تعد تربية نحل العسل إحدى المهن الزراعية الرئيسية فى الكثير من بلدان العالم، ولا تقتصر أهمية نحل العسل على منتجاته التى نحصل عليها من طوائفه وحسب، بل تمتد لتشمل الحفاظ على حياة البشرية، كما ترجع أهمية قطاع تربية النحل فى الاقتصاد العالمى والأمن الغذائى الدولي، إلى أنه يمثل حوالى 67 % من مجموع اللقاحات، وتساهم فى الانتاجية الزراعية بما قيمته 35 % من الغذاء العالمي.
و صناعة العسل مع «حياة گريمة» دعم للمرأة وصيانة لگرامتها
التعاون مع «سلامة الغذاء» ضرورة لضبط الأسعار وضمان الجودة
نحل العسل يمثل حوالى 67 % من مجموع اللقاحات
كما تمثل القيمة المضافة للنحل فى مجال تلقيح المحاصيل أكثر من 20 ضعف العائد من إنتاج العسل، وهو ما يعنى مساهمته فى إنتاجية المحاصيل الزراعية على تنوعها واختلافها بنسبة كبيرة، فالنحل يعنى الحياة على سطح الكرة الأرضية.
وهو ما خلصت إليه الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية، بإعلانها أن النحل هو أهم كائن حى على سطح الكوكب، لذلك كان حوارنا مع الدكتور محمد فتح الله عبد الرحمن، رئيس قسم بحوث النحل بمعهد وقاية النباتات فى مركز البحوث الزراعية، بهدف التعرف على منظومة إنتاج العسل المصرى وكيف تسير الأمور بها وصادراتنا وجهود وزارة الزراعة، علاوة على كيفية استغلال تربية النحل فى المشروعات القومية الجديدة وغير ذلك.
كيف يستطيع المستهلك التعرف على جودة العسل؟
أود القول هنا بأن المستهلك العادى لا يستطيع أن يعرف جودة العسل لأن ذلك يحتاج إلى أجهزة تحليل واختبارات معملية ومن الصعب القيام بها بواسطة المستهلك أو أن يتحمل تكلفتها بالإضافة إلى تطلب خبرة كبيرة للحكم على جودة العسل؛ لذا يجب على المستهلك أن يحصل على عسل النحل من مصادر موثوق بها تعمل على إنتاج عسل طبيعى مطابق للمواصفات القياسية وتراعى معايير الجودة بداية من الإنتاج والتعبئة والتخزين حتى وصول المنتج للمستهلك، ولعل هذا ما أقصده أيضا من ضرورة وجود تعاون بين قسم بحوث النحل جهاز سلامة الغذاء لضبط السوق وضمان وجود منتجات مطابقة للمواصفات القياسية المصرية.
كيف تساهم مبادرة حياة كريمة فى الارتقاء بمنظومة النحل؟
بداية أود القول بأن مبادرة حياة كريمة التى أطلقها الرئيس السيسى تستهدف القضاء على الفقر وخلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة للفئات الأكثر احتياجا، وبالنظر الى تربية النحل نجد انها مهنه تلائم الرجال والنساء، كما أن دور المرأة فى تربية النحل دورا اجتماعيا واقتصاديا، فتربية النحل فى إطار حياة كريمة دعم للمرأة وصيانة لكرامتها، فمن خلال عملها كمربية نحل تساهم فى اقتصاديات بيتها دون المساس بدورها كأم أو زوجة ويمكنها أن ترتب مواعيد عمل المنحل بما يتناسب مع أوقات فراغها، كما أن منتجات الخلية من عسل وحبوب لقاح وبروبوليس وغذاء ملكات وشمع وسم النحل تستطيع تسويقها بسهولة وسط قريناتها من سيدات البيوت، كما يمكنها إنتاج مكملات غذائية ومواد تجميل وشموع إضاءة ومواد زينة من أصل طبيعى وتكون أكثر أمانا على البشرة والبيئة، فمبادرة حياة كريمة ومن خلال مشروع “ فرصة “ فرصة حقيقية لدعم الأسر المنتجة وتحسين دخلها من خلال فكرة استثمار نحلة.
التحديات التى تواجه منظومة إنتاج العسل فى مصر؟
لا بد من زيادة الاهتمام بهذا القطاع الحيوى لأهميته لقطاع الزراعة حيث إنه يسهم بحوالى 35 ٪ من الغذاء العالمى نتيجة لتلقيح المحاصيل الزراعية خاصة فى ظل المشروع القومى الذى أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، لاستصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان ومشروع الدلتا الجديدة، بالإضافة إلى مشروع المائة ألف صوبة زراعية إيمانا منه بالدور الهام الذى يلعبه القطاع الزراعى كإحدى الركائز الهامة فى تحقيق متطلبات الأمن القومى المصرية، ولا يتأتى ذلك بدون النهوض بنحل العسل ذلك الجندى المجهول الذى هو عصب القطاع الزراعى وتحقيق التنمية المستدامة وما يستتبع ذلك من وجوب زيادة عدد طوائف النحل المرباة فى مصر وإعادة توزيعها على تلك الأراضى الجديدة، ومناطق الزراعات المطرية.
وماذا عن صادراتنا من العسل؟
تتبوأ مصر الريادة فى صادرات طرود نحل العسل بنسبة تزيد عن ربع إجمالى صادرات العالم من هذه الطرود، كما تصدر مصر سنويا حوالى 3000 طن عسل سنويا من أجود أنواع الأعسال التى تتميز بها مصر مثل الشمر والسدر والبردقوش والموالح والبرسيم.
و بالنسبة لمنظومة نحل العسل فى مصر، فهى فى وضع جيد حيث إن مصر تعد الرائدة فى هذا المجال على مستوى المنطقة العربية والشرق الأوسط وإفريقيا، كما أن الإنسان المصرى القديم أول من استأنس النحل وقام بتربيته فى الخلايا التقليدية إسطوانية الشكل، وكانت تصنع من الطين والقش، كما أن قدماء المصريين كانوا أول من قاموا بعملية النحالة المرتحلة، حيث يقومون بوضع خلايا النحل على المراكب ويبحرون بها فى نهر النيل سعيا وراء المرعى المناسب للنحل، كما استطاعوا التعرف من خلال الغاطس من المركب فى الماء أن النحل جمع كمية من العسل، وكلما زاد الغاطس كلما دل ذلك على زيادة كمية العسل المخزنة بالخلايا.
و وضعت الأمم المتحدة 17 هدفًا من الأهداف الإنمائية لتحقيق التنمية المستدامة منها ثمانية أهداف يساهم نحل العسل تحقيقها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، حيث تلعب تربية النحل دورا كبيرا للقضاء على الفقر باعتبارها احد المشروعات الصغيرة للقضاء على البطالة وزيادة الدخل، كما يوجد العديد من الصناعات المغذية والقائمة على تربية النحل والتى تستوعب العديد من الأيدى العاملة، كما يوفر الأمن الغذائى ويعزز الزراعة المستدامة، حيث يمثل نحل العسل حوالى 67 % من مجموع اللقاحات، وتساهم فى الإنتاجية الزراعية بما قيمته 35 % من الغذاء العالمي، كما تمثل القيمة المضافة للنحل فى مجال تلقيح المحاصيل أكثر من 20 ضعف العائد من إنتاج العسل، وبدون النحل سيكون من المستحيل على ال«فاو» تحقيق هدفها الرئيسى وهو القضاء على الجوع فى العالم.
كما يعزز النحل من النمو الاقتصادى المتزايد الشامل والمستدام، كما يعمل على تحسين الجودة للمحاصيل خاصة الفاكهة وزيادة مدة الصلاحية والقيمة التسويقية والتصديرية والقدرة التنافسية لها.
كما يضمن أنماط إنتاج واستهلاك مستدامة، حيث تعد مشروعات نحل العسل من المشروعات الزراعية الناجحة، لأنها مشروعات منخفضة التكاليف ولا تحتاج لرأس مال كبير وذات عائد عالي، بالإضافة لسرعة دورة رأس المال مع الحفاظ على الطوائف وزيادة عددها، كما يظهر دوره الكبير فى مواجهة التغيرات المناخية ومجابهة آثارها ؛ حيث يساهم النحل بدوره فى الحفاظ على الغطاء النباتى والرقعة الزراعية وبالتالى تقليل ظاهرة التصحر، وكذا إدارة الغابات على نحو مستدام.
كما يعمل النحل على وقف فقدان التنوع الحيوي، حيث يسهم فى إنتاجية المحاصيل الزراعية على تنوعها واختلافها وكذا المساعدة فى عمليات التحسين الوراثي، بالإضافة إلى دوره فى المحافظة على التنوع الحيوى للنباتات البرى ة وذلك فى ظل انخفاض تعداد الحشرات البرية الملقحة كما يعد النحل مؤشرا للأوضاع البيئية فى أى منطقة.