صلاة التسابيح من أنواع صلاة النفل، وهي أربع ركعات بتشهد واحد أو بتسليمتين، وتسمى: صلاة التسابيح أو صلاة التسبيح؛ لاشتمالها على التسبيح الذي يكون فيها، وصيغة التسبيح التي دل عليها الحديث هي: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر»، وفي رواية بزيادة: «ولا حول ولا قوة إلا بالله»، ويتكرر هذا التسبيح خمسا وسبعين مرة في كل ركعة، فيقوله المصلي بعد قراءة الفاتحة والسورة خمس عشرة مرة، ثم يقوله في الركوع عشرا ثم في الاعتدال بعد الرفع من الركوع عشرا ثم في السجود عشرا ثم في الجلوس بين السجدتين عشرا ثم في السجدة الثانية (جلسة الاستراحة) عشرا، فالمجموع خمسا وسبعين تسبيحة في ركعة، ومثل ذلك في كل ركعة من باقي الركعات الأربع، وهذه الكيفية رواها أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم من أصحاب السنن، وفي الروايات الأخرى عن عبد الله بن المبارك: أن التسبيح خمس عشرة مرة قبل القراءة، ثم عشرا بعد القراءة. ومن استطاع أن يصليها في كل يوم مرة فليفعل، وإلا ففي كل جمعة مرة، وإلا ففي كل شهر مرة، وإلا ففي كل سنة مرة، وإلا ففي العمر مرة.
وهي مستحبة عند الجمهور خلافا لأحد قولين عند الحنابلة بأنها غير مستحبة؛ لعدم ثبوت الحديث عند أحمد، قالوا: وإن فعلها إنسان فلا بأس؛ لأن النوافل والفضائل لا يشترط ثبوت الحديث فيها.
وحديث صلاة التسبيح ثابت عند جمهور المحققين، خلافا لمن قال بعدم ثبوته، والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي ومن علم حجة على من لم يعلم.
الكيفية الصلاة
صلاة التسابيح هي أربع ركعات يقرأ المصلي في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإن فرغ من القراءة يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة بعد قراءة السورة، ثم يركع فيقول هذا التسبيح وهو راكع عشر مرات، ثم يرفع رأسه من الركوع فيقول هذا التسبيح عشر مرات عند الاعتدال بعد الرفع من الركوع، ثم يهوي ساجدا فيقول هذا التسبيح وهو ساجد عشر مرات، ثم يرفع رأسه من السجود فيقول هذا التسبيح عشر مرات في الجلوس بين السجدتين، ثم يسجد السجدة الثانية فيقوله وهو ساجد عشر مرات، ثم يرفع رأسه فيقوله عشر مرات في الجلوس وهو جلوس الاستراحة وقيل لا بل هو جلوس التشهد حكاه الملا علي القاري في شرح الحديث. فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، يفعل ذلك في الأربع ركعات، إن استطاع أن يصليها في كل يوم مرة فافعل، وإلا ففي كل جمعة مرة، وإلا ففي كل شهر مرة، وإلا ففي كل سنة مرة، وإلا ففي العمر مرة.
قال ابن عابدين: وهي أربع بتسليمة أو تسليمتين، يقول فيها ثلاثمائة مرة: سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وفي رواية زيادة: ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقول ذلك في كل ركعة خمسة وسبعين مرة، فبعد الثناء خمسة عشر، ثم بعد القراءة وفي ركوعه والرفع منه وكل من السجدتين وفي الجلسة بينهما عشراً بعد تسبيح الركوع والسجود، وهذه الكيفية هي التي رواها الترمذي في جامعه عن عبد الله بن المبارك أحد أصحاب أبي حنيفة الذي شاركه في العلم والزهد والورع، وعليها اقتصر في القنية وقال إنها المختار من الروايتين.
والرواية الثانية: أن يقتصر في القيام على خمسة عشر مرة بعد القراءة، والعشرة الباقية يأتي بها بعد الرفع من السجدة الثانية، واقتصر عليها في الحاوي القدسي والحلية والبحر، وحديثها أشهر، لكن قال في شرح المنية: إن الصفة التي ذكرها ابن المبارك هي التي ذكرها في مختصر البحر وهي الموافقة لمذهبنا لعدم الاحتياج فيها إلى جلسة الاستراحة إذ هي مكروهة عندنا. ا هـ. قلت: ولعله اختارها في القنية لهذا، لكن علمت أن ثبوت حديثها يثبتها وإن كان فيها ذلك، فالذي ينبغي فعل هذه مرة وهذه مرة.