يسبق رمضان بسويعات فيحول صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي إلى باقة أخرى ، فها هي تبدأ بآيات من الذكر الحكيم يتلوها أحاديث ( صحيحة أو ملفقة ) ، فهو يردد( كالببغاوات ) ، ثم يتبع ذلك ( وصلة ) من الابتهالات ( للنقشبندي أو لطوبار ) ، ناهيك عن صور الحشمة والذكر ، وكأن الرجل تاب وأناب ، فها هو يلبس الثياب البيضاء ، ويضع الطيب المحبب لقلبه ليلحق بصلاة الجماعة ( ولم يحبسه عنها غير هذا الوباء اللعين ).
ففي رمضان ينقلب حال الرجل رأساً على عقب فيتذكر الفقراء بما يسره الله ، ويحاول التبرع بقدر استطاعته لإعلانات ( التلفاز ) التي حولت نصف دقائق ما يعرض فيه لتسول فاضح بل كادوا أن يضعوا المرضى بجوار الطرقات ليستجلبوا عطف الناس ، ناهيك عن مناظر الغرقى والحرقى التي أصبحت مادة مقررة لاستدرار عطف فقراء الشعب الذي يعاني من العوز!.
ينفض عن المصحف التراب بعدما أصابه ( الهِرم ) ليتلو آيات القرآن ، فالرجل يعمل كل ما في استطاعته لجمع أكبر عدد من الحسنات ، لأنه يعلم أنه في رمضان تتضاعف الحسنات ، لذا هو أقرب ما يكون لوصف المسلم ، أو ( مسلم رمضاني ) ، فهو لا يتذكر كل ما سبق ، ولا يتذكر أيضاً أنه مسلم وعليه ما على المسلمين إلا في هذا الشهر المبارك.
ثم ( وما أدراك ما ثم ) ثم يهل العيد السعيد ، وإذا بالرجل ينسى جُل ما فعله في رمضان ، فقد عادت ( ريمة لعادتها القديمة ) ، فإذا بالرجل يُعاود تفعيل خاصية ( الشيطان ) ، وتتحول تصرفاته إلى النقيض ، فهو السباب ، الشتام ، اللعان ، الفحاش ، وهو أيضاً المرتشي والسارق ، وتبدأ صفحات التواصل الاجتماعي يظهر عليها سمات المجون واللهو الخفي ، ولم يعد هناك مكان للفقراء والمحتاجين في حياته ، حتى الصلوات بدأ يتخاذل فيها ويجمعها ويطرحها ، ومن الممكن أن يتناساها ولم لا ؟ وقد صام وصلى في رمضان.
يا سيدي ، ويا ساداتي الكرام رب رمضان مستمر معك لباقي الشهور ، فهو رب شوال وذي القعدة وباقي العام ، فهل ما تعلمته من دينك أن تكون ملتزماً بتعاليمه شهراً واحداً في العام ثم تتحول لمسلم ( مودرن ) كما يحب أن يصفها أصحاب الفكر التقدمي ( المتأخر ) فهم يريدون شخص ( فري ) يتلون حسب الحالة المزاجية دون التقيد بدين وأخلاق ( فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ) ، فمن يفعل ذلك يذكرنا بالعصر الجاهلي فهو يبحث عن رب يعطي وإله لا يكلف.
يا سادة يا كرام حسنات إطعام الطعام كما هي لم تنضب ، وجزاء الإحسان هو الإحسان من لدن الملك المنان ، فكن مسلماً يا أخي في جميع أوقاتك في رمضان ، وفي غير رمضان ، فربك كريم ( يضاعف لمن يشاء ) ، وكن خير داع لدينك بحسن خلقك ، فلم يطلب منك أحد الجهاد ، فالجهاد الآن جُله في مجاهدة نفسك التي تغلب عليها ( شِقوُها ) وتحولك من مسلم مجتهد في الطاعات إلى مسلم ( مودرن ) استقيموا يرحمكم الله.