أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي في يناير 2019، شرارة المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، والتي تعد أكبر مشروع للعدالة الاجتماعية في تاريخ مصر لتحسين مستوى المعيشة للفئات الأكثر احتياجا والارتقاء بمستوى الخدمات اليومية المقدمة للمواطنين، وخاصة في القرى وتحقيق العدالة الاجتماعية للشريحة الأعظم من الشعب المصري والتى تصل إلى حوالي 60 مليون مواطن.
وعلى مدى عقود، عانى الريف المصري من التجاهل والتهميش والإهمال، فالقرى لم يكن بها طرق ممهدة للسير ولا تعليم جيد ولا مدارس مؤهلة ولا مستشفيات، فجاءت مبادرة حياة كريمة بمثابة طوق النجاة من أجل رفع مستوى حياة المواطن فى الريف، واستهدف المبادرة زيادة متوسط دخل الفرد، وتحسين التغطية بالخدمات الصحية، ونسبة التغطية بالصرف الصحى، بإلإضافة إلى تحسين مؤشر كثافة الفصول، وزيادة فرص العمل المتاحة، وتحسين التغطية بمياه الشرب.
ورفعت الجمهورية الجديدة شعار "حياة كريمة" للمواطنين ورصدت الدولة ميزانية ضخمة للمبادرة تصل إلى 700 مليار جنيه على مدار 3 سنوات، وتستهدف تطوير حوالى 4600 قرية من خلال تطوير مراكز إدارية بالكامل (175 مركز موزعة على 20 محافظة)، ويركز على الارتقاء بالمستوى الاجتماعى والصحى والتعليمى والاقتصادى والسكنى وجميع القطاعات الخدمية لتلك القرى، وكذلك القضاء على الفقر متعدد الأبعاد، وزيادة متوسط دخل الفرد، وتحسين التغطية بالخدمات الصحية، ونسبة التغطية بالصرف الصحى، بإلإضافة إلى تحسين مؤشر كثافة الفصول، وزيادة فرص العمل المتاحة، وتحسين التغطية بمياه الشرب.
العدالة الاجتماعية
بدورها، تخلت وزارة التضامن الاجتماعى، عن سياساتها القديمة منذ تولى الرئيس السيسى الحكم وتبنت مفاهيم جديدة للرعاية والعدالة الاجتماعية وللعمل الأهلى وللتنمية الاقتصادية تستهدف الارتقاء بالإنسان وإشباع احتياجاته والحفاظ على كرامته وتخليصه من الفقر المزمن، ونقله إلى واقع اجتماعى واقتصادى وثقافى أفضل من خلال برامج وأنشطة ومشروعات تتعامل بكفاءة عالية مع الفقر متعدد الأبعاد.
واستهدفت تدخلاتها فى القرى أيضا الحضانات ومراكز تأهيل ذوى الإعاقة ونقاط للاكتشاف المبكر للإعاقة فى القرى ومراكز للعلاج الطبيعى، موضحة أنه سيتم التوسع فى عيادات الصحة الإنجابية "2 كفاية" والمدارس المجتمعية لاستيعاب الأطفال المتسربين من التعليم.
سكن كريم
وشرعت الوزارة فى تنفيذ مشروع "سكن كريم" ضمن المبادرة من خلال التعاون مع الجمعيات الأهلية، كما تعاونت مع 3 آلاف مؤسسة مجتمع أهلى فى مجالات مختلفة تشمل أنشطة صحية وتنظيم أسرة، وخدمات الأشخاص ذوى الإعاقة، ومحو الأمية ومدارس مجتمع وتوعية مجتمعى، والتنمية الاقتصادية، ورعاية الطفولة والأمومة.
تكافل وكرامة وبرنامج مشروعك
وساهمت مبادرة حياة كريمة فى ارتفاع عدد الأسر المستفيدة من برنامج "تكافل وكرامة" إلى 14.3 مليون فرد بتكلفة 19 مليار جنيه عام 2021، وتمثل السيدات 78% من إجمالى المستفيدين، منهم 18% من السيدات المعيلات بتكلفة 3.4 مليار جنيه سنويا، إضافة لتقديم مبادرة حياة كريمة قروض بفائدة بسيطة عبر برنامج "مشروعك" وصندوق التنمية المحلية، لإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر هدفها توفير فرص عمل للشباب والمرأة والمزارعين فى القرى المستهدفة.
القروض الميسرة
وتمكنت المبادرة من رفع قيمة القروض الميسرة إلى 1.4 مليار جنيه تستفيد منه 220 ألف سيدة فى عام 2021، لإنشاء مشروعات للمرأة المعيلة والأرامل والمطلقات وفقا لقدرات كل أسرة كمشروعات صغير، ولم تتوانى فى زيادة إنشاء مراكز إعداد الأسر المنتجة وورش التدريب لتعليم الفتيات كيفية بدء مشروع دون التعرض لمخاطر، كما بادرت المبادرة لتقديم الدعم اللازم للفئات الأكثر احتياجا فى مواجهة جائحة كورونا، والحد من الآثار السلبية لانتشار الفيروس على حياة ومعيشة الآلاف من عمال اليومية والعمالة غير المنتظمة والأرامل والمطلقات وغير القادرين.
المشروعات التنموية
وأدرجت المبادرة قطاعا متنوعا يسمى "المشروعات التنموية" للفئات المستهدفة لتمكينهم اقتصاديا وتوفير فرص عمل مستدامة لهم، منها على سبيل المثال، خطوط إنتاج وتصنيع الإنترلوك، ومراكز لتجميع وتصنيع الألبان، وإنشاء مشاغل لتعليم الفتيات حرف النول والخياطة، ومشاغل يدوية لتصنيع السجاد والكليم اليدوى، ومراكز لتصنيع منتجات النخيل، وورش لتعليم صناعات منتجات الأخشاب… إلخ من المشروعات التنموية المختلفة والمتعددة والتى يتم اختيارها بناء على هوية القرى وثقافة أهلها المهنية ومهاراتهم الحرفية، فالقرى التى يشتهر أهلها بالصيد مثلا تعمل مبادرة حياة كريمة على إنشاء ورش لتعليم وتصنيع مراكب الصيد، وهكذا وفقا لطبيعة المكان وثقافة الأشخاص؛ مما يخلق فرص عمل مستدامة وتمكين اقتصادى واجتماعى لأبناء الريف خاصة الفئات الفقيرة والأكثر احتياجا والعمالة غير المنتظمة.
الاهتمام بذوى الهمم
ومن أجل تخفيف العبء عن المرأة الريفية أيضا عملت وزارة التضامن على تخصيص وحدة اكتشاف مبكر للإعاقة فى قرى حياة كريمة، حيث تم الكشف المبكر على الأطفال أقل من 5 سنوات، لإجراء الفحوصات الشاملة لهذه القرى واكتشاف جميع الأطفال فى هذا السن، وتنفيذ تدخلات مبكرة فى جوانب متعلقة بالتخاطب والجهاز العصبى والحركى للأطفال، كما يجرى إنشاء وحدات للاكتشاف المبكر للإعاقة فى كل القرى المستهدفة، وهذه الخطوة تساهم فى حصر جميع الأشخاص ذوى الإعاقة فى كل القرى المستهدفة، وستكون نواة لقاعدة بيانات لحياة الأشخاص ذوى الإعاقة.
وتعمل وزارة التضامن أيضا على إنشاء المدارس المجتمعية لاستيعاب الأطفال المتسربين من المدارس، والأطفال الذين لم يلتحقوا بالتعليم، لمنحهم فرص تعليمية.
تراجع معدل الفقر
وساهمت المبادرة فى تراجع معدل الفقر بنسبة 11%، وارتفاع عدد القرى التى يتوافر فيها وحدة صحية بنسبة 1.9%، وتحسن مستوى معيشة المواطنين بـ65 نقطة، وزيادة نسبة القرى التى يتوافر فيها خدمات الصرف الصحى بنسبة 9.3%، وزيادة نسبة القرى التى يتوافر فيها مدرسة إعدادى بنسبة 4.2%، والغاز الطبيعى بنسبة 4.5%، وارتفاع نسبة القرى التى يتوافر فيها مراكز شباب الى 3.3%.
وتقدم المبادرة العديد من الخدمات للفئات المستهدفة، ومنها: بناء أسقف ورفع كفاءة المنازل، ومد وصلات مياه وصرف صحى، وتجهيز عرائس وتوفير فرص عمل، وتدريب وتشغيل من خلال مشروعات متناهية الصغر، وتقديم سلات غذائية للأسر الفقيرة، وتوفير البطاطين والمفروشات لمواجهة برد الشتاء، وإطلاق قوافل طبيه للخدمات الصحية، وتنمية الطفولة، فضلا عن مشروعات لجمع القمامة وإعادة تدويرها.
ولم تكتف الدولة بذلك، بل إن الرئيس السيسى أعلن فى نهاية يونيو الماضى أثناء تفقده المعدات المشاركة بالمبادرة، رصد 200 مليار جنيه لكل مرحلة، مشيرا إلى أن الأولوية ستكون للصناعة الوطنية فى تنفيذ المشروع القومى لتطوير القرى.
فى النهاية، فإن مبادرة حياة كريمة ضخمة ومتشعبة وتحتاج إلى دراسات عديدة لرصد حجم الإنجازات فيها، تحاكى أقوى سياسات الحماية الاجتماعية فى العالم، وهو ما حدى بمنظمة الأمم المتحدة إلى إدارج المبادرة ضمن سجل منصة "الشراكات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة" التابعة للمنظمة، مؤكدة أنها ساهمت فى التخفيف من الآثار السلبية لفيروس كورونا وتحسين مستويات المعيشة للفئات الأكثر احتياجا فى البلاد. كما أكد المكتب أن المبادرة تعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة أو أهداف التنمية المستدامة، ونجحت فى توفير فرص عمل من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.