفضل انتصاراتي في الحياة، هطلب منك طلب، زي مهشيل أهلك في عيني هتشيل أهلي في عينك، والصغير في عيلتي قبل الكبير، ومع احترامي لكل أهلي، أمي، ثم أمي ثم أمي"، ونشرت الفيديو تحت عنوان "ما أنا مش هسيب أهلي بالساهل".
ولاقت عروس قائمة الشروط، ردود أفعال متباينة ما بين الرفض والقبول، حيث وجه لها البعض انتقادات لاذعة بسبب إشهاد الحاضرين على زوجها قبل عقد القران، حيث رأى البعض أن الفتاة كانت من الممكن أن تبلغ خطيبها بتلك الأمور أثناء فترة الخطوبة ولكنها فضلت توجيه رسالتها أمام الجميع، فهل من حق الزوجة الاشتراط على زوجها قبل توقيع عقد القران؟.
هل من حق الزوجة الاشتراط على زوجها قبل عقد القران؟
أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بالأزهر الشريف، أنه يجوز للعروس الاشتراط على العريس قبل إتمام عقد القران، مثل أن تتعلم، وألا يتزوج عليها، أو الإحسان لأهلها، أو أي شروط لا تخالف القرآن والسنة، وفي وثيقة الزواج جزء مخصص لكتابة الشروط، وفي الفقه هناك باب كبير في كتب الفقه اسمه باب الشروط في عقد الزواج.
وأضاف أستاذ الفقه المقارن بالأزهر الشريف، أن الشروط التي طالبتها العروس، مستحب العمل بها لأنها من أخلاق الإسلام، وفي حال إخلال الزوج لهذه الشروط المتفق عليها في عقد الزواج، بعد الزواج يكون للزوجة الحق في طلب الطلاق.
هل يجوز اشتراط الزوجة على الزوج أمام الحضور؟
ووصف الدكتور مبروك عطية، الداعية الإسلامي، عروس كفر الدوار، بأنها لديها شهوة كلام، لأنها كلمات ليست في وقتها، وهذا يدل أننا لا يوجد لدينا نظرة صحيحة لأمور الدين، لأن أمر الدين في هذا الشأن أنه في ساعة العقد لا يقال غير الصيغة الشرعية للزواج، أما وضع الشروط يكون قبل كتابه عقد الزواج باتفاق الطرفين، وهذا احترام للدين، مستشهدا بقول الله سبحانه وتعالى: "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب".
وسأل الدكتور مبروك عطية العروس مستنكرا: "هو هيحط أهلك في عينه قبل ما يحطك أنتي في عينه!، وأمي ثم أمي ثم أمي هذه كلمات كان الرسول وجهها لكل ابن وابنه، وزوجك النبي قال له، أمك ثم أمك ثم أمك، مش قال حماتك".
وروى الدكتور مبروك عطية إحدى القصص الخيالية التي تّبين أن كل خاطب كذاب كما قال سيدنا سليمان، عليه السلام، وهي أن ثعلب ذهب ليحتمي من البرد داخل “عشة فراخ” فرقت له الدجاجات وفتحت له باب العشة ففتح فمه، رغم أنه وعدهم بألا يأكلهم، وحينما سألته الدجاجات عن وعده قال: “يامعشر الألباب قد كان هذا قبل فتح الباب”.
الشروط ضرورية لقوام أسري متماسك
ورأت عبير سليمان الباحثة في قضايا المرأة وخبيرة العلاقات الأسرية بالقاهرة أن رسم شكل العلاقة الزوجية وتحديد حقوق كل طرف ليس بدعة أو من الأمور المعيبة، بل أصبح ضرورة لقوام أسري متماسك قائم على أن كل شريك يعرف مسؤولياته وواجباته وحقوقه عند الطرف الآخر لتجنب الصدام.
كما أكدت، أن الخلافات الزوجية في السنوات الأولى تكاد تكون منحصرة في سعي كل طرف لفرض كلمته وقراره ورؤيته على الآخر، وقد يسعى الرجل لأن تكون له السطوة والوصاية لتغييب شخصية الزوجة كأن تترك الوظيفة وترتدي الحجاب ولا يكون لها أصدقاء وتكون خادمة لوالديه، وهنا تتفجر الأزمات الزوجية.
وحسم كل الأمور قبل العلاقة يمهد لحياة زوجية قائمة على المصارحة والمكاشفة وتقبل كل طرف للآخر، لكن ذلك لا يعني أن يلجأ المتضرر بعد التفاف شريكه على البنود إلى الطلاق أو التلويح بهذه الورقة من الأساس، لأن المعيار الأهم في مثل هذا الدستور الصغير أن يفهم كل طرف ماذا يريده الآخر.